لقد عرفتما بعضكما لسنوات عديدة وحتى الآن، وقد فهمتما بعضكما حقًا. أنتما تتشاركان المنزل، وتدفعان الفواتير وتتجولان في الحديقة معًا. يتطلع كلاكما إلى الروتين الصباحي يوم الأحد وحل أحجية الكلمات المتقاطعة في الجريدة، أنتما حقًا في حالة حب عميق.

ترغبان في الزواج، لكن لسوء الحظ، تعيشان في مجتمع تُعد فيه علاقتكما غير طبيعية وغير أخلاقية، رغم اتساع حبكما، فإن الزواج مخالف للقانون، لو كان حبيبك إنسانًا لا روبوت فقد يكون المجتمع أكثر تسامحًا.

قد تبدو فكرة الزواج بين الإنسان والروبوت بعيدة المنال الآن، إلا أنها قد تتحقق يومًا ما إذا كانت نظرية باحث الذكاء الاصطناعي ديفيد ليفي صحيحة.

ليفي، باحث بريطاني حصل حديثًا على درجة الدكتوراه من جامعة ماستريخت في هولندا، يظن أنه بحلول عام 2050 سيتمكن الإنسان والروبوت من الزواج قانونيًا في الولايات المتحدة، ويتوقع أن تقود ولاية ماساتشوستس الطريق كما فعلت عام 2004، عندما أصبحت أول ولاية تسمح بزواج المثليين.

مع تزايد ظهور الروبوت بمظهر بشري، رأى ليفي وغيره من علماء الروبوت أن الناس سيمارسون الجنس مع الروبوت بحلول عام 2011، أو كما توقع أحد منظري الذكاء الاصطناعي على الأقل.

الجاذبية الجسدية، إلى جانب التطور في برمجة الروبوت التي ستسمح بالعواطف الشبيهة بالإنسان والذكاء في الروبوت، قد تنتج رفقاء اصطناعيين سيرغب بعض البشر في الزواج منهم.

في الواقع، قال ليفي إنه لا مفر من حدوث ذلك.

لماذا هو واثق جدًا من ذلك؟ في أطروحته للدكتوراه، أجرى ليفي أبحاثًا في علم الاجتماع، وعلم الجنس، وعلم الروبوت والذكاء الاصطناعي، ومجالات أخرى، تتعلق بالزواج والحب والروبوتات، وخلص إلى أن جميع العوامل المهمة والسمات التي تجعل البشر يقعون في الحب، يمكن برمجتها في الروبوتات.

لقد ألقينا بالفعل نظرةً خاطفةً على الحياة اليومية في إطار زواج الروبوت.

هل تتذكر إعلان «Mandroid» من Greek Squad الذي يظهر فيه الزوج الروبوت ذو اللثغة؟

لا يتوقع ليفي أن يتوقف الأزواج البشريون عن الوقوع في الحب والتكاثر، إنه لا يظن حتى أن الكثير من الناس سيختارون رفيقًا آليًا. يظن ليفي أن الروبوتات ستوفر لبعض الأشخاص بديلًا عمليًا، لعدم القدرة على العثور على الشريك المثالي. بوسع الأشخاص الخجولين الذين لا يرتاحون لمقابلة الآخرين الاستفادة من الزواج من روبوت. وبوسع المرضى العقليين والأشخاص «ذوي الشخصيات غير المريحة» الزواج من روبوت.

هل يعني هذا أن الروبوتات ستُصنع ليكون لدى الأشخاص السيئين شيئًا يتحكمون فيه؟ ماذا سيحدث عندما يدفع الناس الروبوت إلى الموت؟

اتضح أن الكثير من الناس يفكرون اليوم في العواقب الأخلاقية التي ستشكلها حياة الروبوتات غدًا.

وضع مؤلف الخيال العلمي إسحاق عظيموف القوانين الثلاثة للروبوتات في قصته القصيرة «Runaround»، تهدف هذه القوانين أساسًا إلى حماية البشر من الروبوت، فهل للروبوتات حقوق أيضًا؟

ماذا سيحدث إذا أصبحت الروبوتات جزءًا كبيرًا من المجتمع؟ كيف سيعاملها الناس؟ هل سيعد البشر أنفسهم متفوقين على إبداعاتهم؟ هل سيرفضون فكرة أن تأخذ الروبوتات مكان أحد الشركاء في علاقة عاطفية؟ يظن العديد من علماء الروبوت أن الوقت قد حان لبدء التفكير في الأسئلة الأخلاقية التي يطرحها تطوير الإنسان للروبوتات. خططت كوريا الجنوبية لامتلاك روبوت في كل منزل بحلول عام 2020، ما يشبه عدم واقعية حملة «دجاجة في كل وعاء» لهربرت هوفر في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 1928.

إنه لأمر جيد أن تكون كوريا الجنوبية سبّاقة فيما يخص التفكير في أخلاقيات الروبوت، إذ أعلنت في مارس 2007 اجتماع لجنة لتطوير ميثاق أخلاقيات الروبوت، وهي مجموعة من المبادئ التوجيهية للبرمجة الروبوتية في المستقبل، وستتعامل مع الجوانب البشرية للتفاعل بين الإنسان والروبوت -مثل الضمانات ضد الإدمان على الجنس الروبوتي- واستكشاف طرق حماية البشر والروبوت من سوء المعاملة للطرفين.

الكوريون ليسوا وحدهم الذين فكروا في حقوق الروبوت، فقد طُرحت قضايا الروبوت المستقبلية عام 2006 جزءًا من مؤتمر حول المستقبل بتكليف من الحكومة البريطانية، من القضايا التي نُوقشت الحاجة المحتملة إلى الرعاية الصحية المدعومة من الحكومة، والإسكان للروبوتات، ودور الروبوت في الجيش.

ليس ضروريًا معالجة هذه الاعتبارات فورًا، لكن مع تزايد الشبه بين الروبوت والكائنات الحية، فمن المؤكد أن هذه المشكلات ستصبح واقعًا. يعمل المصممون بالفعل على جلد آلي يمكنه إنتاج تعابير وجه تشبه البشر، ويطور آخرون روبوتات يمكنها إجراء المحادثات ومحاكاة المشاعر البشرية.

قد يكون من الصعب جدًا على كثير من الناس التغلب على فكرة زوجين من إنسان وروبوت.

سنة 1970 كتب الدكتور ماساهيرو موري مقالًا لمجلة إنيرجي، يصف فيه «الوادي الغريب»، وهي ظاهرة يشعر فيها الناس بعدم الارتياح تجاه الكائنات التكنولوجية إذ تصبح أكثر شبهًا بالبشر. يصنع الناس روبوتات تتمتع بصفات بشرية لمساعدتهم على إتمام المهام، ولكن عندما تبدو هذه الروبوتات وتتصرف مثل البشر، فقد يعزف الناس عنها.

مع هذه الميزات وغيرها، ستقدم روبوتات المستقبل العديد من التحديات الكبيرة في اندماجها في المجتمع البشري. وفي مواجهة مثل هذه التحديات، قد لا تكون فكرة زواج الإنسان من الروبوت مستهجنة للغاية، هذا إذا كان الروبوت مستعدًاد للزواج مثل الإنسان.

اقرأ أيضًا:

إنه عصر الروبوتات الجنسية، فما المخاطر المحتملة؟

نقطتان كموميتان مقترنتان قد توفران طريقة جديدة لتخزين المعلومات الكمومية

ترجمة: مي مالك

تدقيق: عبد الرحمن داده

المصدر