لا يخفى على أحد تشكل سباق جديد نحو الفضاء خلال السنوات القليلة الماضية. هذه المرة، بدلًا من أن تكون المنافسة بين وكالتي فضاء اتحاديتين، ضم السباق منافسين أكثر تعقيدًا.

إضافةً إلى المزيد من المنافسين الحكوميين، هناك أيضًا مؤسسات فضائية تجارية تتنافس على المناصب والعقود المربحة، فضلًا عن شبكة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص، فنحن أمام سباق نحو الفضاء في نسخته الثانية.

طرأت ضجة كبيرة منذ أن منحت ناسا عقد «أرتميس- نظام الهبوط البشري» (HLS) إلى «سبيس إكس». أدى ذلك إلى رفع دعاوى قانونية من قبل «بلو أوريجين» و«داينتكس»، منافسي «سبيس إكس»، فضلًا عن حملة تشويش متعلقة بالعلاقات العامة.

منذ ذلك الحين، ذللت ناسا العقبات وبدأت فعلًا بالدفع لـ «سبيس إكس»، التي أشارت حديثًا إلى أن نظام الهبوط البشري الخاص بها قد يكون جاهزًا للانطلاق قبل الموعد النهائي عام 2024.

اختارت ناسا «سبيس إكس» وبلو أوريجين وداينتكس، جزءًا من برنامج تطوير نظام الهبوط البشري، الذي سيعيد رواد فضاء برنامج أرتميس إلى سطح القمر.

في البداية، أملت ناسا منح العقود لاثنتين من الشركات الثلاث، لكنها ذهبت في النهاية إلى «سبيس إكس» وحدها، بسبب قيود الميزانية والجدول الزمني.

ردًا على ذلك، قدمت شركتا بلو أوريجين وداينتكس احتجاجًا إلى مكتب الرقابة الحكومي.

في 30 يوليو الماضي، رفض مكتب الرقابة الحكومية الاحتجاجات، وأبطل أمر وقف العمل الذي فُرض بهدف مراجعتها. ودفعت ناسا الدفعة الأولى مقابل عقد نظام الهبوط البشري.

منحت ناسا «سبيس إكس» 300 مليون دولار أمريكي، من مبلغ التعاقد البالغ 439.6 مليون دولار. تُقدر قيمة العقد الإجمالي بأكثر من 3 مليارات دولار.

إثر ذلك، تواصل صاحب حساب غير رسمي على موقع تويتر -يتتبع الأخبار المتعلقة ببرنامج أرتميس- مع إيلون ماسك. نصت التغريدات على الآتي: «بدأت وكالة ناسا بدفع المستحقات الخاصة بمشروع «سبيس إكس». آمل وبكل ثقة أن يعمل فريق «سبيس إكس» بسرعة. سؤالي لإيلون ماسك هو: هل تتوقع أن تكون مركبة الفضاء القمرية جاهزة للهبوط بالبشر سنة 2024 رغم التأخير؟». أجاب إيلون ماسك: «بل ربما في وقت أقرب من ذلك!».

تصميم نظام الهبوط البشري الخاص بـ «سبيس إكس» هو نسخة معدلة من المركبة الفضائية، التي تخضع حاليًا لتطوير سريع، جنبًا إلى جنب مع «الداعم فائق الثقل» في منشأة إطلاق «سبيس إكس» بالقرب من بوكا شيكا.

وفقًا لأحدث نموذج محاك للمركبة ولبيانات ماسك، فإن مركبة نظام الهبوط البشري ستتسع لحمولة أكبر، لأنها لن تتطلب دروعًا حرارية، أو رفوفًا، أو حزم محركات غاز كبيرة، ويجب أن تعود بالكامل إلى الغلاف الجوي.

تأتي هذه المركبة أيضًا مع قوائم هبوط أوسع، التي قد تتخلص منها المركبات مستقبلًا تمامًا، خاصةً بعد أن بدأت سبيس إكس ببناء برج الإطلاق «ميكازيلا». على أي حال، فإن المخاوف بشأن التأخيرات المحتملة والوفاء بالموعد النهائي لعام 2024 تجاوزت مجرد القلق من ضياع أربعة أشهر بسبب أمر الإيقاف الخاص بمكتب المساءلة الحكومية، إذ أُبلغ عن مشكلات في بذلات فضاء الاستكشاف خارج المركبة، ما أدى إلى مخاوف أكبر من عدم جاهزيتها في الوقت المناسب.

عرض ماسك مساعدة «سبيس إكس»، مدعيًا أن العنصر الأهم في المهمة قد يكون جاهزًا في أقرب وقت.

هذا إضافةً إلى التأخيرات التي أُعلن عنها أكثر من مرة، والتي أثرت سلبًا في «نظام الإطلاق الفضائي» منذ البداية، فضلًا عن الكبسولة أوريون. ما أدى إلى تكهنات بأنه يجب على ناسا أن تتولى مهمة إعادة رواد فضاء أرتميس باستخدام ستارشيب وسوبر هيفي.

لا تزال ناسا تحاول العودة إلى القمر بحلول عام 2024، حسب توجيهات الإدارة السابقة. إذ كان عليهم تسريع كل شيء، وإعادة ترتيب أولويات بعض عناصر المهام، والتحول إلى المتعاقدين -بأغلبية ساحقة إلى «سبيس إكس»- لتفادي التعطيل.

دخلت وكالة الفضاء الأوروبية ووكالات فضائية أخرى في شراكة معهم لتحقيق ذلك، في حين دخلت روسيا والصين في شراكة لإطلاق برنامج منافس لاستكشاف القمر.

يتسابق المتابعون لمعرفة أي قطب فضاء تجاري سيُطبع شعاره على المعدات الموجودة على مركبة الهبوط التي ستعيد رواد الفضاء إلى القمر للمرة الأولى منذ حقبة أبولو.

اقرأ أيضًا:

صواريخ ايلون ماسك تحدث ثورة، السفر إلى الفضاء أرخص بمئة مرة

اجتاز “Starhopper” صاروخ المريخ التجريبي التابع لشركة سبيس إكس آخر تجربة بنجاح

ترجمة: طاهر كلبيت

تدقيق: نغم رابي

المصدر