تشكل الاختراعات والاكتشافات الجديدة عالمنا الحديث بصورة جديدة كل يوم، أو هذا ما يبدو لنا، إذ إن معظمها له جذور عميقة في الماضي، إذ امتلك البشر دومًا قدرة مذهلة على الاختراع والتقدم.

لا تتساوى الاختراعات في مدى تشكيلها للحضارة وتأثيرها في التقنيات المستخدمة، فلبعضها أثر أكبر وأهم، وفي هذا المقال نركز على تلك التي غيرت مجرى التاريخ البشري.

1- العجلة (3500 ق.م):

العجلة هي أحد الاختراعات التي بدلت مجرى التاريخ، لكنها ليست قديمة إلى الحد الذي يظنه البعض، فلم تُخترع حتى سنة 4000 ق.م تقريبًا، وفي ذلك الوقت كان الناس يصهرون المعادن ويشقون القنوات ويصنعون القوارب الشراعية، بل كانوا يصممون الآلات الموسيقية المعقدة كالقيثارة.

لم تكن العجلة بحد ذاتها اختراعًا مهمًا، فلا شك أن فكرتها خطرت لأول من رأى حجرًا يتدحرج، لكن تركيب العجلة على محور ثابت يمكّنها من الاتصال بمنصة مستقرة كان كذلك، ففي غياب المحور الثابت ليس للعجلة إلا استخدام محدود.

تخبرنا الأدلة الأثرية أن أول جهاز استغل تركيب العجلة على محور ثابت هو عجلة الفخار التي تدور بِسلاسة معتمدةً على آلية التركيب الجديدة، وقد طُورت في بلاد ما بين النهرين نحو 4000 ق.م، أما أقدم مثال وصل إلينا عن عجلة الفخار فقد وجِد في مدينة أور سنة 3100 ق.م، إضافةً إلى الأدلة التي تشير إلى وجود العربات ذات العجلات أواخر الألفية الرابعة ق.م.

2- البوصلة (200 ق.م):

ساعدت البوصلة الإنسان على استكشاف العالم والتجوال في بحاره، وقد تبدو عديمة الأهمية في زمننا الحالي، المترف بالأقمار الصناعية ونظام تحديد المواقع (GPS)، لكنها كانت اختراعًا مهمًا في وقتها.

صُنعت البوصلة أولًا لأغراض دينية، ولم تُستخدم في الملاحة إلا لاحقًا، فقد صنع الصينيون القدماء البوصلات الأولى -على الأرجح- نحو 200 ق.م، وكان بعضها من حجر المغناطيس الموجود في الطبيعة، المكون من معدن المغنيتيت (أكسيد الحديد الأسود). وتشير الأدلة إلى استعمال حضارات أخرى هذا الحجر لأغراض دينية وملاحية.

نحو 1050م، بدأ الناس يدلون المغناطيس ليسمحوا له بالحركة الحرة واستعملوه في الملاحة. ويظهر وصف الإبرة المغناطيسية واستعمالها عند البحارة في كتاب أوروبي يرجع إلى عام 1190م، ما يدل على شيوع استعمال الإبرة المغناطيسية بوصلةً آنذاك.

3- الناعورة (دولاب الماء):

تسعة عشر اختراعًا غيرت مجرى التاريخ - مجموعة من الاختراعات التي غيرت مجرى التاريخ البشري - اختراعات غيرت من شكل عالمنا الحديث

الدولاب المائي آلة تحول طاقة جريان الماء أو سقوطه إلى قوة مفيدة، مثل الطاحونة المائية. يتكون دولاب الماء من عجلة تتصل بها «ريشات» أو سطول تحيط بإطارها يدفعها الماء، فتدور العجلة.

اختُرع الدولاب المائي في عدة أماكن، كل على حدة، وكان الإغريق القدماء من أوائل الشعوب التي اخترعته واستعملته لأغراض الري وطحن الحبوب بين القرنين الثالث والأول ق.م. وبحلول القرن الأول بعد الميلاد، كانت سلالة الهان الشرقية –في الصين- تستعمل الدولاب المائي الأفقي لطحن الحبوب، ولتزويد مكابس المنافخ بالطاقة لصهر الحديد الخام وتحويله إلى حديد صلب.

تشير النصوص الهندية التي ترجع إلى القرن الرابع قبل الميلاد إلى أدوات ربما كانت الدواليب المائية الأولى، لكن ذلك غير مؤكد.

4- التقويم (الرزنامة):

إن مفهوم التقويم بوصفه وسيلة لتحديد عدد الأيام التي مضت قديم قِدم الكتابة على الأقل، واستند أول تقويم إلى مراحل تتابع أوجه القمر، لسهولة متابعة ذلك. أما أول تقويم (شمسي/قمري) -تعتمد شهوره على الدورة القمرية، وسنواته على الشمس، ما يجعل الفصول متطابقة، فلا يتغير مثلًا موعد حصاد الحبوب من سنة إلى أخرى- فقد استُعمل في حضارات الشرق الأوسط المبكرة واليونان القديمة، واختُرع في بلاد ما بين النهرين في الألفية الثالثة ق.م، على الأرجح.

واصلت حضارات عديدة استعمال التقويم القمري، الذي يكون عدد أيامه أقل من التقويم الشمسي، وعادةً ما أضيف شهر زائد إلى السنة القمرية كل عامين حتى تظل متوافقة مع السنة الشمسية، وقد استعمل الرومان نظامًا قريبًا من ذلك حتى قرابة سنة 46 ق.م، حين اختل النظام فحلت الأعياد الدينية والقومية في غير مواسمها، لذلك قدّم يوليوس قيصر نظامًا جديدًا جعل طول الأشهر والسنة مشابهًا لما هو عليه الحال في السنة الشمسية، وهو التقويم اليولياني.

عمومًا، عمل التقويم اليولياني جيدًا، لكنه كان يضيف ما مقداره يوم واحد كل 128 سنة، ولتصحيح هذا الخطأ قدّم البابا غريغوري الثالث عشر تقويمه المعروف باسم التقويم الغريغوري سنة 1582م، وهو التقويم المستعمل في معظم أنحاء العالم اليوم.

5- الخرسانة القديمة:

نعيش في عالم مبني بمواد تثبتها الخرسانة -الإسمنت- فتجمعها متلاصقةً ببعضها. تتركب الخرسانة من مزيج من الأحجار المكسورة والرمل والإسمنت البورتلندي والماء، ويمكن فرش الخرسانة مبسوطة أو صبها في قوالب لتشكل كتلة تشبه الحجر في صلابتها.

أحد أهم مكونات الخرسانة هو الإسمنت، وربما ترجع أصول الإسمنت إلى سنة 3000 ق.م. في ذلك الوقت، كان المصريون القدماء يستعملون شكلًا مبكرًا من الخرسانة ملاطًا في أبنيتهم. نحو سنة 1300 ق.م، استعمل البناؤون في الشرق الأوسط طبقة رقيقة رطبة من الحجر الجيري المحروق لتغليف حصونهم الطينية من الخارج، فكانت هذه الطبقة تتفاعل كيميائيًا مع الغازات الموجودة في الهواء فتنتج سطحًا صلدًا يحمي المبنى.

منذ 700 ق.م، عُرفت أهمية الجير المائي، فقاد ذلك إلى تطوير أفران الحرق لبناء جدران البيوت من الحجارة والحصى، والأرضيات من الخرسانة، والصهاريج العازلة للماء تحت سطح الأرض.

استعمل الإغريق والرومان نوعًا من الخرسانة يحتوي على «البوزولانا» التي تستعمل مزيجًا من الألمنيوم والسيليكا يتفاعل مع الجير المُطفأ عند درجة حرارة الغرفة في وجود الماء ليُنتج مادة تعمل كالإسمنت. امتاز هذا النوع بقوة تحمل كبيرة، ولهذا حُفظ الكثير من الآثار الإغريقية والرومانية حتى اليوم.

اخترع الإنكليزي «جوزيف آسبدين» إسمنت بورتلاند سنة 1824م، وعبّد جورج بارتولوميو أول شارع في الولايات المتحدة بالخرسانة سنة 1891م، ولا يزال هذا الشارع موجودًا. وفي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، بدأ استعمال الخرسانة المقواة بالحديد الصلب (الإسمنت المسلح)، ثم صمم أوغست بيريه مبنى سكنيًا في باريس ونفذه سنة 1902م باستعمال الإسمنت المسلح، وقد حظي هذا النوع من الإسمنت بالإعجاب والشعبية بفضل هذا المبنى، ما أثر في تطوير الإسمنت المسلح.

