على قرابة عام من تحطيم مشروع KSTAR التابع للمعهد الكوري للطاقة النووية؛ الأرقام القياسية في الاندماج النووي، ها هو يفعلها مجددًا ولكن هذه المرة يتمكن من الحفاظ على البلازما تحت درجة حرارة وصلت إلى 100 مليون درجة مئوية مدة 30 ثانية كاملة.

على الرغم من كون المدة الزمنية تلك أقل بكثير مما حددته الأكاديمية الصينية للعلوم هذا العام والذي قد بلغ 101 ثانية، فإنه سيبقى حدثًا في غاية الأهمية في طريقنا إلى طاقةٍ نظيفة وغير محدودة تقريبًا، التي يمكنها أن تغير الطريقة التي تعتمدها مجتمعاتنا في استهلاك الوقود.

ولنبيّن سبب أهميته:

داخل أعماق النجوم -مثل ما يحدث في شمسنا- تمنح الجاذبية ودرجات الحرارة المرتفعة؛ العناصر البسيطة مثل الهيدروجين الطاقة التي تحتاجها ذراتها للتغلب على قوى التنافر الحادثة في أنويتها، وتجبرها على التحول من ذراتٍ بسيطة إلى ذراتٍ ذات كتل ذرية أكبر.

ينتج عن تلك الحادثة المسماة بالاندماج النووي؛ العناصر الثقيلة وبعض النيوترونات والكثير من الحرارة.

لا يمكننا الحصول على الجاذبية الحادثة في الشمس على الأرض، ولكن يمكننا الاستعاضة عن الجاذبية الكبيرة ببعض أشكال الحرارة الإضافية وتحقيق نتائج مشابهة. إذ يمكننا أن نزيد الحرارة بما يكفي بواسطة الاندماج النووي لاستمرار عملية التفاعل النووي، مع وجود ما يكفي من ذرات الهيدروجين لامتصاص الطاقة المتبقية.

حسنًا كانت تلك هي الفكرة النظرية. ولكن الحصول على تلك البلازما ذات الحرارة الجنونية ووضعها في مكانٍ ما لوقتٍ يكفي للاستفادة من حرارتها المتدفقة كمصدر قوي وموثوق للطاقة؛ كان يتطلب بعض الأفكار العبقرية.

يُعد KSTAR واحدًا من المنشآت النادرة التي تمثل مرافق اختبار في العالم، والتي تعمل على معالجة مشاكل تقنية تضاد البلازما المسماة «توكماك».

يمثل توكماك حلقات معدنية كبيرة صُممت لتحتوي سحبًا من الجسيمات الساخنة المشحونة. ولكونها مشحونة، فإنه ينجم عن حركتها مجالًا مغناطيسيًا قويًا للغاية، يسمح بدفعها إلى مكانٍ ما بوساطة مجال مضاد.

KSTAR توكماك (المعهد الوطني لبحوث الاندماج النووي)

KSTAR توكماك (المعهد الوطني لبحوث الاندماج النووي)

تتمثل حيلة توكماك في استطاعته الحصول على تدفق بدرجة معينة بطريقة لا تفلت فيها البلازما من حدوده المغناطيسية. لكن الكلام أسهل كثيرًا من الفعل، وهذا لأن نبضات البلازما الساخنة ليست محض دوامات قوية من الجسيمات بل إنها دوامات غير مستقرة وفوضوية.

توجد العديد من الطرق لتحقيق نتائج مشابهة. ففي أجهزة بلازما Stellerators مثل مفاعل الاندماج النووي الألماني (ويندلاشتاين 7 أكس)؛ تُتخذ طرق أكثر تعقيدًا، تتمثل في نفقٍ صُمم بواسطة الذكاء الاصطناعي من اللفائف المغناطيسية، إذ يُحافَظ على حلقات البلازما الدوامية في مكانها، ما قد يعدنا بوقتٍ أطول لبقاء البلازما، ولكنه يجعل من الصعب قليلًا تسخينها.

من ناحيةٍ أخرى، سجل توكماك درجات حرارة مرتفعة للغاية مقارنةً بمرافق الاختبار الأخرى في السنوات الأخيرة الماضية.

أصبح مفاعل توكماك المتقدم التجريبي فائق التوصيل EAST؛ الأول من نوعه الذي سجل درجات حرارة كبيرة وصلت إلى 100 مليون درجة مئوية عام 2018، وهي درجة حرارة لا يمكن أن يصل إليها stellerator حتى الآن.

استطاع EAST تسخين البلازما إلى ما يصل إلى 120 مليون درجة مئوية وتمكن من الاحتفاظ بها مدةً تصل إلى أكثر من دقيقة ونصف، ولكن تلك الحرارة كانت مقياسًا لطاقة إلكترونات الذرات. نعم إنها حرارة بلا شك، ولكن ارتفاع درجة حرارة الأيونات الأثقل مهم أيضًا.

استطاع KSTAR برفع درجة حرارة أيوناته إلى 100 درجة مئوية، والحفاظ على البلازما مدة 20 ثانية العام الماضي.

ولكننا الآن في خضم حدث رائع، إذ استطاع KSTAR أن يزيد من مدة احتفاظه بالبلازما إلى 30 ثانيةً بعد أكثر من 12 شهرًا بقليل، إنه أمر مشجع جدًا.

تتبع مرافق الاختبار طرقًا مختلفة قليلًا لفعل الأشياء، محاولةً الوصول إلى مرحلة الاستقرار في درجة حرارة الإلكترون أو البلازما.

المشجع في الأمر رؤية كل رقم قياسي كتحدٍ جديد، إنه من المهم الاحتفال بكل خطوة على أنها دروس ما زال علينا تعلم المزيد منها.

يمثل كل إنجاز نخطو نحوه حلولًا مقترحة للآخرين للتعامل مع العقبات التي نواجهها في تسخير قوة مماثلة للقوةِ الناشئة في الشمس مصدر طاقةٍ للأرض.

اقرأ أيضًا:

خطوة جديدة نحو تحقيق طاقة اندماج نووي غير محدودة

احتمال تشغيل أول مفاعل اندماج نووي بحلول عام 2025

ترجمة: آية قاسم

تدقيق: عبد الرحمن داده

المصدر