اكتشف الباحثون زيادةً في سرعة دوران المريخ، واستخدموا قياسات إشارات الراديو الدقيقة جدًا والبيانات من مركبة إنسايت المتقاعدة من أجل حساب التسارع بالميلي ثانية القوسية سنويًا.

إضافةً الى ذلك، استُخدمت أيضًا بيانات إنسايت لإجراء ملاحظات جديدة حول اهتزاز المريخ، الذي ينجم عن النواة السائلة للكوكب.

تستمر مركبة إنسايت على سطح المريخ بالعطاء على الرغم من انتهاء مهمتها في أواخر العام الماضي، فما تزال البيانات التي ترسلها المركبة إلى الأرض تقدّم منافذ جديدةً ومثيرةً لاستكشاف الكوكب الأحمر.

مؤخرًا اكتشف الباحثون الذين يدرسون بيانات إنسايت أن دوران المريخ يتسارع، لذا فإن معدل الدوران يزداد فقط بحوالي 4 ميلي ثانية قوسية سنويًا، لكن يبدو أن أيام المريخ بالتأكيد أصبحت أقصر.

نشر الفريق تفاصيل هذا الاكتشاف في مجلة نيتشر Nature.

لم يكن جمع البيانات اللازمة لرصد هذا التغيير عمليةً سهلةً. يقول سيباستيان لو ميستر، الكاتب الرئيسي للبحث في المرصد الملكي في بلجيكا: «ما نبحث عنه هو التغييرات التي تُقدّر ببضع عشرات من السنتيمترات فقط على مدار سنة مريخية. يستغرق الأمر وقتًا طويلاً جدًا والكثير من البيانات المتراكمة قبل أن نتمكن حتى من رؤية هذه الاختلافات».

استخدم المشروع أول 900 قياس لمركبة إنسايت على سطح المريخ وهو إطار زمني طويل بما يكفي لرصد التغييرات بمقدار ميلي ثانية قوسية سنويًا، ووضع لوحة أدوات تجربة الدوران والهيكل الداخلي للمركبة (RISE) الخاصة بمركبة الهبوط تحت المراقبة.

استخدمت وكالة ناسا شبكة الفضاء العميق لإرسال حزمة من موجات الراديو نحو مركبة إنسايت الموجودة على المريخ. وعندما وصل الشعاع عكست لوحة RISE الشعاع إلى الأرض عندها فحص الباحثون الشّعاع بحثًا عن تغييرات طفيفة في التردد. سمحت تلك التغييرات في التردد للباحثين برصد التغيرات في سرعة دوران المريخ.

بمجرد التأكد من أن التغييرات تعود إلى سرعة الدوران وليست تلوثًا (إذ يمكن تغيير تردد الراديو بواسطة عوامل، مثل الماء في غلافنا الجوي أو الرياح الشمسية)، سيتمكن الباحثون من رؤية تغيير السرعة بوضوح أكبر.

يقول بروس بانردت؛ الباحث الرئيسي في مركبة إنسايت، في بيان صحفي: «من الرائع حقًا أن نتمكن من الحصول على هذا القياس الأخير، وبدقة كبيرة جدًا. لقد شاركت في الجهود الرامية لإرسال محطة جيوفيزيائية مثل إنسايت إلى المريخ لفترة طويلة، ونتائج مثل هذه تجعل كل تلك العقود من العمل تستحق العناء».

في الوقت الحالي، مايزال سبب هذا التغيير غامضًا، لكن لدى الباحثين بعض النظريات، بما في ذلك وجود الجليد بكميات أكبر في القطبين أو ما يُسمى بـ «الارتداد بعد الجليدي»، إذ يمكن للأرض التي كانت مدفونةً تحت طبقات من الجليد في وقت سابق أن ترتفع بمجرد اختفاء هذا الجليد. كل من هذه الظروف من شأنها أن تغير التوزيع الشامل لكتلة الكوكب، ما يؤدي بدوره إلى تغيّر دورانه.

إضافةً إلى كل هذا، تمكن الباحثون من إجراء قياسات مختلفة تمامًا باستخدام بيانات RISE. لقد سجلوا تمايل المريخ، الذي يحدث نتيجةً لتدفق المواد المنصهرة في نواته السائلة. سمح هذا القياس الدقيق للعلماء بالحصول على فهم أفضل لحجم وشكل وتكوين نواة الكوكب.

يقول أتيليو ريفولديني؛ أحد مؤلفي الورقة البحثية، في المرصد الملكي في بلجيكا: «تشير بيانات RISE إلى أن شكل النواة لا يمكن تفسيره بسبب دورانها وحده. يتطلب هذا الشكل مناطق ذات كثافة أعلى أو أقل قليلاً مدفونةً في أعماق الوشاح».

اقرأ أيضًا:

كم من الوقت تستغرق الرحلة إلى كوكب المريخ؟ وما العوامل التي تؤثر فيها؟

هل ستتدفق المياه على سطح المريخ مرة أخرى في المستقبل؟

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر