حديثًا، رُصد مُذنب ضخم للغاية -لدرجة ظُن خطأً في البداية أنه كوكب قزم- يقترب مساره قادمًا من النظام الشمسي الخارجي.

سيقترب المذنب (C/2014 UN217) من مدار كوكب زحل، وسيسمح حجمه الضخم وقربه النسبي للباحثين بدراسة هذا الجرم القديم الذي يرجع أصله إلى سحابة أورت، ما سيوفر معلومات جديدة عن نشأة المنظومة الشمسية.

علق الباحث في علم الفلك من جامعة بنسلفانيا، غاري بيرنشتاين، قائلًا: «إنها فرصة عظيمة لدراسة أكبر مذنب رُصد في التاريخ، ومراقبته خلال مراحل تطوره، إذ لم يقترب هذا الجرم من مجموعتنا الشمسية منذ ما يقارب ثلاثة ملايين سنة».

لا يزال نظامنا الشمسي الخارجي منطقة غامضة ومهمة في الدراسات المستقبلية، إذ إنه بعيد للغاية، مع وجود أجرام صغيرة الحجم هناك، ما يصعب مهمة تحليل أي بيانات عن المنطقة وراء كوكب نبتون.

مع ذلك، لدينا فكرة عامة عن الأجرام الموجودة هناك، إذ يوجد حزام كايبر المؤلف من أجرام جليدية صغيرة نسبيًا، ثم سحابة أورت على مسافة أبعد بكثير، ولا مزيد من التفاصيل.

بين عامي 2013 و2019، ساعد مسح الطاقة المظلمة على إعطائنا المزيد من المعلومات عن تلك المنطقة.

كان هدف المسح حساب تسارع توسع الكون، برصد الأشعة فوق الحمراء والأشعة القريبة مما فوق الحمراء المنبعثة من ظواهر وتجمعات فلكية كبرى كانفجارات المستعرات العظمى والعناقيد المجرية. إذ يُعتقد أن للطاقة المظلمة تأثير في تمدد الكون.

ساهمت بيانات مسح الطاقة المظلمة في رصد عددٍ من الأجرام الموجودة في النظام الشمسي الخارجي ، على بعد نحو 30 وحدة فلكية عن الشمس (الوحدة الفلكية = 150 مليون كيلومتر). عام 2021، تمكن فريق من الباحثين من تحديد 461 جرمًا في تلك المنطقة اعتمادًا على بيانات المسح.

أحد هذه الأجرام هو C/2014 UN217 الذي رصده بيرنشتاين وبيدرو بيرناردينلي. كتب الفريق: «يُعد هذا المُذنب حديثًا، إذ لم يقترب أي جرم من سحابة أورت إلى هذه المسافة من الشمس، نحو 18 وحدة فلكية».

رصد الباحثون النيزك قبل اقترابه من مدار أورانوس، ولم يحدث أن رُصد بهذا القرب من قبل.

وفقًا لتحليل البيانات الذي أجراه الفريق، فإن المذنب قد بدأ رحلته نحو المنظومة الشمسية منذ مسافة تقارب 40400 وحدة فلكية بعيدًا عن الشمس. على تلك المسافة، توجد سحابة أورت، التي تمتد بين 2000 إلى 100,000 وحدة فلكية.

عندما رُصد المذنب، كان على بُعد 29 وحدة فلكية عن الشمس. سيقترب سنة 2031 إلى حده الأقصى عند 10.97 وحدة فلكية، بالقرب من مدار زحل الذي يبلغ وسطيًا 9.5 وحدة فلكية عن الشمس.

يصل قطر C/2014 UN217 إلى 155 كيلومترًا، ما يجعله ضخمًا للغاية مقارنةً بغيره من المذنبات. مع ذلك، لن يمكن رصده بالعين المجردة.

مع ذلك يحاول العلماء دراسة تفاصيله باستعمال التلسكوبات المتطورة، إذ يحاولون التعرف على مكونات هذا المذنب، ما سيمدنا بمزيد من المعلومات عن نشأة النظام الشمسي. إذ يُعتقد أن الأجرام الجليدية الموجودة على حدود المجموعة الشمسية لم تتعرض لكثيرٍ من التغيرات منذ تكونها قبل 4.5 مليار سنة.

رصد الباحثون حاليًا ذؤابة المذنب، هالة تتشكل حول المذنب عند اقترابه من الشمس، إذ يساهم ارتفاع الحرارة في تسامي الجليد على سطح المذنب، ما يكوّن هذه الذؤابة، وعلى مسافات أقرب من الشمس، يظهر ذيل المذنب. يساهم التحليل الطيفي لهذه الخصائص المتعلقة بالمذنب في معرفة مكوناته.

إن معرفتنا محدودة بالأجسام الموجودة في سحابة أورت، ما يجعل من هذا المذنب فرصة مثالية للتعرف على بيانات أكثر عن تلك السحابة، وعن نظامنا الشمسي الخارجي عمومًا.

اقرأ أيضًا:

الفضاء السحيق… سحابة أورت

ما الفرق بين المذنب و الكويكب و الشهاب ؟

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: روان أحمد أبوزيد

المصدر