ضرب زلزال كارثي بقوة 9 درجات، تبعته مباشرةً موجات تسونامي ضخمة في محافظتي مياغي وفوكوشيما وخلف عشرات الآلاف من القتلى في أعقابه. وبعد ذلك، في نهاية مدمرة، عانت محطة فوكوشيما دايتشي النووية في أوكوما من سلسلة من الانفجارات، ما أدى إلى إطلاق النفايات المشعة السامة في البيئة المحيطة.

ما زالت الآثار اللاحقة لذلك ملموسةً حتى اليوم، إذ تسعى اليابان لإيجاد سبل للتعامل مع مليون طن من مياه الصرف المشعة ونصف مليون طن من النفايات الصلبة.

قال كويو آبي كبير الرهبان في معبد جوينجي البوذي لرويترز بعد بضعة أشهر من الكارثة: «نحن نزرع دوار الشمس وحقول الخردل ونبات السيلوزيا (عرف الديك) والأمارانث، التي يُعتقَد أنها تمتص الإشعاع».

«حتى الآن لقد نمت على الأقل 200000 زهرة ووزعت الكثير من البذور. ما لا يقل عن 8 ملايين من دوار الشمس التي تزهر في فوكوشيما نشأت من هنا».

تبين أن دوار الشمس نبات عظيم في تنظيف النفايات المشعة من البيئة وهذا هو السبب في أنها زرعت بكثرة بعد كارثة تشيرنوبل في عام 1986.

«أزهار دوار الشمس جيدة حقًا في التخلص من بعض النظائر المشعة»، وأضاف عالم التربة مايكل بلايلوك في مقابلة عام 2011: «وهنا نرى حقًا الصلة بين دوار الشمس ومحطات الطاقة النووية التي اكتشفناها، وبعض التداعيات الناجمة عن حادثة تشيرنوبل التي تمكنا من معالجتها من خلال زرع دوار الشمس في المناطق المتضررة»

لماذا عباد الشمس؟

لم يتم اختيار النباتات الجميلة لمظهرها على الرغم من أن هذا بالتأكيد ميزة إضافية.

تتمتع أزهار عباد الشمس بمجموعة كاملة من الخصائص العملية التي تجعلها مثالية لمهمة التنظيف النووي، فهي تنمو بسرعة، وسهولة، وفي أي مكان إلى حد كبير. والأفضل من ذلك، أنها تخزن معظم كتلتها الحيوية في الأوراق والسيقان، وبالتالي يمكن التخلص من المواد المشعة التي تمتصها النباتات دون الحاجة إلى نبش الجذور.

طرق العلاج النباتية، أو استخدام النباتات في إزالة السموم من البيئة حقق نجاحًا كبيرًا في تشيرنوبل، إذ أثرت الكارثة النووية بالتربة القريبة والماء على نحو خطير مع العناصر المشعة السيزيوم والسترونتيوم.

هذه العملية تحرز نجاحًا لأن النظائر «تُحاكي» المغذيات التي يمكن دوار الشمس امتصاصها طبيعيًا، فالسيزيوم يحاكي البوتاسيوم، الذي تحتاجه النباتات للتركيب الضوئي، والسترونتيوم يمر إلى الكالسيوم، الذي يوفر الدعم الهيكلي.

قال بلايلوك: «كان ذلك فعالاً جدًا في معالجة الماء. التربة كانت مختلفة إلى حد ما لأن السيزيوم في التربة صعب قليلاً، ولكن في ظل مجموعة الظروف المناسبة، يمكن أن تكون فعالة في إزالة تلك الملوثات من التربة في فوكوشيما».

من المؤسف أنه على الرغم من النجاح الذي تحقق في تشيرنوبل، فإن جهود إعادة التجربة في فوكوشيما عُدَّت في نهاية المطاف فاشلة.

لا توجد منشورات كثيرة عن التجربة، ولكن التحليلات القليلة التي أجريت فشلت في العثور على أي نبات يمكن أن يخفض بشكل فعال مستويات النظائر المشعة في التربة.

ولكن إلى حد ما، لا ينبغي لهذا أن يكون مفاجئًا فقد كانت هناك ببساطة اختلافات عديدة بين فوكوشيما وتشيرنوبل إلى الحد الذي جعل التجارب لا تعمل بنفس الطريقة.

قال بلايلوك «كما تعلمون، شيء واحد وجدناه في تشيرنوبل، لقد ذهبنا إلى هناك بعد عدة سنوات من هذه الحادثة، وهذا يعطي الكثير من الوقت للسيزيوم ليصبح ثابتًا في التربة، وسوف يصبح معتمدًا جدًا على أنواع التربة، كما تعلمون التربة التي تحتوي على نسبة عالية جدًا من الميكا، وبعض الطين، سيكون من الصعب جدًا إزالة السيزيوم منها بعد أن يتثبت».

ولكن على الرغم من أن دوار الشمس لم يتمكن من إنقاذ فوكوشيما من التداعيات، فإنه ما يزال يساعد على التعافي بطرق أخرى.

«لقد كنا مشغولين جدًا مع مئات السكان المحليين القادميين لجمع الزهور»، وأضاف القروي تومو لرويترز بعد تركه لمسقط رأسه المدمر: «يساعدني ذلك على نسيان الإشعاع».

اقرأ أيضًا:

رصد اشعاعات نووية في اوروبا ، فما هو مصدرها ؟

تعرف على بحيرة كراتشي أكثر الأماكن تلوثًا على وجه الأرض، مستوى الإشعاع كافٍ بأن يقتلك في غضون ساعة!

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: عبد الرحمن داده

المصدر