أثبت الغرافين نفسه كمادة عجيبة ذات خصائص فريدة من نوعها، ومن بينها علاقته الغريبة بالماء. حيث يعتبر الجرافين كارهاً للماء – ينفر من الماء – لكن إذا قمنا بصنع شعيرات ضيقة من الغرافين فسوف تقوم هذه الشعيرات بامتصاص الماء بقوة مما يسمح بنفاذية عالية إذا كانت طبقة الماء بسماكة ذرة واحدة فقط. وقد جذبت هذه الخاصية الغريبة الاهتمام الأكاديمي والصناعي بقصد تطوير تقنيات تنقية وتحلية المياه.

ويمكن حالياً صنع شعيرات من الغرافين بعرض ذرة واحدة وبسهولة وبتكلفة منخفضة عن طريق تكديس طبقات من أوكسيد الجرافين -وهو مشتق من الجرافين – فوق بعضها البعض. حيث تكتسب الصفائح الناتجة بنية مماثلة لبنية عرق اللؤلؤ (يُعرف أيضًا بأُم اللؤلؤ) ما يجعلها أيضا قوية ميكانيكياً.

وقد اكتشف فريق من الباحثين من جامعة مانشستر قبل عامين أنّ الأغشية المصنوعة من هذه الصفائح هي غير نفوذة (كتيمة) لجميع الغازات والأبخرة باستثناء الماء. هذا يعني أنه حتى الهيليوم والذي يعتبر الغاز الأصعب احتجازاً لا يمكنه النفاذ عبر هذه الأغشية في حين مرّ بخار الماء منها دون أية مقاومة.

وقد عرضت مجلة العلوم في عددها الأخير (14 -2-2014) نتائج البحث الذي يقوم به الفريق ذاته حالياً بقيادة الدكتور راهول ناير والبروفيسور اندريه جيم الذي أجري لاختبار صلاحية استخدام أغشية الغرافين كمرشحات (فلاتر) للماء السائل.

وأفاد الباحثون أن غمر صفائح الغرافين في الماء يجعلها منتفخة قليلاً ولكن بالرغم من ذلك فإنها تسمح بتدفق سريع للماء ليس لواحدة فقط بل لطبقتين أحاديتين من جزيئات الماء. ويمكن للأملاح التي يبلغ حجمها أقل من تسعة أنغستروم من النفاذ من هذه الصفائح بينما لا تستطيع الجزيئات أو الأيونات الأكبر حجماً المرور (الأنغستروم يعادل واحد من عشرة مليارات من المتر).

وتحتوي مرشحات (فلاتر) الغرافين على شبكة دقيقة للغاية تسمح لها التمييز بين أصناف الذرات حتى تلك التي تختلف عن بعضها بنسب صغيرة جداً. وعلاوة على الدقة الفائقة لهذه المرشحات فهي تتمتع بسرعة كبيرة حيث تسمح بمرور الماء النقي بالسرعة ذاتها للمرشحات التي تستخدم في ترشيح القهوة.

ويعزو علماء جامعة مانشستر هذه السرعة إلى الخاصية التي أسموها “اسفنجة الأيونات” حيث تقوم شعيرات الغرافين بامتصاص الايونات كما تمتص المكنسة الكهربائية الأشياء.

وقال الدكتور ناير “إن عملية ترشيح المياه بهذه الطريقة تعتبر سريعة ودقيقة بالقدر الذي كنا نأمله من هذه الشعيرات الدقيقة، ونسعى حالياً لتقليص حجم شبكة الغرافين إلى أقل من (9) أنغستروم لتكون قادرة على ترشيح أصغر الأملاح كتلك الموجودة في مياه البحر”، وأضافت الدكتورة ايرينا غريغوريفا: ” إن هدفنا النهائي هو صنع جهاز يقوم بتنقية كوب من المياه الصالحة للشرب مصنوعة من مياه البحر بعد بضع دقائق. لم نصل بعد إلى تلك النتيجة لكن ذلك لم يعد من الخيال العلمي.”


 

مصدر