ما زلنا نجهل الكثير عن المادة المظلمة، تلك الكتلة غير المرئية الغامضة التي قد تشكل ما يصل إلى 85% من كل ما حولنا، ولكن دراسة جديدة توضح نظرية غير اعتيادية إلى حد ما عن تكوّن هذه الأشياء.

تخلق المادة المظلمة المزيد من المادة المظلمة، والفكرة أن جزيئات المادّة المظلمة في مراحل الكون الأولى كانت قادرةً على خلق المزيد من نفسها من جزيئات المادة العادية، الأمر الذي يفسر سبب وجود الكثير منها الآن.

استند البحث الجديد على المقترحات السابقة حول «الحمّام الحراري»، إذ أنتجت المادة العادية -التي على هيئة بلازما- أجزاء المادة المظلمة، وهي الجزيئات الأولية التي قد تكون امتلكت القدرة بعد ذلك على تحويل جزيئات الحمّام الحراري إلى مزيد من المادة المظلمة، وكتب فريق الفيزيائيين الدولي بقيادة تورستن برينجمان من جامعة أوسلو في النرويج في بحثهم المنشور حديثًا: «يؤدي ذلك إلى نمو متسارع لكثافة أعداد المادة المظلمة، في تشابه وثيق مع عمليات النمو المتسارعة المعروفة الأُخرى في الطبيعة».

هنالك بعض الأسئلة تنتظر الإجابات بخصوص هذه الفرضية الجديدة، مثل كل ما يتعلق بالمادة المظلمة، لكن الأهم من ذلك، أنها تتناسب مع عمليات مراقبة المادة المظلمة التي نمتلكها اليوم بفضل إشعاع الخلفية الميكروي الكوني. مع عدم قدرتنا على رؤية المادّة المظلمة مباشرةً، فإن سلوك الكون -إلى جانب الإشعاع الكهرومغناطيسي، الذي يشكل إشعاع الخلفية الميكروي الكوني- يشير بقوة إلى أن المادّة المظلمة موجودة في مكان ما وبكميات هائلة جدًا.

تحاول سيناريوهات عدة تفسير الظروف التي قد تقيد نسب المادة المظلمة التي نراها، ويقترح أحد هذه السيناريوهات الذي يسمى سيناريو التجمد الداخلي أنه لا شيء قد ألغى المادة المظلمة، بصرف النظر عن كيفية ظهورها في الحمّام الحراري للبلازما الأولى. فقد توقف التوليد التدريجي للكون ببساطة مع توسعه، وحبس كمية معينة إلى الأبد.

في المقابل، يشير نموذج التجمد الخارجي إلى أن المادة المظلمة قد ظهرت بالسرعة ذاتها التي ظهرت فيها المادة العادية، لكنها وصلت إلى حالة توازن حالما ألغت الجسيمات المضادة بعضًا منها. جمدت برودة الكون المتوسع توليده مرةً أًخرى، ولكنها جمدت أيضًا قدرته على الفناء بسرعة تاركةً كمية محددة.

تقترح هذه الدراسة الجديدة احتمالًا آخر ما بين الطرفين، وإن كان هذا صحيحًا؛ يعني أن كمية المادّة المظلمة قد نمت بسرعة في أثناء توسع الكون، مع تباطؤ هذا النمو وتوقفه في النهاية بسبب تباطؤ توسع الكون. توقف خط إنتاج المادّة المظلمة هذا بسبب التباعد المتزايد بين المادة العادية والمادة المظلمة مع مرور الوقت. قال الباحثون إنه ينبغي أن يكون هنالك دليل في مكان ما في إشعاع الخلفية الميكروي الكوني يدعم صحة هذه النظرية. إذن، فالمهمة التالية هي العثور عليه.

قد لا يضطر الباحثون إلى الانتظار طويلًا قبل معرفة المزيد عن نهج فهم إنتاج المادّة المظلمة الجديد، هذا بفضل كاشفات المادّة المظلمة عالية الحساسية التي تراقب الكون، ومن ثم سوف تعلمنا المزيد عن خلق الكون ونموه.

كتب الباحثون: «تكمل آليتنا سيناريوهات الإنتاج الحراري لكل من التجمد الداخلي والتجمد الخارجي عمومًا، ومن ثم يبدو أن استكشاف الطريقة الجديدة هذه لإنتاج المادة المظلمة من الحمّام الحراري أمر مبرر جدًا».

اقرأ أيضًا:

كاشف المادة المظلمة: ماذا تعني النتائج الغريبة التي توصل إليها؟

هل تختبئ المادة المظلمة قرب مركز مجرتنا؟

ترجمة: ربيع شحود

تدقيق: باسل حميدي

مراجعة: حسين جرود

المصدر