يقضي معظم الأشخاص ساعات أسبوعيًا مرتدين سماعات الرأس، بين الموسيقى والألعاب والمقاطع الصوتية، والمحتوى غير المحدود على الإنترنت. إذا كنت تفكر في اقتناء سماعات رأس جديدة، فستجد أن الأمر ليس سهلًا بسبب تعدد أنواعها في السوق، وستجد أنه من الصعب الاختيار من بين كل تلك الأنواع.

في هذا المقال، سيخبرنا كيف نختار سماعات الرأس، الموسيقي والأستاذ الجامعي في تكنولوجيا الموسيقى والصوتيات، تيموثي هسو، الذي يختص عمله بدراسة العلاقة بين العوامل العلمية والفنية والذاتية للصوت. تلك العوامل الثلاثة تساعدنا على اختيار سماعات الرأس المناسبة، فكيف نختار؟

ما الصوت؟

فيزيائيًا، يتكون الصوت من اهتزازات الهواء. تتكون تلك الاهتزازات من مناطق ضغط مرتفع ومناطق ضغط منخفض، ما يكوّن دورات الموجة الصوتية.

إذا أحصينا عدد الدورات في الثانية، فإننا بذلك نحسب ما يُسمى التردد، أو نغمة الصوت، إذ تعني الترددات العالية طبقات صوت أعلى. وحدة قياس التردد هي الهيرتز، أن يكون التردد 500 هيرتز، يعني ذلك أن الصوت يكمل 500 دورة من الضغط المرتفع والمنخفض في الثانية.

يحدد الضغط الأقصى لموجة الصوت مدى ارتفاع الصوت. كلما كان الضغط أعلى، ارتفع الصوت أكثر.

لصنع الصوت، تحوّل سماعات الرأس الإشارات الكهربائية إلى تلك الدورات من الضغط المرتفع والمنخفض، التي تفسرها آذاننا بأنها صوت.

الأذن البشرية

آذان البشر مستشعرات ممتازة. يستطيع الشخص العادي أن يسمع مدى واسعًا من الترددات والنغمات المختلفة، فكيف تعمل الأذن؟

عندما يدخل الصوت الأذن، تترجم طبلة الأذن اهتزازات الهواء إلى اهتزازات ميكانيكية لعظام الأذن الوسطى. تتحول الاهتزازات الميكانيكية إلى اهتزازات تنساب في الأذن الداخلية. بعد ذلك، تحوّل الأعصاب الحسية هذه الاهتزازات إلى إشارات كهربائية يفسرها المخ بأنها الصوت.

بوسع الأذن البشرية سماع أصوات تتراوح تردداتها من 20 إلى 20 ألف هيرتز، وإن كانت لا تستطيع الاستجابة لتلك الترددات بالكيفية ذاتها.

مثلًا، حال وجود صوت قرقرة بتردد منخفض من جهة، وصوت طائر بتردد صوتي مرتفع من الجهة الأخرى، بنفس درجة علوّ الصوت الأول، فإنك ستشعر بأن صوت القرقرة أكثر هدوءًا من صوت الطائر. عمومًا، الأذن البشرية حساسة تجاه الترددات المتوسطة أكثر من الترددات المنخفضة أو العالية، ويظن العلماء أن لذلك سببًا تطوريًا.

معظم الأشخاص لا يعرفون أن حساسية السمع تختلف، في الواقع، هم ليسوا بحاجة إلى التفكير في الأمر أساسًا، ببساطة لأنها الطريقة التي يستخدمونها في السمع. أما مهندسو سماعات الرأس فيجب أن يعرفوا كيف يختلف الإدراك البشري للطبيعة.

كيف تعمل سماعات الرأس؟

سماعات الرأس مهما كان نوعها ما هي إلا مكبرات صوتية صغيرة. ببساطة، إنها تفعل عكس ما تفعله أذناك، إذ تحوّل الإشارات الكهربائية من هاتفك أو المسجل أو الحاسوب إلى اهتزازات في الهواء.

معظم مكبرات الصوت مصنوعة من أربعة مكونات رئيسية: مغناطيس يتحرك ذهابًا وإيابًا، وسلك ملفوف حول المغناطيس، ومحول الصوت الذي يدفع الهواء، وحامل هذا المحول.

عندما يتغير اتجاه التيار الكهربائي في السلك الملفوف حول المغناطيس، فإن المجال المغناطيسي حول السلك يتغير بدوره.

عندما تمر إشارة كهربائية لأغنية ما، أو أي صوت، في سلك سماعة الرأس، فإن تلك الإشارة ستغير التيار، وتحرك المغناطيس.

يحرك المغناطيس المحول إلى الداخل والخارج، ما ينتج نبضات من الضغط العالي والمنخفض، هي الموسيقى التي تسمعها.

نموذجيًا، من المفترض أن يحوّل مكبر الصوت الإشارات الكهربائية من المصدر إلى أصوات مسموعة، لكن قوانين عالمنا الفيزيائي محددة. تمنع بعض العوامل تطابق مدخلات مكبر الصوت مع مخرجاته، مثل حجم المغناطيس والمحول ونوعهما.

تؤدي عدة عوامل إلى تشويه الإشارة، ما يفسر عدم وجود سماعات رأس مثالية.

يرجع سبب اختلاف جودة السماعات مرتفعة الثمن إلى كونها تشوه الإشارات بطرق مختلفة.

عندما يعمل المهندسون على سماعات رأس جديدة، فهم لا يأخذون في الحسبان كيف أن سمع الإنسان يشوه الصوت فقط، لكن أيضًا الحدود الفيزيائية لأي مكبر صوت.

تفضيل المستمع

لا يتوقف اختيار سماعات الرأس الجديدة على التعقيدات المتعلقة بالأذن والسماعات ذاتها فقط، بل إن للمستمع نفسه دور كبير في تحديد السماعات الجيدة.

عوامل مثل العمر والخبرة والثقافة ونوع الموسيقى، كلها تؤثر في نوع التشوه الترددي الذي يفضله شخص ما. يتوقف نوع سماعات الرأس المفضل -كأي شيء آخر- على ذوق الشخص.

مثلًا، يفضل بعض الأشخاص السماعات ذات الإيقاع العميق لموسيقى الهيب هوب، والبعض الآخر يفضل الموسيقى الكلاسيكية، التي ستتناسب مع التشوهات الترددية الأقل.

إضافةً إلى ذلك، قد تساعد سماعات الرأس ضعاف السمع على تمييز الكلمات، بإمدادهم بترددات تتراوح بين 1000 و5000 هيرتز.

إذا استمعت إلى موسيقى هيب هوب باستعمال سماعات الرأس المخصصة لضعاف السمع، سيتفق معظم الأشخاص أن النتائج لن تكون مُرضية.

اختيار سماعات الرأس بناءً على استخدامك لها، سيوفر عليك الكثير من العناء.

في النهاية، فإن علم تصميم سماعات الرأس، وفن تقديم المحتوى، وتجربة المستخدم، كل ذلك يؤدي إلى وجود سماعة رأس جيدة.

مع كل السماعات المتوفرة، توجد طريقة واحدة مضمونة لمعرفة هل تناسبك السماعات أم لا؟ اختر أغنية جيدة، وضع سماعات الرأس! إذا شعرت بالحماس والاندماج، إذن فهي اختيارك المناسب.

اقرأ أيضًا:

مخاطر استخدام سماعات الأذن

ما اضطراب المعالجة السمعية؟

ترجمة: أحمد صفوت

تدقيق: محمد الشعراني

المصدر