الكولاجين هو البروتين الأكثر توافرًا في جسم الإنسان. إنه جزء من النسيج الداعم الذي يحافظ على مرونة الجلد ويدعم الغضروف الذي يمتص الصدمات في المفاصل.

تقل وفرة هذا البروتين عندما نتقدم في السن، تقول الأستاذة المساعدة والطبيبة نازانين سعيدي، مديرة مركز جيفرسون لجراحة الليزر والعلاجات الجلدية التجميلية في فيلادلفيا: «يهدَم الكولاجين بمرور الوقت. وما نملكه من الكولاجين الآن أقل حتمًا مما كان لدينا في طفولتنا».

إن تأثير نقص الكولاجين مع تقدم السن واضح. إذ يترهل الجلد ويبدو محفورًا بالخطوط والتجاعيد. أما المفاصل فتصبح أكثر عرضةً للالتهابات وحدوث الإصابات.

أثمرت جهود العلماء باستعادة الكولاجين وإعطاء مظهرٍ أكثر شبابًا ومفاصل أقوى في تحويل صناعة المواد الكولاجينية المكملة للغذاء إلى مكسب كبير للشركات يعود بأرباحٍ سنوية تُقدر بمليارات الدولارات. لكن، هل هذه المكملات المحفوظة في الزجاجة تحافظ على شباب دائم، أم أنها ليست أكثر من ترويج تسويقي؟

الكولاجين في الجلد

يحافظ الكولاجين الطبيعي الذي تنتجه أجسامنا على نضارة جلدنا وشباب مظهرنا. هل تستطيع عبوةٌ من الصيدلية أن تفعل الشيء نفسه؟ تقول سعيدي: «لو طرحنا هذا السؤال منذ ثلاث أو أربع سنواتٍ، لقال الناس إن الأمر سخيف. ولكن أصبح الأمر شائعًا مع زيادة البيانات التي تأتي من نتائج تناول الكولاجين، ويرى الباحثون تحسّنًا واضحًا في الجلد».

هل تفيد مكملات الكولاجين الجلد والمفاصل؟ - هل تحافظ مكملات الكولاجين على شباب دائم؟ - فوائد أدوية الكولاجين للجسم - وظيفة الكولاجين

ينشّط الكولاجين خلايا الأرومات الليفية في الجلد، ما يحفز إنتاج بروتيني الكولاجين والإيلاستين الذي يعطي الجلد صفة المرونة. أكد الباحثون في الدراسات أن من أخذ الكولاجين لبضعة أشهر؛ وجد بعض التحسّن في تجاعيد وجهه وجفاف جلده.

لكن سعيدي تقرُّ أن »البيانات ضعيفةٌ حقًا«. فقد قالت إن العلاجات الجلدية الأخرى التي تدعم اصطناع الكولاجين في الجسم تملك أدلّةً أقوى على تعزيز إنتاجه، بما فيها العلاج ب Retin-A، وإعادة التسطيح بالليزر.

الكولاجين في المفاصل

يدخل الكولاجين في تركيب الغضروف المفصلي، وهو النسيج الذي يغطي نهاية العظام عند المفاصل ويسمح لها بالتحرك على نحوٍ زلق بعكس اتجاه بعضها. تقول أستاذة الطب المتميزة وأمراض الروماتيزم والشيخوخة في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، نانسي إي لين: «بما أن الغضروف يتلف في مرض هشاشة العظام، ظنّ البعض أن إعطاء الكولاجين سيساعد في نمو الغضروف من جديد، لكنه لن يفعل».

هناك دليل ضئيل يظهر أن الكولاجين يفيد في حالة التهاب المفاصل. يجدر بالذكر أن كثيرًا من تلك الدراسات ليست متقنة التصميم، وحتى أفضلها لم تؤكد أن مكملات الكولاجين قادرة على الحد من تناقص النسيج الغضروفي، أو تخليص المريض من ألم الالتهاب.

ومع ذلك، لن يؤذيك تناول الكولاجين إذا أردت التجربة. تقول لين: «إذا كانت تساعد فالأمرُ حسنٌ، ولكنها لن تساعدك على منع تخرب المفصل». قد يفيدك العلاج الفيزيائي وتمارين المشي والسباحة في تقوية العضلات حول المفصل أكثر من فوائد تلك المكملات، والأفضل أن تستفيد من المسكنات الموضعية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات (NSAIDs) لتخفيف الألم والالتهاب.

أنواع الكولاجين

تصنع أجسامنا 16 نوعًا من الكولاجين، معظمها الأنواع الثلاثة الأولى. يوجد النوع الأول في الجلد والأوتار والعظام، ويتركز النوع الثاني في الغضاريف، أما الثالث في الجلد والعضلات.

تأتي مكملات الكولاجين بأشكال مختلفة، اعتمادًا على طريقة تحضيرها فقد تكون على شكل جيلاتين أو منحلة بالماء أو قد تكون سلاسل الجزيء البروتيني معالَجةً ومفككة عن بعضها.

يُحضَّر الجيلاتين بالطهي أي أنه يعالَج بالحرارة لتتجزّأ البروتينات الكبيرة إلى قطع أصغر. أما الكولاجين المنحل في الماء يُجزَّأ إلى سلاسل من الأحماض الأمينية. ولا يُهدَم الكولاجين غير المعالج.

تقول الأستاذة سعيدي: «أجريت معظم الأبحاث على الكولاجين المنحل بالماء، ويمكن للجسم امتصاص الشكل المنحل بالماء بسهولة».

يُستخلص الكولاجين المستخدم في الأدوية من مصادر حيوانية: من الأبقار والخنازير والكائنات البحرية مثل قنديل البحر والإسفنج وأسماك القرش وغيرها. وهناك الكولاجين النباتي لكن الأستاذة سعيدي لا تحبذه، تقول: «بعض منتجات الكولاجين النباتية لا تحتوي على الكولاجين الحقيقي لذا أنصح المرضى بتجنب استهلاكه». بالإضافة إلى تركيز معظم الأبحاث على الكولاجين الحيواني ونادرًا ما تتطرق للنباتي.

هل الكولاجين آمن؟

تقول سعيدي إن مكملات الكولاجين آمنة عمومًا. فالآثار الجانبية المترافقة مع تناولها قليلة الخطر مثل اضطراب المعدة والإسهال.

المشكلة أن الكولاجين حاله حال المغذيات الأخرى، لا يخضع لمراقبة منظمة الغذاء والدواء الأمريكية. هذا يعني أن هناك فروقاتٍ كبيرة في الجودة والمكونات من عبوة إلى أخرى.

هل يجب أن تجرب الكولاجين؟

إذا كنت تود تجربة الكولاجين لأجل بشرتك أو مفاصلك، فلا يضر ذلك. لكن لا تتوقع نتائج مثيرة بمجرد شرائك للمنتج. سترى تحسنًا بسيطًا في أفضل الاحتمالات فقط.

يجب على مرضى التهاب المفاصل أن يطلبوا مشورة الطبيب المختص بالروماتيزم قبل أخذه، تؤكد الدكتورة لين على ذلك لمراقبة مرضهم.

تنصح سعيدي من يقرر شراء مكملات الكولاجين بألّا يضيع نقوده على النوع الأثمن، فأي منتجٍ منحل بالماء (hydrolyzed) سيفي بالغرض.

اقرأ أيضًا:

الكريمات المضادة للتجاعيد، حقيقة فعالة أم كذبة تجارية؟

تمارين تزيل التجاعيد بشكلٍ طبيعي

ترجمة: ليلى حمدون

تدقيق: لبنى حمزة

مراجعة: تسنيم المنجد

المصدر