حديثًا، تمكن رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية من تجنب تصادمٍ مع بعض المخلفات الفضائية (space junk)، إذ غيروا المدار لتجنب هذه الأجسام.

الجدير بالذكر أن المحطة الدولية -خلال 23 سنة من عملها- كانت قريبةً من التعرض لثلاثين حادثة تصادم تم تجنُبها، ثلاث منها حصلت في عام 2020.

في مايو/أيار من سنة 2021، تعرضت المحطة الفضائية لتصادمٍ أدى إلى حدوث فجوة يصل عمقها إلى خمسة مليمترات في المحطة.

أما الحادثة التي نحن بصددها، فقد كانت عبارة عن تصادمٍ كاد أن يحصل بين المحطة ومخلفات فضائية من قمرٍ صناعي مُختص بدراسة الطقس من فئة Fengyun-1C، الذي دُمِّر بواسطة صاروخ صيني مضاد للأقمار الصناعية.

حينها، تفجر القمر الصناعي إلى ما يزيد عن 3000 قطعة، تحول معظمها إلى مخلفاتٍ فضائية لها مدار حول الأرض، ولكن العديد من هذه المخلفات دخلت حاليًا مدار المحطة الدولية.

بهدف تجنب التصادم، اتصلت مركبة فضائية بالمحطة الدولية، وانطلقت بسرعتها القصوى مدة ست دقائق، ما أدى إلى تغيير سرعة المحطة الدولية بنسبة 0.7 متر في الثانية، وأدى أيضًا إلى تغيير المدار ورفعه ما يقارب 1.4 كيلومتر، ليسمح بتجنب التصادم المحتمل.

المخلفات الفضائية ما تزال في المدار:

باتت المخلفات الفضائية خطرًا على كل الأقمار الصناعية والتلسكوبات التي تدور حول الأرض، مثل تلسكوب هابل ومحطة تيانغونغ الفضائية الصينية وليست خطرًا على المحطة الدولية فقط.

لكن تبقى المحطة الدولية هي الهدف الأسهل، إذ تُعد أكبر جسم فضائي صنعه الإنسان، إضافةً إلى كونها تمتلك سرعة تقارب 7.66 كيلوكتر في الثانية، فهذه السرعة تؤدي إلى حدوث ضرر كبير في المحطة عند التصادم حتى مع مخلفات فضائية من الحجم الصغير.

مع تزايد عدد الأقمار الصناعية والمخلفات الفضائية الموجودة في المدار الأرضي المنخفض، تتجه العديد من المركبات والأقمار إلى مداراتٍ أعلى.

الجدير بالذكر أن شركة سبيس إكس تخطط لإطلاق ما يقارب 2000 قمر صناعي تطبيقًا لمشروع شبكة الاتصالات العالمية، إذ تهدف الشركة إلى إيصال عدد الأقمار إلى ما يقارب 40 ألف قمر صناعي.

المزيد من المخلفات الفضائية:

ليست المشكلة بالأقمار الصناعية وحدها، إذ أكدت الوكالة الأوروبية الفضائية بأن ما يزيد عن 36500 جرمٍ صناعي موجودة في مدارٍ حول الأرض. ويتراوح حجم هذه الأجرام بين صغيرٍ وكبير، بعضها مخلفات صواريخ، أو مركبات، وغيرها من الأجزاء المنفصلة خلال الرحلات الفضائية.

رغم أن هذه الأجرام موجودة في المدار المنخفض القريب من الأرض، فإن أصغرها يُشكل خطرًا على محطة الفضاء الدولية، بسبب السرعات العالية في هذا المدار، ما قد يؤدي إلى حدوث ضررٍ في مختلف أجزاء المحطة.

وبالرغم من أن المحطة الفضائية محمية بواسطة درع متعدد الطبقات، ما يخفض من احتمالية وقوع أي ضرر على المحطة، فإن هناك احتماليةً لحصول حادث قد يؤدي إلى دمار جزءٍ ما من المحطة قبيل انتهاء عملها خلال السنوات العشر القادمة.

مراقبة الفضاء:

بالطبع من غير الممكن مراقبة كل المخلفات الفضائية الموجودة، لكن العديد من المراكز البحثية تراقب ما يقارب 30 ألفًا من المخلفات الفضائية يزيد حجمها عن 10 سم. من جهةٍ أخرى، نرى أنه من المستحيل التخلص منها جميعًا، لكن بعض الباحثين اقترحوا التخلص من المخلفات الكبيرة حجمًا التي تُشكل خطرًا حقيقيًا على المحطة وغيرها من الأقمار والتلسكوبات.

الجدير بالذكر أن أستراليا تمتلك العديد من المراكز المهتمة بدراسة ومراقبة حركة المخلفات الفضائية، كالوكالة الأسترالية للفضاء، ومركز ANU للبحوث الفضائية، وغيرها من المراكز.

أما مركز الرحلات الجوية والفضائية الألماني، بات يصب تركيزه على مراقبة المخلفات الفضائية والأقمار الصناعية الموجودة على علو 36000 كيلومتر فوق سطح الأرض، إذ يقوم الباحثون بذلك باستخدام عدة مراصد، مثل مرصد جبل كينت، وغيره.

الطريق نحو التخلص من المخلفات الفضائية طريقٌ طويل، إلا أننا بالتأكيد سنصل إلى هذا الهدف، كي نستفيد من كل المساحة الفضائية التي تحيط بنا

اقرأ أيضًا:

المخلفات الفضائية تعيق رصد النجوم

السعي لاستعادة مخلفات فضائية بريطانية عمرها خمسون عامًا

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر