في الأعوام السابقة، أصبح العلماء أكثر قدرة على فهم كيفية تأثير سلوك الشمس في الأرض، وهذا ما جعلهم يسعون إلى مراقبة النجوم الأخرى المشابهة للشمس، لفهم تطورها وتأثيرها في الحياة على الأرض، عبر مسبار باركر التابع لوكالة ناسا.

تصنف شمسنا على أنها نجم قزم أصفر من النوع (G2V)، يبلغ عمر نحوه 4.6 مليار سنة (أي في منتصف العمر الافتراضي المقدر بنحو 10 مليار عام)، إضافة إلى أنه نجم يمكن التنبؤ به، إذ لا يعد قزمًا أحمر (نوع من النجوم الصغيرة والباردة نسبيًا)، ولا يعد أيضًا نجمًا عملاقًا (أكبر نوع من النجوم في الكون وأكثرها نشاطًا وغير قابلة للتنبؤ)، إنه بينهما؛ مستقر تمامًا، وهذا أمر جيد لجعل درجة حرارة الكواكب معتدلة.

يكون الجو داخل نواة الشمس حارًا جدًا، إذ تتجاوز درجات الحرارة فيه 27.000.000 درجة فهرنهايت (15.000.000 درجة مئوية)، وذلك للحفاظ على عملية الاندماج النووي التي تُدمَج فيها العناصر الأخف كالهيدروجين مع عناصر أثقل كالأكسجين.

وتعد هذه الطاقة المنتَجة في النواة مصدر الحرارة والضوء والإشعاع الذي ينبعث من الشمس، وتساهم أيضًا في الحفاظ على التوازن بين الشمس وقوة الجاذبية الشديدة في نواتها.

ولكن من المتوقع أن تنكمش الشمس لاحقًا بسبب نفاذ الطاقة الكافية لمواجهة قوة الجاذبية، ما يؤدي إلى زيادة الضغط ودرجة الحرارة في نواة الشمس. ومع تراكم كمية الهليوم في النواة، سوف ترتفع درجة حرارة تفاعلات الاندماج أعلى مما سبق لمواجهة الكثافة المتزايدة فيها، وهذه هي بداية النهاية، وعليه إثر هذه الطاقة الإضافية سوف تتضخم الطبقات الخارجية للشمس ويزاد سطوعها وحجم الغلاف الجوي المحيط بها إلى ما يعادل 200 ضعف حجمه الحالي، ومن ثم تكوين عملاق أحمر، ووضعه في مسار الأرض.

سيشكل الغاز المتسرب إلى الفضاء جسمًا بحجم الأرض تقريبًا وبكتلة تقارب نصف كتلة الشمس والمعروف باسم (القزم الأبيض). مع أن هذه الأجسام مضيئة ومتراصة، ولكنها لا تدعم الحياة على الكواكب القريبة في النظام الشمسي الداخلي، إنما قد تصبح المناطق المتجمدة في النظام الشمسي الخارجي مثل أوروبا وتيتان صالحة للحياة.

سيؤثر سلوك الشمس مع الزمن في كوكب الأرض وسيمر وقت طويل قبل أن تختفي الأرض إثر ذلك.

يدرس أحد علماء النجوم نجمًا يُعرف باسم EK Draconis يقع على بعد 111 سنة ضوئية من الأرض، وهو نجم قزم أصفر من النوع G كالشمس، وتشير بعض التقديرات إلى أنه أقدم من الشمس بنحو (50 – 150) مليون سنة. وبفضل ذلك لدينا إمكانية معرفة الشمس قبل 4.5 مليار سنة، وكيف كانت تبدو حينها.

تقترح أبحاث جديدة أن الشمس والنجوم الأخرى ذات التسلسل الرئيسي قد لا تكون مستقرة كما نعتقد، إذ لاحظ فريق دولي من علماء الفلك مقذوفًا إكليليًا ضخمًا قادمًا من EK Draconis أكبر بكثير من كل ما رصد عن الشمس إلى يومنا هذا.

قذائف الكتلة الإكليلي CME هي تدفقات من البلازما الممغنطة والإشعاع التي تحدث بسبب عدم الاستقرار في المجال المغناطيسي للشمس، وتعادل كل دفقة منها طاقة 20 مليون قنبلة نووية في اللحظة ذاتها.

عندما تنطلق إحدى هذه القذائف يحدث خلل في المجال المغناطيسي للشمس، وتنطلق البلازما بفعل الحرارة العالية مشكلةً فقاعات من الغازات الحارة من سطح الشمس، إذ تحتوي هذه الغازات على كميات هائلة من الجسيمات المشحونة، مكونةً بذلك كتلًا من بلايين الأطنان، ويمكنها أن تنتقل بسرعات تتراوح بين 250 إلى 3000 كيلومتر في الثانية الواحدة.

