توجد ثلاثة تفسيرات محتملة للاكتشاف الجديد أحدها يتضمن بكتريا مريخية قديمة. وجد جوال كيوريوسيتي Curiosity rover التابع لناسا بعض المركبات العضوية المثيرة للاهتمام على الكوكب الأحمر، التي قد تكون علامات على حياة قديمة على كوكب المريخ، لكن الأمر سيتطلب عملًا أكثر بكثير لاختبار تلك الفرضية.

بعض العينات الصخرية المسحوقة التي جمعها كيوريوسيتي عبر السنين تحوي موادًّ عضوية غنية بنوع من الكربون يرتبط هنا على الأرض بالحياة. هذا ما ذكره الباحثون في دراسة حديثة.

لكن المريخ مختلف جدًًّا عن عالمنا، وتبقى الكثير من العمليات المريخية غامضة، لذا من المبكر جدًًّا معرفة ما أنتج هذه المواد الكيميائية المثيرة للاهتمام.
قال بول ماهافي الذي عمل باحثًا أساسيًا في مختبر تحليل العينات المريخية حتى تقاعده من قاعدة غودارد الفضائية في غرينبيلت في ديسمبر 2021: «إننا نكتشف على المريخ أشياء مشوقة لأبعد الحدود، لكننا سنحتاج حقًّا إلى أدلة أكثر لنقول إننا وجدنا حياة».

وأضاف «لذا نحن نبحث عن ما يمكن أن يكون سبب هذه البصمات الكربونية في حال لم تكن الحياة».

قرابة عقد من تحليل العينات

هبط كيوريوسيتي على سطح المريخ في فوهة كريتر التي يبلغ قطرها 145 كم في أغسطس 2012 في مهمة لمعرفة إمكانية حمل المنطقة لحياة بكتيرية.
سرعان ما افترض أعضاء فريق الجوال أن قاع فوهة كريتر كان بيئة قابلة للحياة قبل مليارات السنين، لاحتوائه بحيرة وجدولًا استمرا ملايين السنين على ما يبدو.

في الدراسة الجديدة التي نشرت في يناير 2022 ضمن إجراءات الأكاديمية الوطنية للعلوم، درس فريق البحث 24 من العينات الصخرية المسحوقة التي جمعها كيوريوسيتي بمثقابه من عدة مواقع على سطح المريخ بين أغسطس 2012 ويوليو 2021.

أرسل الجوال إلى مخبر تحليل العينات من كوكب المريخ -الذي يمكنه تحديد المواد العضوية وتمييزها- جزيئات تحتوي على الكربون تُعد حجر الأساس للحياة على الأرض.

وجد العلماء أن قرابة نصف هذه العينات كانت غنية بالكربون-12 الأخف بين نظيري الكربون، بالمقارنة مع القياسات السابقة للنيازك المريخية والغلاف الجوي لكوكب المريخ (النظائر هي نسخ من العنصر تحتوي أعدادًا مختلفةً من النيوترونات في نوى ذراتها، لدى الكربون-12 ستة نيوترونات، ولدى الكربون-13 الأقل وفرة سبعة منها).

أتت هذه العينات عالية المحتوى من الكربون-12 من خمسة مواقع مختلفة ضمن فوهة كريتر، وجميعها أظهرت سطوحًا قديمةً صامدة عبر الدهور.

على الأرض، تفضل الكائنات استخدام الكربون-12 لعملياتها الاستقلابية، لذلك فالغِنى بهذا النظير في عينات الصخور القديمة هنا يُفسر عامةً علامة على الكيمياء الحيوية، لكن حلقات الكربون على المريخ ليست مفهومة بما يكفي لطرح فرضيات مشابهة على اكتشافات الكوكب الأحمر كما يقول أحد أعضاء الفريق.

جاء الباحثون بثلاثة تفسيرات ممكنة لعلامة الكربون المثيرة. الأولى تتضمن بكتيريا من كوكب المريخ منتجة للميثان، الذي تحول لاحقًا إلى جزيئات عضوية أعقد بعد تفاعله مع الأشعة فوق البنفسجية في هواء الكوكب، هذه العضويات الأكبر سقطت عائدةً إلى السطح واندمجت ضمن الصخور التي أخذ منها كيوريوسيتي عيناته.

لكن تفاعلات مشابهة تتضمن الأشعة فوق البنفسجية وثاني أكسيد الكربون غير الحيوي، الغاز الأكثر وفرة في الغلاف الجوي لكوكب المريخ، ربما أعطت نفس النتيجة.

ومن الممكن أيضًا أن المجموعة الشمسية عبرت خلال سحابة جزيئية ضخمة غنية بالكربون-12 قبل فترة طويلة كما يقول الباحثون.

قال قائد الدراسة كريستوفر هاوس، وهو عالم في مهمة كيوريوسيتي من جامعة بن ستيت: «التفسيرات الثلاثة تناسب البيانات». وأضاف «نحتاج ببساطة إلى المزيد من البيانات لإثباتها أو استبعادها».

نحتاج إلى المزيد من البيانات

الاكتشاف الجديد مشوق بصورة خاصة بسبب الغنى بالكربون-12 لكن كيوريوسيتي رصد مركبات عضوية على المريخ من قبل، مثلًا، المهمة التي أعلن فيها الفريق سابقًا عن اكتشاف مواد عضوية في العينات الصخرية المسحوقة.

سار الروبوت ذو الست عجلات أيضًا عبر أعمدة من الميثان، أبسط جزيء عضوي، في عدة مناسبات.

ليس واضحًا ما ينتج غاز الميثان المريخي أو كم عمره. على سبيل المثال، قد يكون المركب ناتجًا عن الاستقلاب النشيط للبكتريا تحت سطح المريخ المتجمد اليوم، وقد تولده أيضًا تفاعلات تحت الأرض بين الصخور والماء الساخن دون وجود حياة، يمكن أيضًا أن تكون مادةً قديمةً أنتجتها كائنات حية أو أُنتجت بطريقة غير حيوية، حُبست تحت الأرض قبل مدة طويلة و(تتجشؤها) من حين إلى آخر إلى السطح.

سيود فريق كيوريوسيتي أن يدخلوا خلال عمود آخر من الميثان ويحددوا محتواه من الكربون-12، مستكشفين أصول هذه العضويات أكثر، لكن هذا سيتطلب الكثير من الحظ، آخذين بعين الاعتبار أن الباحثين غير قادرين على توقع مكان ظهور هذه الأعمدة وزمانه على كوكب المريخ.

قد تأتي المزيد من البيانات المفيدة أيضًا من جوال مريخي آخر هو بيرزيفرانس، روبوت ناسا الذي هبط ضمن فوهة أخرى على الكوكب الأحمر في شباط 2021. يسعى بيرزيفرانس خلف علامات حياة قديمة على المريخ، ويجمع عشرات العينات التي ستعاد إلى الأرض للتحليل، ربما في 2031 على أقرب تقدير.

اقرأ أيضًا:

رصد خزانات مياه على سطح المريخ

الميكروبات قد تساعدنا في صنع وقود الصواريخ على سطح المريخ

ترجمة: إيهاب عيسى

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: عون حدّاد

المصدر