في سماء كوكب خارجي لا يُعرف عادةً بوجود ظواهر مثيرة، اكتُشفت للتو ظاهرة خلابة ومذهلة تزيّن بالفعل الغلاف الجوي لكوكبنا. عاليًا في طبقات الجو المليئة بالمعادن للكوكب المعروف باسم (WASP-76b)، وجد علماء الفلك أدلةً على ظهور هالة ضوئية متعددة الألوان تُعرف باسم «جلوري» (glory)، لم يسبق أن شوهدت خارج النظام الشمسي أو داخله، باستثناء كوكبي الأرض والزهرة.

تتميز هذه الظاهرة بوجود مركز مشرق ولامع، مُحاط بعدد من الدوائر متعددة الأقطار ذات مركز واحد. يتطلب ظهور مثل هذه الظاهرة ظروفًا خاصة. إذ يتطلب الأمر أن يسطع الضوء على سحب ضبابية من القطرات متماثلة الحجم تقريبًا. على هذا فقد يخبرنا وجود هذه الظاهرة على كوكب (WASP-76B) شيئًا عن غموض هذا العالم الغريب.

يقول عالم الفلك أوليفر ديمانجيون من معهد الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء بالبرتغال: «يوجد سبب قوي لنُدرة هذه الظاهرة سواء ضمن النظام الشمسي أو على الكواكب الخارجية. تحتاج أولًا إلى أن يحتوي الغلاف الجوي جسيمات كروية بشكل مثالي تقريبًا، ومتجانسة تمامًا ومستقرة بشكل كافٍ لتُلحظ على مدار فترة طويلة».

ثانيًا، يجب أن يسقط الضوء مباشرةً على الكوكب من نجمه القريب، مع وجود الراصد في الزاوية الصحيحة، وهو في هذه الحالة القمر الصناعي للكواكب الخارجية (Cheops).

يُعد كوكب (WASP-76b) مفضلًا لدى علماء الكواكب، إذ يدور حول نجم أبيض مائل للاصفرار أكبر قليلًا من الشمس، ويقع في كوكبة الحوت التي تبعد نحو 640 سنة ضوئية عن الأرض. ومداره حول النجم ضيق للغاية، إذ يُتم دورته خلال 1.8 يومًا فقط، ما يعني أن الكوكب شديد الحرارة بما يفوق 2400 درجة مئوية، وهذا كاف لتبخر الحديد. ما يؤدي إلى وجود الحديد في الغلاف الجوي.

تعادل كتلة (WASP-76b) نحو 90% من كتلة كوكب المشتري، لكن حجمه يصل إلى 185% من حجم كوكب المشتري.

عند مرور الكوكب أمام نجمه، يستطيع علماء الفلك النظر داخل غلافه الجوي. حتى الآن، إضافةً إلى الحديد، ميز العلماء وجود الصوديوم والكالسيوم والكروم والليثيوم والهيدروجين والفاناديوم والمغنزيوم والنيتروجين والمنغنيز والبوتاسيوم والباريوم.

إنه أحد أكثر العوالم رصدًا ومتابعةً في المجرة. ومع كل هذا الفحص، لاحظ العلماء شيئًا غريبًا يتعلق بسطوع الكوكب الخارجي. في بيانات القمر الصناعي (Cheops) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، لاحظ العلماء سطوعًا شديدًا في الشفق الشرقي، الخط الفاصل لتعاقب الليل والنهار.

قال أوليفر: «للمرة الأولى يُكشف تغير حاد كهذا في درجة سطوع كوكب خارجي. يقودنا هذا إلى افتراض أن هذا البريق غير المتوقع قد يكون ناجمًا عن انعكاس قوي محلي متباين الخواص، إذ يعتمد على الاتجاه، ما يُعرف بتأثير جلوري».

لكن الإشارة ضعيفة للغاية، ويتطلب الأمر مزيدًا من العمل لتأكيد أن ما نراه على كوكب (WASP-76b) هو حقًا ظاهرة جلوري. إذا كان الأمر كذلك، فسيكشف ذلك شيئًا جديدًا عن تكوين الطبقات العليا للغلاف الجوي لكوكب خارجي.

بتحليل 23 ملاحظة على مدى ثلاث سنوات، اتضح أن قطرات الرذاذ الكروية يجب أن تكون موجودة باستمرار في سحب الكوكب الخارجي، أو أنها تتجدد بوتيرة منتظمة. ما يتطلب ظروف درجة حرارة مستقرة على المدى البعيد في الغلاف الجوي لكوكب (WASP-76b).

إذا اتضح أن هذه الظاهرة هي «جلوري» هائلة، فسيحتاج العلماء إلى إعادة نمذجة الغلاف الجوي للكوكب، لتحديد الظروف التي تدعم وجود هذه الظاهرة.

قد يكون لهذا الاكتشاف آثار بعيدة المدى أيضًا. من شأن تحديد ظاهرة جلوري على كوكب (WASP-76b) أن يمنح العلماء مخططًا للبحث عن الظاهرة ذاتها على كواكب خارجية أخرى. وقد تؤدي القدرة على تقليص نطاق التغيرات في الضوء إلى اكتشاف ميزات أخرى، مثل ضوء النجوم المنعكس عن المسطحات المائية كالمحيطات والبحار، مثل طريقة انعكاس لمعان ضوء الشمس عن محيطات الأرض.

اقرأ أيضًا:

مجرة صغيرة تدور حول مجرتنا في الفضاء، لكنها مختلفة عما نعتقد!

رصد نهر مذهل من النجوم يتدفق عبر الفضاء

ترجمة: سليمان عبد المنعم

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر