تهدف ضريبة الكربون إلى إجبار الأشخاص والشركات على دفع التكلفة الاجتماعية الكاملة لتلوث الكربون. نظريًا، ستُخفّض الضريبة التلوث وتحفز البدائل الأكثر ملائمة للبيئة.

يدَّعي بعض النقاد أن ضريبة الكربون تزيد التكاليف على الشركات وتُخفض من مستويات الاستثمار والنمو الاقتصادي.

الهدف من ضريبة الكربون

الهدف من ضريبة الكربون هو استيعاب الطابع الخارجي، ما يعني أن السعر النهائي للسلع يشمل التكاليف الخارجية وليس التكاليف الخاصة فقط.

وذلك مماثل لمبدأ القانون البيئي «الملوث يدفع»، الذي أصبح قانونًا دوليًا في مؤتمر قمة ريو لعام 1992، ما يعني ببساطة أن أولئك الذين يتسببون في أضرار بيئية يفرض عليهم دفع كامل التكلفة الاجتماعية الناتجة عن أعمالهم.

رسم بياني يظهر فقدان رفاهية عوامل خارجية سلبية

رسم بياني يظهر فقدان رفاهية عوامل خارجية سلبية

يُظهر هذا الرسم البياني أن في سوق حرة (دون أي ضريبة) نحصل على الاستهلاك المفرط للكربون (Q2) ما يؤدي إلى فقدان في رفاهية المجتمع.

الكفاءة الاجتماعية مع ضريبة الكربون

تحول الضريبة منحى العرض من S إلى S2. مع وجود الضريبة، يواجه المستهلك الآن التكلفة الاجتماعية الكاملة (SMC)، إذ تنخفض الكمية من Q1 إلى Q2 لكون Q2 أكثر كفاءة اجتماعية؛ لأن التكلفة الهامشية الاجتماعية= المنفعة الهامشية الاجتماعية.

المحايدة في الإيرادات

نظريًا، قد تكون ضريبة الكربون محايدة من حيث الإيرادات، ما يعني أن وجود ضريبة الكربون تساعد على تخفيض ضرائب أخرى، وهذا للحد من زيادة شاملة في العبء الضريبي. والهدف هو زيادة الكفاءة الاجتماعية عبر توعية الناس بالتكلفة الاجتماعية الكاملة.

حجج فرض ضريبة الكربون

 التشجيع على البدائل:

عبر زيادة أسعار الانبعاثات الكربونية، إذ تُشجِع الشركات على تطوير محركات أكثر كفاءة وأقل صرفًا أو بدائل لمحركات الانبعاث الكربوني.

مثال ذلك، مع فرض ضرائب على الكربون، ستزيد أهمية تطوير المحركات الهيدروجينية أو الطاقة الشمسية.

قد تشجع هذه الضريبة بعض الأشخاص على المشي أو استخدام الدراجة الهوائية للذهاب للعمل، ما يؤدي إلى فوائد صحية مثل انخفاض خطر الإصابة بنوبات قلبية

وهذا من شأنه أن يزيد من إمكانية توليد الكهرباء عبر مصادر خضراء أكثر جدوى كالطاقة الشمسية مثلًا. وإذا طورنا المزيد من المصادر الخضراء سيقل اعتمادنا على النفط، وستساعد أيضًا على تسهيل الانتقال إلى اقتصاد ما بعد النفط.

 زيادة الإيرادات:

يمكن استخدام الإيرادات الناتجة عن ضريبة الكربون لتمويل البدائل مثل الكهرباء الخضراء، أو يمكن استخدام الإيرادات التي جُمِعت لإصلاح الضرر الناجم عن التلوث البيئي، وأيضًا لخفض ضرائب أخرى مثل ضريبة القيمة المضافة.

 نتائج فعالة اجتماعيًا:

تجعل هذه الضريبة الناس يدفعون التكلفة الاجتماعية، ويتجاوزون الاستهلاك الزائد الذي نراه في السوق الحرة.

 تحسين البيئة:

مع زيادة الضرائب، ستخفض الشركات التلوث وتبحث عن بدائل ذات تأثير بيئي أقل.

مثال ذلك، ستجعل الطاقة الشمسية أكثر قدرة على المنافسة من الوقود الأحفوري التقليدي.

 دليل النجاح

حققت البلدان التي فرضت ضرائب على الكربون نتائج مشجعة، مثل انخفاض انبعاثات الكربون عن ذي قبل، وإلى هبوط كبير في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في كثير من الحالات.

مثال ذلك، أدخلت السويد ضريبة على الكربون قدرها 33 يورو للطن في عام 1991، ومع مرور الوقت، زادت ضريبة الكربون إلى 120 يورو للطن الواحد.

ومنذ منتصف التسعينيات انخفضت مستويات الانبعاثات في السويد بأكثر من 20%، ما يجعلها واحدة من أكثر بلدان الاتحاد الأوروبي نجاحًا في خفض الانبعاثات، رغم مرورها بفترة نمو اقتصادي قوي، ما يدل على أن ضريبة الكربون يمكنها أن تؤدي دورًا في الحد من الانبعاثات الكربونية، دون عرقلة النمو الاقتصادي وارتفاع مستويات المعيشة.

أمثلة لعمليات تنفيذ ناجحة لضريبة الكربون

 المملكة المتحدة:

انخفض استخدام الفحم انخفاضًا حادًا بعد فرض ضريبة كربون تبلغ نحو 25 دولارًا للطن في عام 2013، إذ انخفضت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في المملكة المتحدة إلى أدنى مستوى منذ عام 1890

 بريتيش كولومبيا في كندا:

قدمت خطة في عام 2008 لفرض ضريبة على الكربون، في السنوات الأربع الأولى من المخطط 2008-2012.

قالت كارين تام وو من معهد بيمبينا: «شهدنا انخفاضًا في استهلاك الوقود الأحفوري بأكثر من 17% بينما زاد استهلاك الوقود في بقية أنحاء كندا بأكثر من 1%».

نفذت كندا ضريبة على تسعير الكربون (تحت اسم تسعير التلوث)، إذ أدت هذه الضريبة إلى ارتفاع فواتير الطاقة، ولكن 90% من العائدات تُعطى للأسر على صورة تخفيضات ضريبية، ولم يُقيم النجاح الكامل للمخطط، ولكنه يحتفظ بدعم شعبي.

عوائق تطبيق ضريبة الكربون

قد يُنقل الإنتاج إلى البلدان التي تفرض ضرائب كربون ضئيلة أو البلدان التي لا تفرض أي ضريبة على الكربون، تسمى تلك (ملاذات التلوث) وهي غالبًا من الدول النامية التي تشجع عمليات الإنتاج التي تسبب التلوث بهدف ربح المال.

قد تكون تكلفة إدارة وجمع الضريبة عالية، ما يؤدي لتقليل كفاءتها وقيمتها النهائية، ومن الصعب تقييم مستوى التكلفة الخارجية وتحديد قيمة الضريبة.

إمكانية التهرب الضريبي، وقد تشجع الضرائب الأعلى الشركات على إخفاء نسبة انبعاثات الكربون الحقيقية.

في حال زيادة الطلب، قد تكون الضريبة مرتفعة للغاية لخفض الطلب إلى حد كبير، وعلى المدى القريب، قد لا تشعر الشركات بأن لديها العديد من البدائل، وبمرور الوقت، سيصبح الطلب أكثر مرونة مع وجود المزيد من البدائل.

لا يحب المستهلكون الضرائب الجديدة ولا يظنون في كثير من الأحيان أنهم سيكونون «محايدين للإيرادات»، وهذه ليست حجة اقتصادية، ولكنها حقيقة سياسية تفسر لماذا يصعب تنفيذها في كثير من الأحيان.

تؤدي ضريبة الكربون العالمية إلى تقليص النشاط الاقتصادي في العالم النامي الفقير؛ لأنها لا تستطيع تحمل الزيادة الضئيلة في تكاليف الطاقة، ولكن العالم المتقدم ببساطة قد يستطيع الدفع، وقد تكون هناك حاجة إلى فرض ضريبة على الكربون تعكس مختلف القدرات على الدفع.

الخلاصة

يعتمد تحقيق النجاح على كيفية توزيع عائدات ضريبة الكربون، ففي بريتيش كولومبيا بكندا تذهب العائدات الرئيسية من تسعير الكربون مباشرة إلى الشركات والأسر، ما يجعل ضريبة الكربون تحظى بشعبية كبيرة بين الدوائر السياسية المهمة.

على النقيض ذلك، عانت ضريبة الكربون قصيرة الأجل في أستراليا 2012-2014 من الافتقار إلى الفهم السياسي وسوء التواصل والشفافية بشأن من استفاد منها.

اقرأ أيضًا:

ما هي أهم خصائص النظام الرأسمالي؟

المعجزة الاقتصادية الألمانية

ترجمة: مرهف جمعة

تدقيق: تسبيح علي

المصدر