إحدى ميزات علم الكواكب هي إمكانية تفسير ظواهر كوكب ما بفضل الرؤى من كوكب آخر، فنحن نفهم تأثير الغازات الدفيئة لكوكب الزهرة من تجربتنا الخاصة على الأرض، ويشترك المشتري وزحل في بعض الخصائص. لكن المشتري يوفر رؤىً لأنظمة أبعد مثل أورانوس ونبتون أيضًا؛ ولعل الاكتشاف الحالي من مركبةٍ فضائية تدور حول المشتري أدى إلى حل اللغز القديم حول مكان اختفاء الأمونيا على أورانوس ونبتون.

لاحظ العلماء منذ مدة طويلة غياب الأمونيا في الغلافين الجويين لكوكبي أورانوس ونبتون مقارنةً بالكميات التي شوهدت على المشتري وزحل؛ وقد عدّ كثيرون هذا الأمر غريبًا، إذ اقترحت نماذج تكوين الكواكب أن جميع عمالقة الغاز قد نشأت من البلازما التي كانت موجودة في اللحظات الأولى من الكون المعروفة بالحساء البدائي، لذا يجب أن تكون تراكيب هذه الكواكب متشابهة، وبعد أن كثُرت النظريات حول مكان ذهاب الأمونيا، لمّح فحصٌ أدق للمشتري إلى وجود تفسير محتمل.

وجد المسبار جونو الذي يستكشف نظام المشتري حاليًا أن الأمونيا في الغلاف الجوي العلوي كانت قد شكلت «كرات برَد» من طريق الاندماج مع الماء الموجود أيضًا في الغلاف الجوي. تتشابه كرات البرَد هذه مع حبات البرَد، وتمتاز بأنها أكثر سيولةً من حبات البرَد التقليدية، إذ يتلامس ماء الأمونيا السائل حتى في درجات حرارةٍ مرتفعةٍ للغاية، حال تلك الموجودة في الغلاف الجوي العلوي للمشتري.

قد تنمو كرات البرَد هذه لتصبح أكبر من بعض حبات البَرد العملاقة الموجودة على الأرض، وهي معرضة لتسقط بسرعةٍ عبر الغلاف الجوي وبدورها ستسحب الأجزاء المكونة لها إلى الأسفل خارج النطاق العلوي للغلاف الجوي، وبعد أن ترتفع الحرارة في أثناء اقتراب كرات البَرد المندمج من مركز المشتري، يتبخر كلٌ من الأمونيا والماء، سامحًا لهم بالصعود مرةً أخرى إلى النطاق العلوي المرصود.

وفقا لتريستون جيلوت من «CRNS لابراتوار لاجرانج»، قد تحدث العملية ذاتها على كوكبي نبتون وأورانوس، لكن كرات البرَد تحافظ على الأمونيا في الغلاف الجوي السفلي لمدة أطول مع فرصة ضئيلة لإطلاقها إلى الارتفاعات الملحوظة مجددًا، قد تبدو الأمونيا مفقودةً بقدرات الرصد الحالية في ارتفاعات بهذا الانخفاض؛ إذ إن الطبقات العليا للغيوم ستحجب أي قراءة للأمونيا، ومن ثم ستبدو وكأنها اختفت.

تتطلب رؤية الأمونيا الخفية مهمةً مخصصةً لاستكشاف الطبقات السفلى للأغلفة الجوية للكواكب الخارجية تحديدًا. وقد رُوِّج لعدة بعثات في الماضي، لم تعد أيٌ منها قيد العمل حاليًا. ويشير الدكتور جيلوت إلى أن فهم الكواكب الخارجية في نظامنا الشمسي قد يساعدنا على فهم الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية الأبعد عن نظامنا الشمسي بكثير، وربما حان الوقت لإرسال مسبارٍ مخصص لمعرفة المزيد عن الكواكب الأبعد المجاورة لنا.

اقرأ أيضًا:

اكتشاف ما يزيد عن 450 جرمًا في مجموعتنا الشمسية

ثقب أسود جائع قد يكشف أصل عمالقة الفضاء

ترجمة: ربيع شحود

تدقيق :أحمد الحميّد

المصدر