تخيل أنك تجلس في سيارتك منتظرًا إشارة المرور لتصبح خضراء، وعندما تلتفت، تجد بجوارك شخصًا ما يستعد للانطلاق بتدوير المحرك، فتضحك في قرارة نفسك لأنه لم ينتبه لنوع سيارتك «تسلا طراز إس»، أو أنه يعد السيارات الكهربائية عائقًا. تفتح الإشارة، وتضع قدمك على دواسة الوقود لتتجاوز ذاك الشخص بمسافة كبيرة.

إذا أردت أن تنطلق من 0 إلى 96 كيلومتر بالساعة بأسرع ما يمكن، فالسيارات الكهربائية هي خيارك الأنسب. لا تندهش مثل الشخص الذي تركته عند إشارة المرور. مع ذلك، بعض السيارات العاملة بالوقود يمكنها أن تحظى بالسرعات القصوى أيضًا، إذن ما الفرق بين النوعين؟ سرعة الاستجابة غالبًا.

«السرعة» مقابل «سرعة الوصول»

في مصطلحات سباقات السيارات، يُستخدم المصطلح «سرعة الوصول» (Quick) للتعبير عن المدة التي تستغرقها السيارة للوصول من النقطة (أ) إلى النقطة (ب)، في حين يُستخدم المصطلح «السرعة» (Fast) لوصف السرعة القصوى التي تبلغها السيارة ضمن السباق. أي إن السيارة «الأسرع» هي التي تبلغ أقصى سرعة على مدار السباق، أما السيارة «الأسرع وصولًا» فهي التي تبلغ خط النهاية أولًا.

تستطيع السيارات الكهربائية الوصول قبل السيارات العاملة بالوقود، مع أنها لا تستطيع تحقيق سرعات أعلى! يوضح المثال السابق -مثال إشارة المرور- ذلك، فالسيارات الكهربائية تستطيع الانطلاق من وضع التوقف إلى أقصى سرعة لها في غضون ثوان، في حين تتميز السيارات العاملة بالوقود بالحفاظ على السرعات القصوى أطول فترة ممكنة.

يقدم مهندس شركة تسلا السابق «داستن جرايس» نظرة عامة جيدة، إذ أوضح أن السيارات الكهربائية تولد عزمًا أكبر مما تولده السيارات العاملة بالوقود، وهذا ما يميز السيارات الكهربائية، لأن العزم هو ما يدفع السيارة إلى الأمام. المحرك الخاص بالسيارات الكهربائية في التصميمات الحديثة يغني السيارة عن ناقل الحركة التقليدي. إذ تنتقل القوة مباشرةً إلى العجلات، فتتسارع لحظيًا، ما يجعل السيارات الكهربائية تنطلق بسرعة أكبر في البداية.

أما في السيارات العاملة بالوقود، فيوجه المحرك الطاقة أولًا إلى ناقل الحركة، الذي ينقلها بدوره إلى العجلات، ما يُعرف بمجموعة القيادة. هذه العملية تستغرق وقتًا أطول، وتستهلك طاقةً أكبر لبلوغ السرعة القصوى. بعض الطاقة التي يولدها المحرك -نحو 15%- تُهدَر ضمن مجموعة القيادة، ما يعرف بفقد مجموعة القيادة.

الفاعلية مقدرةً بقوة الحصان

بالمقارنة بين السيارة الكهربائية والسيارة العاملة بالوقود على مقياس القوة، فستجد أن السيارة الكهربائية أقوى مقارنةً بنظيرتها العاملة بالوقود. إذ إن السيارات الكهربائية تمتلك أجزاءً متحركة أقل، من ثم تمتلك القدرة على العمل بفاعلية أكبر. تلك الفاعلية لا تعتمد على استهلاك الوقود فحسب، بل تعتمد أيضًا على سرعة المركبة وخفة حركتها. ما يجعل السيارات الكهربائية أفضل من حيث توفير تكاليف صيانة المحرك.

لعزم الدوران الفوري ومجموعة القيادة الفضل في جعل السيارات الكهربائية تنطلق بسرعة أكبر من نظيرتها التي تمتلك نفس المواصفات وتعمل بالوقود. ما يجعل سيارات تسلا وما يماثلها تنطلق من 0 إلى 96 كيلومتر/ساعة في 3 ثوان فقط.

لا تقدم شركة تسلا تقييمات متعلقة بقوة الحصان. استخدمت مجلة (Road and Truck) «مقياس الحركة» (dynamometer) لتختبر سيارة تسلا طراز (S P100D) المتطورة، التي تمتلك سرعة جنونية، وقد قدرت القوة بـ 558 حصانًا عند العجلات، وهذا أقل مما يمكن قياسه عند المحرك.

تنطلق السيارة من هذه الطراز من 0 إلى 96 كيلومتر بالساعة في 2.3 ثانية فقط، وهو أمر غير مسبوق. مع ذلك، إذا تسابقت تسلا مع سيارة فيراري، أو بورش 918، أو ماكلارين بي 1، فإن السيارات الثلاث التي تعمل بالغاز ستلحق بسيارة تسلا وتسبقها غضون ثوان.

مساوئ ناقل الحركة

تتمتع السيارات الكهربائية بميزة الانطلاق من وضع التوقف وتحقيق السرعة القصوى بأسرع ما يمكن، لكنها لا تحافظ على هذا المستوى من الأداء على المدى الطويل، ما يعيدنا إلى ناقل الحركة.

مع الاهتمام بأداء وكفاءة السيارات الكهربائية، وبسبب غياب ناقل الحركة التقليدي عن تلك السيارات، يعمل بعض المهندسون على تصميمات جديدة لنواقل الحركة، خصوصًا للسيارات الكهربائية. إذ إن غياب هذه النواقل هو ما يقلل من سرعة تلك السيارات.

ناقل الحركة المصمم خصوصًا للسيارات الكهربائية، يعمل وسيطًا للمساعدة على نقل طاقة السيارة بدلًا من البطاريات. ما يتيح خيار القيادة بسرعات كبيرة لأوقات أطول وبإهدار أقل للطاقة في الوقت ذاته. عمومًا، تدوم بطاريات السيارات الكهربائية نحو 402 – 498 كيلومترًا، في حين يتخطى ناقل الحركة المتقدم هذه الأرقام. يكمن السر في جعله بسيطًا، وجعل السيارة تعمل بكفاءة سواء في السرعات العالية أو المنخفضة.

توجد مؤشرات بأن تسلا تعمل على ناقل كهربائي جديد، وذلك ضمن مشروعها القادم، سيارة (Roadster 2.0) التي ستنطلق من 0 إلى 96 كيلومتر/ساعة في 1.9 ثانية فقط، ما سيجعلها أول سيارة تبلغ هذه السرعة في أقل من ثانيتين.

اقرأ أيضًا:

السيارات الكهربائية والسيارات التقليدية: أيهما أطول عمرًا؟

كيف تخزن محطات الوقود ما يكفي لخدمة مئات السيارات يوميًا؟

ترجمة: أحمد صفوت

تدقيق: طارق طويل

المصدر