سنة 1921م، استغل يوجين فريزنيه الخرسانة المسلحة في بناء حظيرتي طائرات على شكل قوسين مكافئين عظيمين في مطار أورلي بباريس.

6- الساعة الميكانيكية (725م):

تسعة عشر اختراعًا غيرت مجرى التاريخ - مجموعة من الاختراعات التي غيرت مجرى التاريخ البشري - اختراعات غيرت من شكل عالمنا الحديث

هل يمكنك تخيل الحضارة الحديثة دون معرفة مفهوم الوقت؟ قد يكون هذا الأمر رائعًا أو مخيفًا، اعتمادًا على وجهة نظرك. على أي حال، استعمل الناس مختلف الأجهزة لحساب الوقت عبر آلاف السنين. النظام الحالي المعتمد في قياس الوقت -النظام الستيني- الذي تنقسم الساعة فيه إلى ستين دقيقة والدقيقة إلى ستين ثانية، اخترعه السومريون في بلاد الرافدين نحو 2000 ق.م.

كانت أول الأجهزة المستعملة في قياس الوقت تعتمد على حركة الشمس -المزولة أو الساعة الشمسية- أو الماء -الساعة المائية- ومن الساعات القديمة أيضًا ساعة الشمعة وعصا الوقت والساعة الرملية. أما أول ساعة ميكانيكية معروفة فقد استعملت ميزان ساعة يستمد طاقته من الماء ويحول طاقة الدوران إلى حركة متقطعة، واختُرعت في اليونان القديمة قرابة القرن الثالث ق.م.

في القرن العاشر الميلادي، اخترع المهندسون الصينيون ساعات تستعمل ميزان ساعة يستمد طاقته من الزئبق، وفي القرن التالي اخترع المهندسون العرب الساعات المائية التي تحركها التروس والأثقال، وفي بداية القرن الرابع عشر طُوِرت في أوروبا أول ساعات ميكانيكية تستعمل التروس، أطلِق عليها اسم ميزان الساعة ذي القضيب، وكانت هذه هي الساعات القياسية حتى ظهور الساعة ذات البندول سنة 1656م.

كانت الساعة ذات البندول أدق أداة لقياس الزمن حتى ثلاثينيات القرن العشرين، حين اختُرعت ساعة الكوارتز، ثم تلتها الساعات الذرية بعد الحرب العالمية الثانية.

7- المطبعة:

هي من الأسس التي قامت عليها الحضارة المعاصرة، ويُنسب الفضل إلى الصائغ الألماني يوهان غوتنبرغ في اختراعها نحو 1436م، مع أنه لم يكن الأول في أتمتة عملية الطباعة، إذ إن الطباعة بقوالب الخشب في الصين كانت معروفة منذ القرن التاسع الميلادي، وطبع صناع الكتب الكوريون كتبهم باستعمال الطابعة المعدنية المتحركة قبل غوتنبرغ بمائة سنة.

لكن ماكينة غوتنبرغ حسنت الطباعة الموجودة ونقلتها إلى الغرب، وكانت طابعات غوتنبرغ تعمل في أنحاء أوروبا الغربية بحلول 1500م بإنتاج يبلغ 20 مليون قطعة بين صفحة مفردة ومنشور وكتاب.

سمحت المطبعة بإنتاج الصحف والمنشورات بالجملة وقللت من أسعار المواد المطبوعة، وجعلت الكتب والجرائد في متناول أيدي الكثيرين، ودعمت تعلم القراءة والكتابة ومحو الأمية، فكان أثرها هائلًا في مجرى التاريخ، حتى وصفها مارك توين بقوله: «حال العالم اليوم، حلوه ومره، من صنع غوتنبرغ».

8- المحرك البخاري:

يُعتقد أن أول شخص اخترع محركًا بخاريًا هو مُعَدِّن إسباني يُدعى جيرونيمو دي آيانز، حين سجل اختراع جهاز يستعمل قوة البخار لدفع المياه من المناجم، لكن الفضل يُعزى عادةً إلى المهندس والمخترع الإنكليزي توماس سيفري في تطوير هذا الاختراع واستعماله عمليًا سنة 1698م، إذ استعمل جهازه ضغط البخار لسحب المياه من المناجم المغمورة. استخدم سيفري المبادئ التي وضعها الفيزيائي البريطاني -فرنسي المولد- دنيس بابان، الذي اخترع القِدر البخاري.

