تلعب العمليات الفيزيائية والكيميائية التي تحدث عميقًا داخل كوكبنا دورًا أساسيًا في وجود الحياة كما نعرفها. لكن ما القوى التي تعمل في المكونات الكيميائية للعوالم البعيدة؟ وكيف تؤثر هذه الظروف في احتمالية صلاحيتها للسكن؟

استخدم بحث جديد بقيادة مختبر كارنيجي للأرض والكواكب محاكاةً مخبريةً للكشف عن بنية بلورية تؤثر في فهمنا لمكونات الكواكب الخارجية الكيمائية الصخرية الضخمة.

نُشرت النتائج التي توصلوا إليها في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences.

أوضح مؤلف الدراسة الرئيسي من مختبر كارنيجي، راجكريشنا دوتا: «تُعد القوى المحركة لمكونات كوكبنا الكيميائية عاملًا ضروريًا للحفاظ على طبيعة سطح تسمح بازدهار الحياة، إذ تدفع المولد الأرضي الذي يخلق الحقل المغناطيسي ويشكل مكونات الغلاف الجوي». وأضاف: «ستكون الظروف الموجودة في أعماق الكواكب الخارجية الصخرية الضخمة أكثر قسوةً من ذلك».

تبين أن معادن السيليكات تشكل معظم غطاء الأرض ويُعتقد أنها عنصر رئيسي يدخل في تركيب المكونات الكيميائية للكواكب الصخرية الأُخرى أيضًا، وذلك اعتمادًا على حسابات تتعلق بكثافتها.

ترسم تغيرات الأرض البنيوية الناجمة عن السيليكات تحت ظروف ضغط وحرارة شديدين الحدود الرئيسية لمكونات الأرض الكيميائية العميقة، مثل تلك الواقعة بين الغطاء العلوي والسفلي.

ضم فريق البحث سالي جون تريسي ورون كوهين وفرانشيسكا ميوزي وكاي لو وجينغ يانغ من مختبر كارنيجي، إضافةً إلى باميلا بيرنلي من جامعة نيفادا في لاس فيجاس ودين سميث ويو مينغ من مختبر أرغون الوطني، وستيلا تشاريتون وفيتالي براكابينكا من جامعة شيكاغو، وأخيرًا توماس دافي من جامعة برينستون، وقد اهتموا بتقصي ظهور أشكال جديدة من السيليكات وسلوكها تحت ظروف مشابهة لتلك التي وُجدت في العوالم البعيدة.

قال دافي: «كان باحثو كارنيجي رواد إعادة خلق ظروف مكونات الكواكب الكيميائية لعقود عديدة، وذلك بتعريض عينات صغيرة من المواد لضغط شديد وحرارة مرتفعة».

لكن ثمة حدود لقدرة العلماء على إعادة خلق ظروف مكونات الكواكب الخارجية الكيميائية في المختبر. بينت النماذج النظرية أن مراحل جديدةً من السيليكات تظهر تحت ضغط من المتوقع وجوده في أغطية الكواكب الخارجية الصخرية الأضخم من الأرض بأربع مرات على الأقل، لكن لم يُرصد هذا الانتقال بعد.

يمثل الجرمانيوم بديلًا جيدًا للسيليكون، إذ يشكل العنصران بلورات متشابهة البنية، غير أن الجرمانيوم يحفز الانتقالات بين المراحل الكيميائية عند درجة حرارة وضغط منخفضين يمكن التحكم فيهما لإجراء تجارب مخبرية. استطاع الفريق استخلاص معلومات حول علم المعادن المحتمل للكواكب الأرضية الهائلة وغيرها من الكواكب الخارجية الصخرية الضخمة، وذلك باستخدام جرمان المغنيزيوم Mg2GeO4 المشابه لمعادن السيليكات الأكثر وفرةً في الغطاء.

ظهرت مرحلة جديدة تتمتع ببنية بلورية مميزة تتضمن ذرة جرمانيوم واحدة مرتبطة بثماني ذرات أكسجين، وذلك تحت ضغط أكبر بنحو مليوني مرة من ضغط الغلاف الجوي العادي. قال كوهين: «أكثر ما يثير اهتمامي هو أن عنصرين مختلفين مثل المغنيزيوم والجرمانيوم يحلان محل بعضهما داخل البنية».

تتوضع معظم السيليكات والجرمانيات في ظل الظروف المحيطة ضمن ما يسمى بالبنية رباعية الأسطح، أي ترتبط ذرة سيليكون أو جرمانيوم واحدة مركزية مع أربع ذرات أُخرى، لكن قد يتغير ذلك في ظل ظروف قاسية.

أوضحت تريسي: «شكّل اكتشاف إمكانية توضع السيليكات في ظل ظروف قاسية ضمن بنية موجهة نحو ست روابط بدلًا من أربعة تحولًا تامًا فيما يتعلق بفهم العلماء لقوى الأرض المحركة العميقة».

وأضافت: «قد يؤثر اكتشاف توجه ذي ثمانية أضعاف بصورة ثورية مشابهة في كيفية تفكيرنا بشأن القوى المحركة لمكونات الكواكب الخارجية الكيميائية».
دعمت منظمات بحثية عالمية الأبحاث التي أجراها العلماء والباحثون.

اقرأ أيضًا:

كواكب خارجية أكثر ملاءمة للحياة من الأرض

محاكاة مناخ الكواكب الخارجية للمساهمة في إيجاد حياة خارج كوكب الأرض

ترجمة: ربيع شحود

تدقيق: طارق طويل

المصدر