عوضًا عن هندستها من الصفر، حصلنا على أهم الحلول الروبوتية بتقليد الطبيعة. أظهر بحثٌ جديد كيف نستفيد من هذه المقاربة لفهم “عقول” الروبوتات، بجعل الروبوت يتعلم أفضل طريق للخروج من المتاهة بمفرده، ويتذكر منعطفات معينة.

استطاع فريق من المهندسين برمجة روبوت مصنوع من الليغو “Lego” يستطيع الخروج من متاهة سداسية: كان ينعطف بشكل افتراضي لليمين دائمًا، حتى يصل لنقطة قد زارها من قبل أو طريق مسدود، وعندها كان عليه أن يبدأ مجددًا.

كان البرنامج الموجود على الروبوت قادرًا بشكل أساسي على تذكر المنعطفات الخاطئة التي قام بها في المرات السابقة وتجنبها فيما بعد. تم تحقيق ذلك من خلال وضع دارة عصبية تساعد في تحديد الاتجاه الذي ينعطف فيه الروبوت، بصورة مشابهة لطريقة عمل المشابك العصبية بين الخلايا العصبية في دماغ الإنسان إذ تعمل على تقوية ترابطها من خلال الاستخدام التكراري.

يقول المهندس الكهربائي كراوهاوزن من جامعة أيندهوفن للتكنولوجيا في هولندا: «مثلما تتحفز المشابك في دماغ الفأر في كل مرة يأخذ المنعطف الصحيح في متاهة عالم النفس، يتم توليف جهازنا عن طريق تطبيق قدر معين من الكهرباء. من خلال ضبط المقاومة الكهربائية في الجهاز، يمكنك تغيير الجهد الذي يتحكم في المحركات، وهي بدورها تحدد ما إذا كان الروبوت سينعطف إلى اليمين أو إلى اليسار»

احتاج الروبوت إلى 16 محاولة لإيجاد طريقه للخروج من المتاهة التي بلغت مساحتها مترين مربعين (حوالي 22 قدمًا مربعًا).

كان البوليمر (p(g2T-TT الذي يستخدم في الدارة العصبية للجهاز، المفتاح الأساسي في تشغيل الروبوت. يمكن لهذه المادة أن تسترجع الحالات المخزنة لفترة طويلة من الزمن، ما يعني أن الروبوت يمكن أن يُوثق تجربته للمتاهة، بواسطة جهاز استشعار لاستخدامها كذاكرة.

تمكن الباحثون من تقليل متطلبات الطاقة وحجم الروبوت النهائي من خلال بناء هذه الدارة العصبية التي تحاكي الدماغ البشري الذي يتمتع بطاقة هائلة بدلًا من اللجوء لخوارزميات البرمجيات.

يقول كراوهاوزن: «هذا التكامل الحسي الذي يعزز فيه الشعور والحركة بعضهما، يعبر إلى حد كبير عن كيفية عمل الطبيعة، وهذا ما حاولنا محاكاته في هذا الروبوت».

اعتمد الباحثون على بحث سابق أجراه بعض أفراد الفريق حول كيف يمكن للأجهزة الإلكترونية أن تكون أكثر حيوية في تصميمها وعملها، مع تحقيق مستوى عالٍ من الموثوقية والكفاءة. نشهد الآن تطورًا مستمرًا في هذا المجال بالذات.

يريد العلماء كخطوةٍ تالية تطوير معالجات هذه الأجهزة للقيام بمهام أكثر تعقيدًا، الأمر الذي سيتطلب مزيدًا من التحسينات الهندسية وشبكات أكبر من الدارات.

في النهاية، يمكن استخدام أنظمة كهذه لأمور كثيرة تتعدى تحسين القدرة الملاحية لهذه الروبوتات. يمكن من خلال تقليل الاعتماد على البرامج والحوسبة السحابية، أن يعمل البوت بشكل مستقل ويمكن حتى أن يصبح جزءًا من أجسادنا.

يقول كراوهاوزن: «بسبب طبيعتها العضوية، يمكن من حيث المبدأ دمج هذه الأجهزة الذكية مع الخلايا العصبية الحقيقية. لنفترض أنك فقدت ذراعك بسبب إصابة ما، عندها يمكنك استخدام هذه الأجهزة لتوصيل يدٍ آلية مثلًا».

اقرأ أيضًا:

هل روبوت تسلا الجديد ديستوبيا مرعبة من الخيال العلمي؟

لماذا تخيفنا الروبوتات الشبيهة بالبشر؟

ترجمة: أحمد العبدالرجب

تدقيق: أحمد فواز

المصدر