تمكن علماء الفلك أخيرًا من وضع تفسير مُرضٍ لمشكلة كونية أثارت حيرتهم لوقت طويل، وهي لغز النجوم متناهية الصغر، التي تُعتبر نجومًا أصغر من أن توجد في الأساس!

يعد النجم القزم الأبيض أصغر بكثير من أن يوجد في الكون بعمره الحالي. أما الآن فقد رُصِدت عملية يتم فيها سحب كتلته من قِبل (نجم مرافق ثنائي Binary companion).

لطالما اشتبهنا بهذه الآلية عند محاولة تفسير حجم الأقزام البيضاء ولكن لم تثبت هذه الظاهرة في الطبيعة من قبل.

تسمى الحلقة المفقودة بتلك الأنظمة الثنائية نجومًا متغيرة كارثية، وتسمى أيضًا متغيرات متفجرة. ويساعدنا اكتشافها على فهم إحدى مراحل المسار التطوري للنجوم الميتة.

يقول عالم الفلك كريم البدري من مركز هارفارد وسميثسونيان للفيزياء الفلكية: «لقد رصدنا أول دليل مادي على وجود مجموعة جديدة من النجوم الثنائية الانتقالية».

ويضيف: «هذا مثير، لأننا وجدنا الرابط التطوري المفقود الذي كنا نبحث عنه في نماذج تشكيل النجوم الثنائية».

عندما تقل كتلة النجوم عن ثمانية أضعاف كتلة الشمس وينفد الوقود اللازم لعملية الاندماج النووي، يؤول حال النجوم إلى حالة القزم الأبيض. فعندما يحدث هذا، يقذف النجم المحتضر معظم كتلته، وينكفئ اللب على نفسه ليصبح جسمًا عالي الكثافة بما يصل إلى حوالي 1.4 من كتلة الشمس. وأخيرًا، تُعبأ تلك الكتلة في كرة بحجم الأرض تقريبًا مع إمكانية اختلاف أحجامها.

ومع ذلك، في حالات نادرة، يمكن أن تكون كتلة النجوم منخفضة جدًا لدرجة أنه وفقًا للنماذج المتوفرة لدينا عن التطور النجمي، لا ينبغي أن تكون هذه النجوم موجودة من الأساس.

هذه الأقزام البيضاء ذات الكتلة المنخفضة للغاية ELMs تمثل تقريبًا ثلث كتلة الشمس فقط. ويجب أن يستغرق فقدان مثل هذه الكتلة وقتًا أطول بكثير من العمر الحالي للكون البالغ حوالي 13.8 مليار سنة لا أكثر.

ينطبق هذا على الأقزام البيضاء في حالتها المفردة فقط. أما إذا قام شيء آخر -مثل رفيق ثنائي- بسحب بعض الكتلة، سيؤدي ذلك إلى تسريع العملية أكثر. وهذا ما يفسر على نحو دقيق سبب وجود الأقزام البيضاء منخفضة الكتلة في الكون.

تبقت مشكلة أخيرة، تلك العملية لم ترصد قط!

وفقًا للنظرية، يجب أن تتم العملية بعد مرحلة تسمى مرحلة المتغير الكارثي. يحدث هذا عندما يكون القزم الأبيض في نظام ثنائي مع نجم آخر، وبسبب التقارب الشديد بين النجمين يسحب القزم الأبيض كتلة من رفيقه.

وعلى نحو دوري، ينفجر القزم الأبيض، إذ تحفز المادة المتراكمة اندماج الهيدروجين الهارب في غلافه الجوي. تسبب تلك الكوارث تغيرات في السطوع، ومن هنا جاءت تسميتها «متغيرات كارثية».

في بعض الأحيان، تراكم الأقزام البيضاء الكثير من الكتلة ما يجعلها غير مستقرة ما يؤدي إلى انفجارها في مستعر أعظم من النوع la supernova.

ولكن هناك خيارًا آخر أيضًا، فقد تتغير موازين القوى ليبدأ النجم المرافق في سرقة الكتلة من القزم الأبيض بدلًا من ذلك.

استخدم البدري وزملاؤه بيانات من المسوحات الفلكية من مرصد (غايا Gaia) الفضائي ومرفق (زويكي العابر Zwicky Transient Facility)، إذ وقع اختيارهم على 50 نجمًا يمكن أن تكون في هذه المرحلة الوسطية. ثم استخدموا تلسكوب (شين Shane) بمرصد (ليك Lick) للحصول على ملاحظات مفصّلة على 21 من هذه الأنظمة الثنائية.

يقول البدري: «إن جميع النجوم الـ 21 التي رُصدت في مرحلة ما قبل القزم الأبيض -وهو ما كنا نبحث عنه بالتحديد- كانت أكثر انتفاخًا من القزم الأبيض وأصبحت ذات شكل بيضاوي، لأن جاذبية النجم الآخر(الرفيق الثنائي) تشوه شكلها الكروي».

وأخيرًا أضاف: «وجدنا الرابط التطوري بين فئتين من النجوم الثنائية -المتغيرات الكارثية ونجوم القزم الأبيض منخفضة الكتلة ELMs- ووجدنا عددًا وفيرا منها».

تتكون معظم الأنظمة الثنائية من قزم أبيض تبلغ كتلته حوالي 0.15 من كتلة الشمس، إضافةً إلى وجود رفقاء تزيد كتلتهم عن 0.8 من كتلة الشمس.

أظهرت جميع الأقزام البيضاء علامات فقدان الكتلة لصالح النجوم المصاحبة لها. فبالنسبة لـ 13 نجمًا كانت عملية فقدان الكتلة ما تزال مستمرة، بينما توقفت الـ 8 المتبقية عن فقدان كتلتها، وبدت منتفخة كما لو أنها فقدت كتلتها توًا. كانت جميع النجوم في 21 نظامًا ثنائيًا أكثر سخونة وسطوعًا مقارنة بما اعتدنا عليه في النجم المتغير الكارثي.

مازلنا بحاجة إلى مزيد من العمل و البحث لنصل لفهمٍ كاملٍ لمجموعة المتغيرات الكارثية المتطورة من جهة، ولوضع ملاحظات أكثر تفصيلًا على الأنظمة الثنائية الـ 21 من جهة أخرى. ويأمل الفريق أيضًا في إعادة إلقاء نظرة فاحصة على الثنائيات الـ29 الأخرى من الـ50 المرشحة.

نُشِر بحث الفريق في الإخطارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية.

اقرأ أيضًا:

حقائق عن القزم الأبيض

اكتشاف اول ” قزم ابيض نابض ” في تاريخ الكون المرئي

ترجمة: عصماء عصمت

تدقيق: جنى الغضبان

المصدر