طور إنكليزي آخر هو توماس نيوكومن -سنة 1711 م- المحرك البخاري، وسنة 1781 أضاف صانع الآلات الاسكتلندي جيمس واط مكثفًا آخر إلى محرك نيوكومن، ما سمح باستقرار درجة حرارة أسطوانة البخار وتحسن هائل في عمل المحرك.

لاحقًا، طور واط محركًا بخاريًا مزدوج الدوران صار يُستعمل -منذ القرن التاسع عشر- في تشغيل القطارات والطواحين والمصانع وغيرها، ما أطلق العنان للثورة الصناعية.

9- اللقاحات:

اللقاحات أقدم مما قد تعتقد، إذ استُخدم «التجدير» في الصين خلال القرن 17 م، فكانوا يدهنون جرحًا صغيرًا في الجلد بجدري البقر للتحصين ضد مرض الجدري.

يُعد إدوارد جينر مؤسس علم اللقاحات في الغرب، إذ لاحظ أن المزارعات كنّ يصبن عادةً بجدري البقر، لكنهن نادرًا ما أصبن بالجدري، فافترض أن فيروس جدري البقر خفيف الوطأة يمنح المناعة من مرض الجدري، فطعّم -سنة 1796 م- صبيًا في الثالثة عشر من عمره بجدري البقر قبل أن يعرّضه للجدري، مقدمًا بذلك شكلًا مبكرًا من اللقاح. وسنة 1798 م طُوِر أول لقاح يحصن من الجدري.

قادت تجارب لويس باستور لاحقًا إلى تطوير لقاح حي موهَن -مكون من فيروسات غير قادرة على التكاثر في الخلايا البشرية- يحصن ضد الكوليرا سنة 1897م، ولقاح معطل -مكون من مسببات مرض ميتة- يحصن ضد بكتيريا الجمرة الخبيثة سنة 1904م.

سنة 1923م، أتقن ألكسندر غليني طريقة لتعطيل سموم الكزاز بإنتاج الذوفان -لقاح يعطل السموم التي تنتجها البكتيريا- باستعمال الفورمالديهايد، فصنع بذلك لقاح الكزاز، واتُبِعت الطريقة ذاتها سنة 1926م لصناعة لقاح الدفتيريا (الخناق).

طوِرت طرق زراعة الفيروس بين سنتي 1950 و1985م، ما قاد إلى ظهور لقاحي سولك –المعطل- وسابين -الحي الموهن، الفموي- اللذين يحصنان ضد شلل الأطفال.

10- القطار البخاري:

تسعة عشر اختراعًا غيرت مجرى التاريخ - مجموعة من الاختراعات التي غيرت مجرى التاريخ البشري - اختراعات غيرت من شكل عالمنا الحديث

صُنعت أول قاطرة بخارية عاملة بالحجم الطبيعي في المملكة المتحدة سنة 1804م، على يد المهندس البريطاني ريتشارد تريفيثيك، وقد استعمل محركها بخارًا عالي الضغط، وفي 21 فبراير 1804 انطلقت أول رحلة بقطار بخاري حين سحبت القاطرة التي صنعها تريفيثيك قطارًا على طول خط ترام في ويلز.

أما أول قاطرة بخارية تجارية ناجحة فقد صنعها جون بلينكينسوب عام 1813 وأطلِق عليها اسم سالامنكا، وسنة 1814 صنع جورج ستيفنسون محركًا بخاريًا أطلِق عليه اسم «لوكوموشن 1» معتمدًا على تصميم بلينكينسوب.

عُين ستيفنسون مهندسًا مسؤولًا عن إنشاء سكة حديدية تربط ستوكتون ودارلينغتون شمال شرق إنكلترا، وقد افتُتحت هذه السكة بوصفها أول سكة قطار بخاري عامة سنة 1825م، وأصبحت لوكوموشن أول قاطرة بخارية تسحب قطار ركاب على سكة عامة. وسنة 1829 صنع ستيفنسون محركه البخاري الشهير روكيت -الصاروخ- وبدأ عصر السكك الحديدية.

