إطلاق النار في الهواء قد يكون خطيرًا للغاية على المتفرجين والمارة. عند إطلاق النار في الهواء، تنطلق الرصاصة إلى ارتفاع يصل إلى 1.5 كيلومترًا (اعتمادًا على زاوية الإطلاق وقوة السلاح ونوعيته) ثم تسقط بمجرد أن تصل إلى أوج طاقتها. تحد مقاومة الهواء من سرعة الرصاصة، ومع أن الرصاص مصمم ليكون سريع الحركة وانسيابيًا في الهواء فإن سرعته تبقى مميتة. احتمالية إصابة شخص ما برصاصة طائشة في المناطق الريفية ضعيفة بسبب قلة أعداد الأشخاص بالمقارنة مع المدن المزدحمة التي يكون فيها الرصاص الطائش قاتلًا في معظم الأحيان.

في ليلة رأس سنة 2017، خرج النائب الديمقراطي عن ولاية تكساس أرماندو مارتينيز من أحد المنازل وشعر فجأة أنه أصيب بمطرقة ثقيلة، وبعد نقله إلى المستشفى اتضح أنه أصيب برصاصة طائشة من نوع 223 ريمنجتون (عيار 5.56 مم) في أعلى رأسه. اخترق جزء من الرصاصة الجزء العلوي من جمجمته واستقر في الطبقة العليا من دماغه ما تطلب عملية جراحية لإزالته، وفقًا لشبكة أخبار CNN.

مارتينيز (الذي تعافى من إصابته) واحد من ضحايا إطلاق النار العشوائي في الاحتفالات، إذ يطلق المحتفلون الرصاص في الهواء ويسقط لاحقًا على الأرض وقد يصيب الناس في بعض الأحيان.

أين تذهب الرصاصة بعد إطلاقها في الهواء؟ ما مدى خطورة إطلاق النار في الهواء ؟ الخطر الناجم عن إطلاق النيران الطائش في الهواء لا توجد إحصائيات دقيقة لأعداد حوادث الإطلاق العشوائي في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن توثق التقارير الإخبارية عددًا كبيرًا من الوفيات على مر السنين. وصفت مقالة نشرت عام 2015 في مجلة The Trace حادثتين عن أطفال قُتلوا برصاص طائش في أثناء احتفالات الرابع من يوليو في عامي 2011 و2012.

وقد نشرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها دراسةً في عام 2004 بينت أنه في ليلة رأس سنة 2004، تسبب الرصاص الاحتفالي الطائش بإصابة 19 شخصًا وموت شخص واحد في الولايات المتحدة. أُصيب 36% من الضحايا في أعلى الرأس و26% في الأرجل و16% في الكتفين.

توثق مقالة ميامي هيرالد في عام 2017 الكثير من حوادث الإصابات على مر السنين، فتشير إلى أن أكثر من 20 شخصًا قُتلوا في العراق في عام 2003 جراء إطلاق الرصاص العشوائي بعد مقتل نجلي صدام حسين عدي وقصي.

بغض النظر عن السؤال الأهم هنا وهو ما السبب الذي يجعل هذه الممارسة المتهورة والمميتة شائعة جدًا؟

قد نتساءل أيضًا، ما الذي يحدث في الواقع للرصاصة التي تُطلق مباشرةً نحو الأعلى؟ إلى أي ارتفاع تصل؟ ما الذي يوقفها ويرسلها إلى الأرض؟ ومتى تهبط؟ وأين؟ تلك في الحقيقة ليست أسئلة بسيطة للإجابة عليها.

قضى الباحثون وخبراء القذائف وقتًا طويلًا في دراسة أداء الرصاص الذي يُطلق أفقيًا ، لأن هذه المعلومات مفيدة لتحسين دقة الرمية ونطاقها. ولكن عندما يتعلق الأمر بإطلاق النار مباشرة في الهواء (وهو أمر لا يفعله عادة الجنود أو ضباط الشرطة أو الصيادون أو هواة الرماية) فلا نملك قدرًا كبيرًا من المعلومات.

امتلك الجنرال في الجيش الأمريكي جوليان هاتشر الوقت والفضول الكافيين للبحث في هذا المجال، إذ أجرى عدة تجارب في فلوريدا أطلق خلالها الرصاص عموديًا في الهواء مُستخدمًا أسلحة مختلفة تتنوع من البنادق إلى المدافع الرشاشة، وحاول قياس الوقت الذي استغرقه سقوط الرصاص وكذلك المكان الذي سقطت فيه.

