بعد الحصول على مراقبات راديو جديدة، استبعد علماء الفلك تفسيرًا رائدًا للطبيعة المتكررة لإشارة فضائية مثيرة للفضول. الإشارة المعنية هي FRB 20180916B، والتي تتكرر بمعدل 16.35 يومًا. وفقًا للنماذج الحالية، قد تنتج عن تفاعلات بين مدارات نجوم قريبة. ومع ذلك، فإن الاكتشافات الجديدة- التي تشمل عمليات رصد الاندفاع الراديوي السريع (FRB) بأدنى ترددات حتى الآن- لا تفسر هذا النظام الثنائي.

تصور الطول الموجي القصير الأزرق وانفجارات طويلة الموجة الحمراء. جويري فان ليوين.

تصور الطول الموجي القصير الأزرق وانفجارات طويلة الموجة الحمراء. جويري فان ليوين.

قالت عالمة الفيزياء الفلكية إينيس باستور مارازويلا من جامعة أمستردام وأسترون في هولندا: «كان من المتوقع أن تسمح الرياح النجمية القوية القادمة المرافقة لمصدر الاندفاع الراديوي السريع لمعظم الضوء الأزرق -طول الموجة القصير للضوء الراديوي- أن يفلت من النظام. حاظرة الراديو ذي الموجة الطويل -الأكثر احمرارًا- أكثر أو حتى بالكامل».

»تنبأت نماذج الرياح الثنائية الحالية بأن الدفقات يجب أن تتألق باللون الأزرق فقط، أو على الأقل أن تدوم لفترة أطول. لكننا رأينا ليومين الدفقات اللاسلكية الأكثر زرقة، تليها ثلاثة أيام من الانفجارات الراديوية الأكثر احمرارًا. مستبعدين النماذج الأصلية الآن، لا بد من أأن شيئًا آخر حدث».

الاندفاعات الراديوية السريعة واحدة من أكثر الألغاز روعة في الكون. هي تدفقات قصيرة للغاية من موجات الراديو ذات طول موجات قصيرة وقوية جدًا، لأجزاء من الثانية فقط، وتفريغ قدر من الطاقة تعادل 500 مليون شمس في ذلك الوقت. شوهدت معظم مصادر الاندفاعات الراديوية السريعة التي اكتشفناها مرة واحدة فقط، هذا يجعلها غير متوقعة ويصعب دراستها.

اكتشف عدد قليل من مصادر الاندفاعات الراديوية السريعة متكررة عشوائيًا. يعد FRB 20180916B أحد الاستثناءين الذي عثر عليه في دورة، مما يجعله حالة ممتازة لمعرفة المزيد عن هذه الأحداث الغامضة.

في 2020، حصلنا أيضًا على تقدم كبير بشأن ما قد يسبب حدوث الاندفاعات الراديوية السريعة، وهي أول إشارة اكتشفت قادمة من داخل مجرة درب التبانة. أُطلقت بواسطة نجم مغناطيسي، وهو نوع من النجوم النيوترونية ذات مجال مغناطيسي قوي جدًا.

لكن هذا لا يعني أن القضية حُلت بالكامل. لا نعرف سبب تكرار أو عدم تكرار بعض الاندفاعات، على سبيل المثال، ولماذا؟ بالنسبة إلى الاندفاعات المتكررة، لم تكتشف النمطية إلا نادرًا.

عندما وُجد أن FRB 20180916B يتكرر في دورة، كان أحد التفسيرات الرئيسية هو أن النجم النيوتروني المنبعث للانفجار كان في نظام ثنائي بمدار مدته 16.35 يومًا. إذا كان هذا هو الحال، فيجب تغيير الأطوال الموجية الراديوية الأطول ذات التردد المنخفض بواسطة الرياح المشحونة للجسيمات المحيطة بالثنائي.

استخدمت باستور مارازيلا وزملاؤها تلسكوبين لإجراء ملاحظات متزامنة للاندفاعات. التلسكوب الراديوي منخفض التردد (لوفار- LOFAR)، وتلسكوب توليفة الراديو لوستربروك، ومقرهما في هولندا. عندما قاموا بتحليل البيانات، وجدوا أطوال موجية أكثر احمرارًا في بيانات لوفار ما يعني أن الرياح الثنائية لا يمكن أن تكون موجودة لحجبها.

ولا يمكن لآليات الامتصاص أو التشتت الأخرى منخفضة التردد، مثل سحب الإلكترونات الكثيفة.

أضاف عالم الفلك ليام كونور من جامعة أمستردام وأسترون: «حقيقة أن بعض الانفجارات الراديوية السريعة الموجودة في بيئات نظيفة، غير محجوبة نسبيًا بواسطة أي ضباب إلكتروني كثيف في المجرة المضيفة، أمر مثير للغاية».

»مثل هذه الانفجارات الراديوية السريعة المجرّدة ستسمح لنا بمطاردة المادة الباريونية المراوغة التي لا تزال مجهولة المصير في الكون».

إذا استبعد التفسير الثنائي، فما الذي قد يسبب الدورية؟ حسنًا، لا دخل للفضائيين.

اقترحت إحدى التفسيرات العام الماضي فرضية وجود جسم واحد، مثل نجم مغناطيسي دوّار أو نجم نابض. اعتُبر هذا التحليل تفسيرًا غير متجانس للبيانات، أكثر من الرياح الثنائية للجسيمات المشحونة، نظرًا لأن هذه الأجسام لها دوران متذبذب ينتج عنه دورية، ولا يُعرف أي منها بالتذبذب البطيئة.

ولكن مع استبعاد نظرية الريح الثنائية، وبفضل ملاحظات لوفار وويستربروك، عاد نجم مغناطيسي متذبذب ببطء إليه. وهذا يشير إلى أنه لا يزال أمامنا الكثير لنتعلمه عن كل من النجوم المغناطيسية والاندفاعات الراديوية السريعة.

قال باستور مارازويلا: «إن النجم المغناطيسي المعزول الذي يدور ببطء يفسر أفضل السلوك الذي اكتشفناه».

»يبدو الأمر أشبه بالتحقيق، لقد حددت ملاحظاتنا إلى حد كبير نطاق نماذج الاندفاع اللاسلكي السريع الأنسب».

نُشر البحث في مجلة Nature.

اقرأ أيضًا:

الإشارات المغناطيسية الغريبة تدفعنا لإعادة التفكير في الاندفاعات الراديوية السريعة

رصد انفجارات راديوية فائقة السرعة قد تمثل الحلقة المفقودة بين النجوم الراديوية والنجوم المغناطيسية

ترجمة: طاهر كلبيت

تدقيق: دوري شديد

مراجعة: مازن النفوري

المصدر