11- البطارية الكهربائية:

لم يتوفر للناس إمداد كهربائي دائم إبان القرن التاسع عشر، فكان إنتاج الكهرباء مهمة صعبة.

أقدم بطارية معروفة هي بطارية صُنعت قبل نحو 2000 سنة، إذ يرجع تاريخها إلى الإمبراطورية البارثية، وتتكون من جرة طينية مُلئت بمحلول الخل الذي يحيط بأسطوانة نحاسية تغلف قضيبًا حديديًا، وربما كانت تستعمل في الطلاء، كطلاء الفضة بالذهب.

أما أول بطارية عملية فيرجع الفضل في اختراعها إلى ألساندرو فولتا، سنة 1799م، وتتكون من قرصين من معدنين مختلفين، كالنحاس والزنك، تفصلهما شريحة منقوعة بالماء المالح. وسنة 1802 ابتكر وليام كروكشانك بطارية الحوض الصغير، وهو تطوير لعمود فولتا الفولطائي.

شهدت البطاريات نقلةً سنة 1859 باختراع أول بطارية قابلة للشحن، اخترعها الفيزيائي الفرنسي غاستون بلانتي مستعملًا الرصاص والحمض. وأخيرًا ابتكر فالديمر يونغنور بطارية النيكل والكادميوم سنة 1899م.

12- الحاسوب (1822م):

الحواسيب من أعظم ابتكارات الإنسان، وقد صُممت أولًا لإجراء العمليات الحسابية المعقدة، وكانت آلات هائلة الحجم، أضحت اليوم توضع على مكاتبنا وفي جيوبنا. وضع المهندس الميكانيكي تشارلز باباج أساس هذا الاختراع المهم، بالتوافق مع آدا لوفلايس التي صنعت البرامج الأولى. في بدايات القرن التاسع عشر وُضع مفهوم آلة حاسبة ميكانيكية وصُنعت، ومع أننا نعجز عن تعيين مبتكر أوحد للحاسوب المعاصر، لكن نستطيع القول أن من وضع المبدأ لعمله هو آلان تورنغ، في ورقة بحثية مؤثرة نُشرت سنة 1936م.

13- الثلاجة:

تتضح أهمية الثلاجة في عالمنا المعاصر إذا عرفت أن 99% من المنازل في الولايات المتحدة تحتوي ثلاجة واحدة على الأقل، حسب تقرير صادر عن وزارة الطاقة الأمريكية سنة 2009م. يساعدنا هذا الاختراع العظيم على حفظ طعامنا طازجًا مدة طويلة.

سجل جاكوب بيركنز اختراع أول ثلاجة تعمل بضغط بخار الماء سنة 1835م، معتمدًا على نظرية وضعها أوليفر إيفانز، وأنشأ المهندس البريطاني جيمس هاريسون أول نظام تبريد ميكانيكي لصنع الثلج نحو 1851م، وهو مؤسس فيكتوريان آيس ووركس، ويُطلق عليه عادة لقب «أبو التبريد»، وسنة 1873 برهن على أن اللحم المجمد لشهور يبقى صالحًا للأكل.

أول ثلاجة صُنعت للاستعمال على نطاق واسع كانت مونيتور توب، التي أنتجتها شركة جنرال إلكتريك سنة 1927م، ومع أن الغرض منها كان تحسين العمليات الصناعية فإنها صارت صناعةً بحد ذاتها لاحقًا.

14- التلغراف (1830-1840):

سمح اختراع البطارية في بدايات القرن التاسع عشر باستعمال التيار الكهربائي في وضع قابل للسيطرة، وفي 1820 أثبت الفيزيائي الدنماركي هانز أورستيد (1777-1851) العلاقة المتبادلة بين الكهربائية والمغناطيسية، فأخذ العلماء والمخترعون بعمل التجارب على البطاريات والكهرومغناطيسية ليطوروا نوعًا من أنظمة الاتصالات.

نجح الفريق البريطاني المكون من وليام كوك وتشارلز ويتستون في تجاربه، فابتكر نظام التلغراف في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، باستعمال إبر مغناطيسية تشير إلى حروف وأرقام موزعة على لوح، وقد استخدم الفريق التيار الكهربائي في تحريك هذه الإبر. وفي الوقت ذاته عمل صموئيل مورس منفردًا على اختراع تلغراف كهربائي، فصنع تلغرافًا من دائرة واحدة، يعمل بواسطة ضغط المشغل على أزرار تُكمل الدائرة الكهربائية في البطارية، فترسل الإشارة الكهربائية إلى الطرف الآخر.

تزامن مع ذلك ابتكار مورس وألفريد فايل ما يُعرف اليوم بإشارة مورس، لإرسال الرسائل عبر أسلاك التلغراف.

15- الفولاذ:

تسعة عشر اختراعًا غيرت مجرى التاريخ - مجموعة من الاختراعات التي غيرت مجرى التاريخ البشري - اختراعات غيرت من شكل عالمنا الحديث

يفضل البناؤون استعمال الفولاذ، لصلابته نسبةً إلى وزنه مقارنةً بغيره من المواد، إذ إن البرونز -أول معدن يستعمله الناس- ضعيف مقارنةً بالفولاذ. وقد بدأت شعوب البحر الأسود استعمال تبر الحديد نحو 1800 ق.م في صناعة الأسلحة الصلبة، في حين صنع الصينيون القدماء الحديد الصلب -الأقوى- نحو 500 ق.م.

نحو 400 ق.م، ابتكر الحدادون الهنود طريقة جديدة لتنقية الحديد بالصهر، مستعملين وعاءً مقعرًا من الطين يوضع فيه الحديد المطاوع مع قطع من الفحم قبل وضع الوعاء في الفرن، فيُصهر الحديد ويمتص الكربون من الفحم، فينتج الفولاذ النقي، وهو أقوى من الحديد وأصلب.

سنة 1856م ابتكر المهندس البريطاني هنري بسمر عملية جديدة تتضمن دفع الهواء خلال حديد خام مصهور لاستخراج حديد نقي خالٍ من الكربون. عبدت طريقة بسمر الطريق أمام إنتاج الفولاذ بالجملة جاعلة إياه إحدى كبرى الصناعات في العالم، إذ يُستعمل اليوم لبناء الجسور وناطحات السحاب وغير ذلك.

16- المصباح الكهربائي (1880):

ابتكر همفري ديفي الإنارة بالكهرباء في بدايات القرن التاسع عشر، إذ نفذ التجارب على الكهرباء واخترع البطارية الكهربائية، وحين أوصل الأسلاك بين بطاريته وقطعة من الكربون توهج الأخير مُصدرًا الضوء، وعُرف هذا الاختراع باسم مصباح القوس الكهربائي.

ابتكر آخرون -خلال العقود السبعة التالية- أنواعًا من المصابيح الكهربائية، لكن الفتائل التي استعملوها لم تكن عملية، فكانت تنكسر بعد بضعة أيام فقط من التشغيل.

سنة 1850 صنع الفيزيائي الإنكليزي جوزيف ولسون سوان مصباحًا كهربائيًا بوضع فتيلة ورقية مكربنة في زجاجة مفرغة من الهواء، لكن التفريغ لم يكن جيدًا وكان عمر المصباح أقصر من أن يفيد تجاريًا، حتى سبعينيات القرن التاسع عشر حين توفرت أجهزة تفريغ هواء أفضل استفاد منها سوان لصنع المصابيح الكهربائية طويلة العمر.

طور توماس إديسون تصميم سوان باستعمال فتائل معدنية، وفي عامي 1878 و1879م قدم للحصول على براءات اختراع مصابيح كهربائية تحتوي مختلف أنواع الفتائل، قبل أن يكتشف أن فتيلة الخيزران المكربن قد تعمل مدة 1200 ساعة، ما جعل صناعة المصابيح الكهربائية مربحة تجاريًا.

17- الطائرة (1903):

آمن ليوناردو دافنشي -وحالمون آخرون- بإمكانية الطيران باستعمال العلم، وصمم عددًا من آلات الطيران بنفسه، وإن لم يثبُت تنفيذ أي من تصميماته. وحُلم بآلات طيران كثيرة منذ وقت دافنشي ولم يتحقق الحلم إلا بفضل عمل عدد كبير من المبتكرين عبر القرون.