ذكر الجنرال في كتابه الصادر عام 1947 بعنوان “دفتر ملاحظات هاتشر” أن رصاصة من عيار 30 إذا أُطلقت من بندقية موجهة باستقامة نحو الأعلى ستصل إلى ارتفاع يقارب 2743.2 مترًا خلال 18 ثانية، ثم تعود إلى الأرض في 31 ثانية أخرى، وعند اقترابها من الهبوط ستصل لسرعة شبه ثابتة تبلغ 91.4 م/ثا.

يقول الباحث والخبير في القذائف جيمس ووكر الحاصل على درجة الدكتوراه في الرياضيات ومدير قسم ديناميكيات الهندسة في معهد ساوث ويست للأبحاث في سان أنطونيو: «إن الارتفاع الذي تحققه رصاصة أُطلقت باستقامة نحو الأعلى يعتمد على نوع السلاح والذخيرة، والأمر مشابه عندما تُطلق الرصاصة أفقيًا».

يحتوي المسدس على ماسورة أقصر من البندقية ويطلق الذخيرة بخرطوش أصغر لا يحتوي على الكثير من البارود، ولكن لا يرسل المسدس رصاصة عالية مثلما تفعل البندقية. تختلف أنواع البنادق والذخيرة أيضًا.

يشرح والكر: «في بندقية 0.22 يكون الخرطوش بنفس قطر الرصاصة، ولا تحتوي هذه البندقية على قدر كبير من البارود ولا تطلق الرصاصة بسرعة. بينما لبعض البنادق مثل 30-06 خرطوشة أكبر بكثير، فتكون رصاصاتها أسرع بكثير نظرًا لوجود كمية أكبر من البارود للحرق».

عند إطلاق الرصاص أفقيًا، تميل الرصاصة للتباطؤ بسرعة بسبب مقاومة الهواء، لذلك قد تنخفض سرعة رصاصة البندقية إلى نصف سرعتها الأولية عندما تبلغ مسافة 500 متر. يقول والكر: «إذا اخترت إطلاق الرصاصة إلى الأعلى، فسوف تتباطأ أسرع بسبب الجاذبية، ولكن لا يوجد فرق كبير جدًا».

لتقدير الارتفاع الأقصى للرصاصة، يشير والكر إلى رسم بياني من موقع الويب الخاص بشركة Close Focus Research، وهي شركة لاختبار القذائف. يوضح الرسم أن رصاصة مسدس ACP عيار.25 قد تصل إلى أقصى ارتفاع يبلغ 697 مترًا، بينما سترتفع رصاصة بندقية 30-06 إلى 3080 مترًا.

ولكن بغض النظر عن مدى ارتفاع الرصاصة في الهواء، فإنها تتباطأ في النهاية حتى تصل سرعتها إلى الصفر، وعند هذه النقطة ستبدأ في التراجع إلى الأرض، كما هو مفصل في مقال نُشر في عام 2018 في مجلة Neuroscience Rural Practice حول الإصابات التي تسبب بها الرصاص المتساقط.

يوضح ووكر: «مرة أخرى، لا يعد الارتفاع الأعلى مهمًا لحساب السرعة النهائية للرصاصة عندما تسقط على الأرض، إذ ستصل الرصاصة (إذا لم يعد الدوران مستقرًا) إلى سرعة نهائية ثابتة بناءً على شكل الرصاصة وكثافتها وما إذا كانت مضطربة الحركة أم لا».

يضيف والكر: «الأهم من ذلك، من غير المرجح أن تسقط الرصاصة في نفس موضع انطلاقها، لأن الرياح قد تغير مسارها، ما يجعل التنبؤ بمكان سقوط الرصاصة صعبًا».

بالعودة إلى تكساس، سعى النائب مارتينيز إلى حماية الآخرين من التعرض للرصاص الطائش من خلال تقديم تشريع يشدد العقوبات المفروضة على إطلاق سلاح ناري دون هدف مقصود أي الطلق العشوائي للاحتفال، وذلك وفقًا لمجلة The Monitor. حتى الآن، لم ينجح مارتينيز في مساعيه لإقرار هذا القانون، حتى بعد محاولاته في عام 2019.

هذا مزعج!

يصف مقال نُشر في عام 2007 في Annals of Thoracic Surgery حالة رجل يبلغ من العمر 47 عامًا أُصيب في الصدر برصاصة سقطت من السماء، وأُصيب بجروح في القلب والبطن نتيجة لذلك. عثر الأطباء في النهاية على رصاصة من عيار 45 داخل معدته. على الرغم من أن الضرر تطلب تسع ساعات من الجراحة لإصلاحه، فقد تعافى المريض في النهاية.

اقرأ أيضًا:

كيف توقف رصاصة ؟ نفس الفيزياء التي نتبعها لتوفير الوقود في السيارة

ما الذي سيحصل إذا أطلقت رصاصة في الفضاء؟

ترجمة: رفيف داود

تدقيق: أسعد الأسعد

مراجعة: غزل الكردي

المصدر