يعد النفط شريان الحياة للعالم المعاصر، ومحرك الاحتراق الداخلي؛ إذ ضخت آبار النفط حول العالم في عام 2022 ما يقرب من 100 مليون برميل من الأرض يوميًا، واستهلكت الدول القدر نفسه.

الوقود الأحفوري مثل الغاز الطبيعي والنفط غير متجدد، فقد تشكّل منذ ملايين السنين خلال عملية التحلل البطيء للنباتات والمواد العضوية الأخرى تحت تأثير ضغط هائل؛ إذ سوف تستغرق هذه العملية ملايين السنين الأخرى لإنشاء احتياطي جديد في ظل المعدل الحالي للاستهلاك العالمي.

إذن، متى سينفد النفط؟

نظرية قمة هوبرت:

مما لا شك فيه أنه لا يمكننا استخراج واستنزاف مخزون كوكب كامل من النفط من بئر واحدة فقط؛ إذ يوجد عدد لا يحصى من آبار النفط على سطح الأرض، بعضها نشط، وبعضها جف منذ فترة طويلة.

يتبع كل بئر نفط منحنى الإنتاج الجرسي؛ إذ يرتفع الإنتاج ويستقر، ثم ينخفض إلى لا شيء على مدى سنوات عدة. يُعرف هذا المنحنى بمنحنى هوبرت، الذي اقترحه الجيولوجي ماريون كينج هوبرت في عام 1956.

إضافة إلى ما سبق، أجرى هوبرت استقراء لمنحنى إنتاج النفط العالمي، فقد تكتشف شركات النفط من خلاله حقول النفط الكبيرة التي يسهل استغلالها أولاً، ثم تنتقل إلى حقول النفط الأصغر والأعمق عندما تنخفض مستويات الحقول الكبيرة.

تسمح التكنولوجيا الجديدة أيضًا بتحويل رواسب النفط غير المستغلة سابقًا إلى احتياطيات قابلة للاستعمال من الوقود الأحفوري؛ إذ يتنبأ المنحنى الإجمالي بأن الإنتاج العالمي سوف يرتفع ويبلغ ذروته ثم ينخفض.

لكن قبل أن يبدأ هذا الانخفاض التدريجي، سنصل إلى نقطة تعرف باسم ذروة النفط. تخيل إبريقًا زجاجيًا مليئًا بالقهوة، ثم تخيل أنك تسكب كوبًا تلو الآخر من دون جهد حتى تبدأ القهوة بالتدفق. في النهاية، سيتعين عليك إمالة الإبريق بشدة لإفراغ آخر كمية متبقية فيه.

وهكذا فإن ذروة النفط تمثل آخر كوب ممتلئ قبل بدء الانخفاض النهائي. لذلك يستمر الطلب في النمو، في حين تتضاءل احتياطيات النفط غير المتجددة على الأرض.

لماذا لم نصل إلى ذروة إنتاج النفط؟

إن ما غاب عن مؤيدي نظرية ذروة إنتاج النفط هو أن العرض والطلب على النفط سيتغيران على نحو كبير خلال القرن الحادي والعشرين؛ إذ إن التقدم التكنولوجي في طرق استخراج النفط مثل التكسير الهيدروليكي يؤدي إلى تحرير النفط الصخري، ما يعني زيادة المعروض من النفط في الولايات المتحدة فعليًا.

أصبح لدينا الآن فهم أفضل بكثير لتأثير حرق الوقود الأحفوري في التغير المناخي، فقد أدى الاحتباس الحراري إلى ارتفاع الطلب على مصادر الطاقة المتجددة وأنواع الوقود البديلة.

تقدر وكالة الطاقة الدولية أننا قد نصل إلى ذروة الطلب على النفط في عام 2028، بسبب عوامل تشمل ارتفاع الأسعار وزيادة عدد السيارات الكهربائية.

وفقًا لتوقعات الطاقة الدولية لعام 2021، توقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) استمرار إمدادات النفط العالمية في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة حتى عام 2050 على الأقل.

وفي بيان إدارة معلومات الطاقة، أشارت إلى ما يأتي: «تسود حالة من عدم اليقين بشأن مستويات العرض والطلب على الوقود السائل في المستقبل، بعد عام 2050».

ماذا سيحدث عندما ينفد الوقود الأحفوري؟

عندما غزت روسيا أوكرانيا في فبراير 2022، أصبحت الدول التي كانت تعتمد في السابق على روسيا للحصول على النفط تشعر بما قد يكون عليه الحال عندما تعيش في حالة انخفاض إمدادات النفط، فضلًا عن ارتفاع أسعار الوقود ارتفاعًا كبيرًا، ما أدى إلى مواجهة مناطق عدة لانقطاع التيار الكهربائي. ففي سريلانكا أُغلقت المدارس بسبب محدودية إمدادات الوقود اللازمة لإبقاء المستشفيات مفتوحة.

إن وجهات النظر الأكثر تفاؤلاً لعالم ما بعد الذروة النفطية الذي لا مفر منه تتطلب استعدادًا أكبر؛ إذ يمكن تقليل تأثير نقص النفط من خلال تقليل اعتمادنا على الوقود الأحفوري.

تؤدي مصادر الطاقة البديلة والوقود الحيوي المتجدد دورًا حاسمًا في هذه التوقعات المستقبلية، بل إن بعض المعلقين يذهبون إلى حد رؤية النقص في النفط في نهاية المطاف بوصفه عامل استقرار في السياسة العالمية.

لا يمكن لإمدادات النفط العالمية أن تلبي المعدل الحالي للطلب العالمي على النفط إلى الأبد، ما يستلزم إيجاد مصادر جديدة للطاقة وتغيير أساليب الاستخدام.

حتى لو سمحت لنا التكنولوجيا بحصد كل قطرة من النفط في الكوكب، فإن ارتفاع الأسعار والتأثيرات المناخية سوف تستلزم تغييرًا واسع النطاق قبل وقت طويل من نفاد النفط فعليًا.

الأسئلة الشائعة فيما يتعلق بقضية نفاد النفط:

هل سينفد النفط يومًا ما؟

يُعد النفط موردًا محدودًا ما يعني أنه سينضب في نهاية المطاف في المستقبل. على الرغم من استخراج ملايين البراميل كل عام، فإن حلول المستقبل بدون النفط أصبح أقرب مما نعتقد.

ماذا سيحدث عندما ينفد النفط؟

قد يؤدي نضوب النفط إلى نهاية العولمة نظرًا لكونه أحد أكثر السلع تداولًا. حتى لو تمكنا من حصاد كل قطرة من النفط على الأرض، فإن قضية العرض والطلب ستجعل من الصعب على معظم الناس تحمل تكاليفه، وستكون هناك زيادة هائلة في الطلب على البدائل المتجددة للنفط مثل الوقود الحيوي.

ما الذي سيحل محل النفط في المستقبل؟

سيُستبدل النفط بمصادر الطاقة البديلة. مثل: الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وطاقة المد والجزر، والمحطات النووية والكهرومائية. وسيصبح الوقود الحيوي أيضًا عنصرًا أساسيًا في صناعة السيارات.

إلى متى ستستمر إمدادات النفط العالمية؟

من الصعب تحديد مقدار النفط المتبقي بالفعل على الكوكب، فهناك خلاف كبير حيال الموعد المحدد لنفاد النفط، على الرغم من ذلك، بدءًا من عام 2023، من المفترض وجود ما يكفي من النفط لتلبية الطلب العالمي لمدة 27 عامًا آخر على الأقل.

اقرأ أيضًا:

كيفية التنقيب عن النفط واستخراجه

كيف تشكل النفط؟ لا علاقة للديناصورات بالموضوع

ترجمة: يوسف الشيخ

تدقيق: ريمي سليمان

المصدر