قبل انطلاق الطيارين إلى السماء الحقيقية، يجب عليهم إتقان التحليق افتراضيًا أولًا. لحسن الحظ أن ذلك ممكن، فجهاز محاكاة الطيران يحاكي الرحلة جويًا، في طقسها المتقلب والمضطرب؛ ليتمكن الطيارون من التدرب وهم في أمان على الأرض.

ثبّت الباحثون في المختبر الوطني للطاقة المتجددة (NREL) مؤخرًا تقنية يمكنها محاكاة بيئة متقلبة ومضطربة أخرى وهي: المحيط.

أداة المختبر المعروفة بمنصة الحركة ذات السعة الكبيرة (LAMP) شبيهةٌ بمحاكاة الطيران، لكنّها مُخصصة لتقنيات الطاقة المستخدمة في عرض البحر، وباستخدام LAMP، يمكن أن يتعرف الباحثون على كيفية سلوك أجهزة طاقة الأمواج وتوربينات الرياح البحرية والألواح الشمسية العائمة، وذلك من منطقة آمنة غير ساحلية مثل كولورادو.

تقول روبيرتا فاو الباحثة المهندسة في مجموعة تقنيات طاقة المياه في (NREL): «إن أداة LAMP يمكنها أن تحرك معدات المحيطات بنفس الطريقة التي يمكن للمحيط أن يحركها بفعل ارتفاع الأمواج وانخفاضها».

تُعد التجارب في عرض البحر خطوة حاسمة في رحلة تطوير التكنولوجيا البحرية من المفهوم إلى التسويق، ومع ذلك، قد تستغرق هذه التجارب وقتًا طويلاً وتكلفة باهظة، إضافةً إلى المخاطر الكبيرة المرتبطة بها.

فإذا تغيّر الطقس أو حدث عطل في جزء من الجهاز، فإن ذلك يستدعي من المطورين استثمار وقت ومال وجهود كبيرة؛ لإرسال قوارب إنقاذ وغواصين لإصلاح التلف أو إنقاذ الجهاز من الأمواج الشديدة.

ومع ذلك، يمكن لبرنامج LAMP المدعوم من مكتب تقنيات الطاقة المائية التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، والذي تم تثبيته في يونيو 2023، مساعدة المطورين في اكتشاف العيوب المحتملة قبل أن يخضع جهازهم لاختبارات البحر المحفوفة بالمخاطر.

صُنعت أداة LAMP بواسطة E2M في هولندا، وتبدو تقريبًا مثل مركبة قمرية مع منصة واسعة متعددة الأرجل، يمكن استخدام هذه التقنية إما في الداخل أو في الخارج في الهواء الطلق. وتدعم أجهزةً يصل وزنها إلى 1000 كيلوغرام مع جهاز يستعمل في عرض البحار مثبت في الأعلى.

تُحاكي LAMP حركات المحيط بست درجات من الحرية، ما يعني أنها يمكن أن تتحرك في ست اتجاهات مثل العواصف والدوامات في المحيط وأمواج المحيط الشديدة التي يصل ارتفاعها إلى 8 أقدام.

ويمكن لهذه التكنولوجيا أن تحوّل كل هذه الحركات التي تحدث في وقت حقيقي لمحاكاة البيانات المأخوذة من مواقع في المحيطات الفعلية بدقة.

تقول فاو: «قبل LAMP كنا عادةً نُجري اختبارات جافة باستخدام دينامومترات».

تُعد الدينامومترات آلات ضخمة يمكن المطورين التكنولوجيين استخدامها لاختبار أجهزتهم مثل المولدات وتعريضها لقوى مشابهة لقوى المحيطات، بهدف تحديد قدرتها على العمل والاستمرارية في هذه الظروف.

ومع ذلك، فإنَّ الباحثين غيرُ قادرين على اختبار كل جزء من الجهاز باستخدام الدينامومترات فقط. وبالإضافة إلى ذلك، تُعد أداة LAMP أفضل محاكٍ لقوى المحيطات، ويمتلك NREL محاكيًا آخر لقوى المحيطات وهو خزان أمواج، لكن هذه الأداة مصممة لنماذج أصغر.

باستخدام LAMP، يستطيع الباحثون اختبار أجهزة كبيرة الحجم بشكلٍ كامل، إضافة إلى ذلك، تستخدم بعض الحيل مثل محاكاة خزان الأمواج لإجراء محاكاة للمحاكاة عبر تطبيق يحاكي موجات الخزان، لكن أفضل خصائص LAMP هي حجمها.

قال المهندس الميكانيكي ديل سكوت جين، العامل في مجموعة الطاقة المائية التابعة لشركة NREL: «نأمل بسدِّ هذه الفجوة بين الخزان الصغير والمحيط باستخدام تقنية LAMP».

سيكون جين واحدًا من أوائل المستخدمين لتقنية LAMP، وسيراقب جودة عمل محول طاقة الموجات ويمكنه تحويل مياه المحيط إلى ماء نظيف صالح للشرب.

قبل حوالي عقد من الزمان، كان كريك دريسكول -أحد كبار المهندسين في NREL- يعمل للحصول على منصة حركة للمختبر، وبمجرد أن نجح مطورو الطاقة البحرية في بناء أول نماذجهم الأولية الصغيرة، قال: «هناك حاجة واضحة إلى اختبار مثل هذه الأنظمة في بيئة تخضع للرقابة قبل استخدامها في المحيط».

الآن، بفضل وجود LAMP وخزّان الأمواج ومقاييس الدينامومتر، يمكن لمرافق NREL تلبية هذه الحاجة.

إذا نجح النموذج في اختبارات LAMP، فهو من المرجح أن يكون ناجحًا في البحر أيضًا. وإذا لم يتمكن من ذلك، يستطيع المطور تعلم كيفية تحسين التصميم وبناء نسخة أفضل وأكثر متانة قبل المغامرة في البحر.

قال فاو: «ستسمح تقنية LAMP بتصميم محاكاة بنهج أكثر اكتمالًا ويمنح الباحثين القدرة على ضبط جوانب تقنياتهم، لكن بطريقة شاملة منخفضة المخاطر».

اقرأ أيضًا:

محاكاة باستخدام التعلم الآلي تتوقع طورًا جديدًا من الهيدروجين الصلب

صالحية الأرض للحياة اليوم ترجع للحظ، هذا ما أظهرته ملايين عمليات المحاكاة

ترجمة: يوسف عبد الكريم الشيخ

تدقيق: غفران التميمي

المصدر