في السنوات الأخيرة تصدّر الدمار الواسع لحرائق الغابات عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم، حيث دمرت حرائق الغابات ملايين الأفدنة وشردت آلاف الأشخاص، وتعد الحرائق في غرب الولايات المتحدة وأستراليا من بين أكثر الحرائق فتكًا.

ضرب حريق غابات مدمر شوارع قرية كوبارغو في نيو ساوث ويلز على مدار الساعات القليلة الأولى من العام الجديد في عام 2020، فاندلع الحريق في الشارع الرئيسي في غضون ساعات مخلفًا أطلالًا ضئيلة لكنها متفحمة وتعبأ بالدخان، وأصبحت القرية المدمرة واحدة من العلامات المميزة لما يُعرف الآن باسم: الصيف الأسود في أستراليا، الذي راح ضحيته ما لا يقل عن 34 شخصًا، ونفق بسببه ما يقدر بثلاثة مليارات حيوان، وحرق 186000 كيلومتر مربع.

على الرغم من أن حرائق الغابات كانت منذ مدة طويلة جزءًا لا يتجزأ من المعالم الطبيعية في أستراليا، إلا أنها أصبحت أكثر تفشيًا وشدة.

ففي كل صيف تجتاح تلك النار الطبيعية المتأججة أجزاءً من العالم، إذ تنتقل ألسنة اللهب بسرعة، ويكاد يكون مستحيلًا على رجال الإطفاء إيقاف الحريق المنتشر والسيطرة عليه وحماية المنازل والممتلكات في مسار الحريق.

إعادة سطر التاريخ الطبيعي

من الجدير بالذكر أن حرائق الغابات كانت منذ مدة طويلة جزءًا من الدورة الطبيعية لمواطن كثير من الأنواع؛ فلولا هذه الحرائق الطبيعية لما كان لدينا كثير من الأنواع التي تزدهر في تلك البيئات، إذ إن هناك أشجارًا تحتاج إلى النار لتنبت وتصبح غابات المستقبل.

لنعطي مثالًا لأنواع من شجرة الصمغ (الأوكالبتوس) التي تحتوي على بذور مغطاة براتنج تتطلب تعرضها للحريق من أجل إذابة الراتنج والكشف عن البذور بداخلها، وتعمل أشجار أخرى لها لحاء سميك جدًا كدرع حراري لحماية عصارة الشجرة الحيوية الذي ينقل المغذيات والمياه في أنحاء الشجرة جميعها.

من دون حرائق فإن كثيرًا من الأشجار التي تعتمد على بيئة الحرائق هذه أو تتكيف معها سوف تكافح من أجل التكاثر، ما يؤدي إلى تغير المواطن، ومن ثم جعل الحياة صعبة على الأنواع التي تعتمد عليها للبقاء على قيد الحياة.

خطورة الموقف

هناك قلق حقيقي تجاه الحرائق التي كانت يومًا منقذة للأراضي الطبيعية، إذ أصبحت الآن متكررة وشديدة للغاية.

سجل تقرير عام 2017 الصادر عن برنامج أبحاث التغيير العالمي الأمريكي زيادة بالغة في نشاط حرائق الغابات في العقود الأخيرة، وبحسب البرنامج فإن زيادة خطر التعرض إلى حرائق الغابات يعود إلى أحوال المناخ الأكثر حرارة وجفافًا وازدياد الجفاف ومواسم أطول من حرائق الغابات.

يعد ظهور آفات وأمراض جديدة عاملًا آخر ينجم عنه موت النباتات والأشجار على نطاق واسع، ومثالًا على ذلك أن حشرة حفار الدردار القرمزي قتلت ملايين الأشجار في أنحاء الولايات المتحدة جميعها. وذلك يؤدي إلى حجم هائل من الأخشاب الميتة المتبقية في المناظر الطبيعية، التي بدورها تعمل وقودًا لتغذية أي حرائق غابات جديدة تنشب.

علقت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية (IPCC) في تقرير التقييم الرابع: «تتفاقم الاضطرابات، مثل: حرائق الغابات وتفشي الحشرات، ومن المرجح أن تشتد في مستقبل أكثر احترارًا مع تربة أكثر جفافًا ومواسم زراعة أطول»، وأضافت اللجنة: «يُتوقع أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة في الصيف إلى إطالة المدة الزمنية السنوية للخطر العالي لوقوع حرائق الغابات بنسبة تتراوح بين 10 و 30٪».

في حين أن بعض حرائق الغابات ناتجة عن الصواعق، يُعتقد أن الغالبية العظمى من الحرائق تنجم عن الناس، فالحرائق تبدأ إما عن طريق الخطأ أو عن قصد.

يقول العلماء إنه من الضروري وضع تدابير لمساعدة المجتمعات المحلية على أن تصبح أكثر مرونة في مواجهة المخاطر المتزايدة لحرائق الغابات، بشكل أساسي عبر إدارة الأراضي في المناطق المحيطة بالمستوطنات والإدلاء ببرنامج تعليمي حول كيفية الحد من مخاطر اندلاع الحرائق وعن سبب اندلاعها في المقام الأول.

سيستمر كوكبنا سواء بماضيه أو حاضره في وجهته هذه نحو الهاوية كل شهر حتى يتبين ما إذا كان هنالك حل سيقترحه مؤتمر قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي في غلاسكو، والذي من المقرر أن ينعقد في نوفمبر 2021.

اقرأ أيضًا:

العلماء يحذرون: غابات الأمازون قد تزيد التغير المناخي سوءًا!

كيف تنشأ حرائق الغابات ؟

ترجمة: مي مالك

تدقيق: إيناس خير الدين

المصدر