أكّد الباحثون لأول مرة التصادمات التي تحصل بين النجوم النيوترونية والثقوب السوداء ، إذ يُؤدي حدث كهذا إلى صدور كمٍ هائلٍ من الطاقة تبقى آثاره ظاهرة مليارات السنين في الفضاء. ساعد تعاون آلاف الباحثين حول العالم على إثبات هذه الظاهرة مرتين حتى الآن، وفي الدراسة الجديدة، رصد الباحثون الأمواج الثقالية التي صدرت عن هذه التصادمات. الجدير بالذكر أن الباحثين سجلوا التصادمين في شهر يناير من عام 2020.

وعلق روري سميث، الفيزيائي من جامعة موناش، قائلًا: «هذه النتائج تُعتبر خطوةً عظيمة في الفيزياء الفلكية ودراسة الأمواج الثقالية».

مضيفًا: «إن ظاهرة تصادم النجوم النيوترونية بالثقوب السوداء تُعتبر من أشد الظواهر غرابة. وفي السياق ذاته، فإن فهمها سيساعدنا على إيجاد العديد من البيانات حول الكون».

تأكيد التصادمات الحاصلة بين النجوم النيوترونية والثقوب السوداء - رصد العلماء تصادم بين ثقب أسود ونجم نيوتروني وما نتج عنه من الأمواج الثقالية

سرعة اكتشاف هذه التصادمات -التي سُميت GW200105 و -GW200115 تؤكد أن دراسة الأمواج الثقالية تتطور بسرعة يومًا بعد يوم.

وخلال السنوات الخمس من اكتشاف وتأكيد وجود الأمواج الثقالية، تمكن الباحثون من رصد العديد من الظواهر التي تصدرها. وبالمُجمل، فقد رصد الباحثون ما يعادل 50 ظاهرة تصادم فلكي تصدر هذه التموّجات في نسيج الزمكان.

مع أن الباحثين رصدوا العديد من الإشارات سابقًا التي تُلمّح إلى وجود هكذا تصادمات بين النجم النيوتروني والثقب الأسود NSBH Binary، فإن إثبات وجوده كان محل شك.

وفي يناير من عام 2020، بالتعاون بين الباحثين من مراصد الموجات الثقالية LIGO و Virgo، رُصدت الموجات الثقالية التي توافقت مع تصادم بين ثقب أسود ونجم نيوتروني، إذ أكد المشاركون في الدراسة أن هذه البيانات تُعتبر الأولى من نوعها لإثبات هكذا ظاهرة فلكية.

رُصد التصادم الأول GW200105 في 5 يناير 2020 بين ثقب أسود تصل كتلته إلى 9 أضعاف كتلة شمسنا ونجم نيوتروني تعادل كتلته 1.9 كتلة شمسنا. وبالرغم من التقاط الأجهزة الموجات الثقالية المُنبعثة من التصادم في هذا الوقت، فإنه قد حصل منذ ما يقارب 900 مليون سنة.

في السياق نفسه، فإن التصادم الثاني GW200115 الذي رُصد في 15 من يناير 2020، الحاصل بين ثقب أسود كتلته تعادل 6 أضعاف كتلة شمسنا ونجم نيوتروني كتلته تعادل 1.5 كتلة شمسنا، يعود إلى مليار سنة.

علقت سوزان سكوت الباحثة في جامعة أستراليا الوطنية قائلة: «هذه التصادمات تركت أثرها في الكون عبر هذه الموجات التي ما تزال تتنقل في الفضاء».
وتكمل حديثها: «هذه التصادمات ليست كأي تصادمٍ يحدث لجرمين فضائيًا، بل إن الأمر أشبه بابتلاع الثقب الأسود للنجم النيوتروني».

بفضل قدرتنا على رصد الموجات الثقالية المنبعثة من هذه التصادمات، فإننا وأخيرًا تمكنّا من إثبات وجودها. وبالرغم من تأكيد وجودها الآن، فإن العديد من الأسئلة ما تزال قائمة.

فقد صرحت الفلكية مايا فيشباخ من جامعة نورث ويسترن: «الآن بتنا نعلم بوجود هذه الظواهر بين الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية، ولكن توجد العديد من الأسئلة التي ما تزال قيد الإجابة عن حجم هذه الأجرام وسرعة دورانها وكيفية تصادمها، لكننا نأمل ببياناتٍ مستقبلية تساعدنا في فهم هذه الظواهر فهمًا أفضل».

اقرأ أيضًا:

لدينا دليلٌ على أن الثقوب السوداء الهائلة يمكن أن تتصادم بشكل مذهل في جميع أنحاء الكون!

اكتشاف أكبر نجم نيوتروني أو أصغر ثقب أسود في تصادم كوني غريب

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: حسين جرود

المصدر