كان الأخوان رايت -ولبر وأورفيل- أول من صنع طائرة مسيطر عليها مسيرة بالطاقة، وكانت مدة رحلتها الأولى 59 ثانية قطعت فيها مسافة 260 مترًا، بتاريخ 17 ديسمبر 1903، وقد عملا على طائرة شراعية، ونجحا -أخيرًا- بوضع الأساس لهندسة الطيران الحديثة حين أثبتا إمكانية الطيران. يستطيع البشر اليوم الانتقال آلاف الكيلومترات في غضون ساعات قليلة بفضل إنجاز الأخوين رايت.

18- الترانزستور (1947):

تسعة عشر اختراعًا غيرت مجرى التاريخ - مجموعة من الاختراعات التي غيرت مجرى التاريخ البشري - اختراعات غيرت من شكل عالمنا الحديث

استُهل عصر الإلكترونيات بالترانزستور المكبر للإشارات الكهربائية حين حلت الترانزستورات محل الأنابيب المفرغة كبيرة الحجم المستعملة سابقًا.

كانت البداية سنة 1926 حين سجل يوليوس ليلينفيلد اختراعه لترانزستور تأثير المجال. في هذا النوع من الترانزستور تؤثر شحنة في موضع ما على الشحنات المجاورة فتجذبها في قناة شبه موصلة، لكن الاختراع لم يكن حينها قابلًا للتنفيذ. سنة 1947 طور جون باردين ووالتر براتاين ووليام شوكلي أول جهاز ترانزستور عملي في مختبرات بِل، ونالوا جائزة نوبل للفيزياء سنة 1956م.

منذ ذاك أصبحت الترانزستور قطعة أساسية في دوائر أكثر الأجهزة الإلكترونية، كالتلفاز والأجهزة المحمولة والحواسيب، وصار تأثير الترانزستور في التكنولوجيا استثنائيًا.

19- شبكة أربانت– الإنترنت المبكر (1969):

ليس للإنترنت مخترع واحد، فقد تطور عبر الزمن على يد الكثيرين، لكنه بدأ في الولايات المتحدة في خمسينيات القرن العشرين مترافقًا مع تطور الحواسيب.

ظهر أول نموذج إنترنت عملي في ستينيات القرن العشرين مع إنشاء أربانت، الاسم اختصار لشبكة وكالة المشاريع البحثية المتطورة. في السبعينيات طور «فينتون سيرف» بروتوكول التحكم في الإرسال (TCP/IP)، ما سمح للحواسيب بالتواصل معًا.

تبنت شبكة أربانت بروتوكولات سيرف في يناير 1983، وبدأ الباحثون بتجميع «شبكة الشبكات»، التي أصبحت الإنترنت الحالي.

الإنترنت بنية تحتية لربط الشبكات، أما شبكة الويب العالمية فهي وسيلة للوصول إلى المعلومات باستخدام الإنترنت، ويُعد عالم الحاسوب البريطاني تيم بيرنرز لي «أبو الشبكة العالمية»، إذ صمم الويب ليسمح بتشارك المعلومات بين العلماء العاملين في مختلف الجامعات والمؤسسات البحثية حول العالم.

عمل بيرنرز لي -عامي 1989 و1990- مع مهندس الأنظمة البلجيكي روبرت كايلي على صياغة مقترح لهندسة الويب، يتضمن تفسير الشبكة العالمية ليمكن المتصفحات الاطلاع على مستندات النصوص الفائقة.

لقد قطعنا شوطًا كبيرًا بالفعل!

بينما نجيل النظر في تلك الاختراعات المذهلة، نرى بوضوح رغبتنا في التطوير والابتكار، نرى مجتمعًا اخترع العجلة ليطوي الأرض طيًا، يشق السماء بطائراته والمحيطات بسفنه، ونعلم أن هذه الرغبة الرائعة سترافقنا في عصور كثيرة قادمة، فما الاختراعات العظيمة التي سيشهدها جنسنا البشري في الزمن القادم؟

اقرأ أيضًا:

أحد عشر اختراعًا غيرت مجرى التاريخ

عشرة من أكثر الاختراعات إثارة في عام 2018

ترجمة: الحسين الطاهر

تدقيق: حسين جرود

المصدر