شكّل الاختبار الناجح لمغناطيس قوي موفر للطاقة علامةً فارقة في تطور الاندماج النووي، ما يقربنا من تحقيق طاقة اندماج ناجحة تجاريًا. استنادًا إلى تقرير معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أعلن كل من شركة بيل غيتس الناشئة «كومنولث فيوجن سستمز» ومركز «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لعلم البلازما والاندماج»، أن تجاربهما التي أُجريت في مركز معهد ماساتشوستس في كامبريدج كانت ناجحة.

مغناطيس جديد فائق التوصيل لتحقيق الاندماج

بلغ المغناطيس في أثناء الاختبار 20 تسلا، وهي وحدة قياس سُميت نسبةً إلى المهندس الرائد نيكولا تسلا، وتُستخدم للدلالة على قوة المغناطيس. نقطةً مرجعية، حطم مغناطيس فائق التوصيل سنة 2019 الرقم القياسي السابق بتحقيق شدة حقل مغناطيسي بلغت 45.5 تسلا. لكن ما يميز المغناطيس الحديث هو قدرة المغناطيس على الوصول إلى 20 تسلا مستهلكًا نحو 30 واط فقط، متفوقًا على المغناطيس السابق الذي استهلك 200 مليون واط.

يستخدم المغناطيس الجديد الموصلات الفائقة ذات الحرارة العالية كي يبلغ شدته المغناطيسية بفعالية طاقة كبيرة. وهو قوي كفاية ليُمكّن الباحثين من الحصول على طاقة خالصة باستخدام مُفاعل الاندماج «توكاماك»، ما يعني إنتاج طاقة أكبر بكثير مما يتطلبه المفاعل للحفاظ على تفاعل الاندماج. لم تحقق أي شركة الطاقة الصافية من قبل، وهو شرط للاستفادة من الطاقة النظيفة غير المحدودة عمليًا من أجل الاندماج النووي.

الاندماج النووي هو تفاعل تستخدمه الشمس والنجوم لإنتاج الطاقة، ويحدث عندما تندمج ذرتان لتشكيل نواة أثقل، ما يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من الطاقة في أثناء العملية. في مفاعل الاندماج النووي الدائري توكاماك، تتحكم المغناطيسات القوية -مثل المغناطيس الذي طوره معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وكومنولث فيوجن سستمز– لتحقق استقرار البلازما المحترقة اللازمة لحدوث التفاعل.

الأمر ليس دعاية

يبدو أن عناوين الأخبار تروج باستمرار لتقدُّم مهم جديد نحو طاقة الاندماج. يرجع ذلك جزئيًا إلى أن الخبراء حول العالم يسابقون لتطوير اندماج نووي ناجح تجاريًا، ويحرزون تقدمًا ملحوظًا وإن كانت الرحلة طويلة. أعلن باحثون من مختبر لورانس ليفرمور الوطني أنهم بلغوا عتبة اشتعال الاندماج النووي، إذ بلغت الطاقة الناتجة عن الاندماج 70% من تلك المنبعثة من الليزر القوي اللازم لبدء التفاعل. يُعد ذلك تقدمًا كبيرًا مقارنةً بالأبحاث السابقة، ووصفه رئيس علماء المشروع «عمر أ. هوريكاين» بأنه «لحظة الأخوين رايت» الخاصة بالاندماج النووي.

قال المسؤول التنفيذي الأول لرابطة صناعة الاندماج آندرو هولاند في حديثه عن التقدم الكبير لمغناطيس معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وكومنولث فيوجن سستمز: «هذه ليست دعاية، بل أمر واقعي. نحن نشهد ولادة مصدر طاقة متاح دائمًا ومستدام ونظيف، بفضل التقدم في مختلف أنحاء صناعة الاندماج». جمعت شركة كومنولث فيوجن سستمز أكثر من 250 مليون دولار من المستثمرين، وهو استثمار مستدام يدعمه بيل جيتس وجيف بيزوس وريتشارد برانسون.

سيُستخدم المغناطيس الجديد في تجربة اندماج توكاماك الخاصة بشركة كومنولث فيوجن سستمز، وهي قيد الإنشاء في مدينة ديفينز في ولاية ماساتشوستس. قالت نائبة الرئيس للبحوث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ماريا زوبير: «أنا متفائلة حقًا بأن التجربة قد تحقق طاقة إيجابية صافية، بناء على الأداء المثبت للمغناطيسات. الخطوة التالية هي رفع المستوى لبناء محطة طاقة حقيقية». يخطط كل من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وكومنولث فيوجن سستمز لبناء أول محطة طاقة اندماج عملية خاصة بهم في أوائل العقد المقبل، إذا سارت الأمور وفق المخطط.

اقرأ أيضًا:

احتمال تشغيل أول مفاعل اندماج نووي بحلول عام 2025

الاندماج النووي لم يعد خيالًا علميًا

ترجمة: ربيع شحود

تدقيق: محمد الأسطى

المصدر