قد تحدث هذه الظواهر تبعًا لنشاط الشمس عدة مرات في اليوم أو مرة واحدة كل خمسة أيام.

نادرُا ما يضرب تيار الجسيمات المشحونة الأرض وجهًا لوجه، ولكن سيولد حدوث ذلك عاصفة مغناطيسية أرضية تؤثر في مركباتنا الفضائية.

وفقًا لبرنامج EarthSky، عندما تضغط موجة الجسيمات المشحونة على المجال المغناطيسي في الجانب النهاري من الأرض فإن الجانب الليلي يتمدد بفعل ذلك، ولكن يستقر في النهاية المجال المغناطيسي الأرضي بمقدار الطاقة نفسه، مثل صاعقة البرق.

إن ذلك الهجوم للجسيمات المشحونة له تأثيرات ملحوظة، ومنها انزياح الأضواء الشفقية، التي عادة ما تُرى بالقرب من القطبين إلى خطوط العرض السفلية لتصبح أكثر إشراقًا، ويمكن لاضطراب المجال المغناطيسي أيضًا أن يعرض الأرض لأشعة كونية قاتلة.

ومع أن الغلاف الجوي ما يزال يوفر حماية كافية للكائنات على كوكب الأرض، فإن الأمر في الفضاء مختلف، إذ قد يتلقى رواد الفضاء في رحلتهم الفضائية جرعات قاتلة من الإشعاع، وهذا ما حدث بالفعل مع رواد الفضاء على متن محطة مير الفضائية اللذين تلقَوا أقصى جرعة إشعاع سنوية في غضون بضع ساعات، وذلك إثر عاصفة شمسية حينها في عام 1989.

ما الذي تمت ملاحظته على EK Draconis؟ استهدف علماء الفلك من جامعة كولورادو قمرين صناعيين أحدهما قمر ناسا العابر لاستطلاع الكواكب الخارجية (TESS)، وتلسكوب SEIMEI التابع لجامعة كيوتو، آملين بذلك مشاهدة CME، وقد نجحوا فعلًا برؤيته، وإثر ذلك نُشر بحث في عدد 9 ديسمبر من مجلة Nature Astronomy في الخامس من أبريل من عام 2020، وهي نتاج مراقبة استمرت أكثر من 32 يومًا بين شتاء وربيع من عام 2020، إذ لوحظ أن النجم ولّد توهجًا فائقًا، وشوهد بعد نصف ساعة فقط CME تنطلق من سطح النجم بسرعات تتجاوز 994,194 ميلًا (1.6 مليون كيلومتر) في الساعة، وهذا ما جعله أكبر بعشر مرات تقريبًا، وأقوى من أي CME صادر من نجم شبيه بالشمس.

أشار بيان صحفي وفقًا لما لاحظه العلماء إلى أن تسلسل هذه الأحداث في الشمس قد يكون هادئًا نسبيًا، وفي عام 2019، نشر نوتسو وزملاؤه دراسة أظهرت كثرة تعرض النجوم الفتية الشبيهة بالشمس حول المجرة للتوهجات الفائقة Superflares، التي تشبه التوهجات الشمسية لشمسنا، ولكنها أقوى بعشرات أو حتى مئات المرات.

تحدث مثل هذه التوهجات على الشمس مرة كل عدة آلاف من السنين، ولكن ما أثار فضول فريق نوتسو هذا التساؤل: هل يمكن أن يؤدي التوهج الفائق أيضًا إلى إطلاق CME بالقوة نفسها؟

أجاب نوتسو: «إن تلك التوهجات الفائقة أكبر بكثير من تلك التي نراها على الشمس، لذا لدينا شك في قدرتها على إنتاج CME أكبر، ولكن حتى الآن يبقى هذا مجرد تخمين».

مضيفًا: «توصل الفريق إلى نتيجة قد تهدد الحياة على كوكب الأرض، وهي إمكانية حدوث مثل هذه الظواهر العنيفة على الشمس، ولكن لا داعي للقلق إذ يبقى إطلاق CME كما التوهجات الفائقة نادرًا خلال السنوات المقبلة. لقد شاع حدوث CME في المراحل الأولى من النظام الشمسي، وهذا ما أدى وساعد على تشكيل كواكب المجرة كالأرض والمريخ».

وأنهى نوتسو القول: «لاحظنا أن الغلاف الجوي لكوكب المريخ رقيق جدًا في الوقت الحالي، وذلك خلافًا لما كان عليه سابقًا، آملين عبر دراسةCME فهم ما حدث له بالضبط عبر بلايين السنين».

اقرأ أيضًا:

هذا النجم الميت يعطينا أفضل لمحة عن مستقبل المجموعة الشمسية

اكتشاف نجم شبيه بالشمس

ترجمة: تسنيم فندقلي

تدقيق: يمام بالوش

مراجعة: حسين جرود

المصدر