فيزياء جديدة قد تختبئ في كاشف بيل 2

لنتعرف على الكاشف الجديد ونعلم لماذا نحن موجودون.

نحن نعيش في عالم مليء بالمادة: النجوم مكونة من المادة، الكواكب مكونة من المادة، البيتزا مكونة من المادة. لكن لماذا يوجد بيتزا مكونة من المادة على عكس بيتزا مكونة من المادة المضادة، أو بالحقيقة لا يوجد بيتزا على الإطلاق!

في اللحظة الأولى بعد الانفجار الكبير، الكون صنع جزء صغير من المادة أكثر من المادة المضادة، فبدلاً من إبادة المادة والمادة المضادة لبعضهم وترك الكون بارداً فارغاً، انتهينا بفائض من المادة.  يحتاج العلماء الآن المستكشفات الأكثر حساسية وكماً هائلاً من البيانات التجريبية لفهم من أين أتى عدم التوازن هذا،

بيل2 Belle2 هو واحد من هذه الكواشف التي ستبحث عن الفروق بين المادة والمادة المضادة لشرح لماذا نحن موجودون هنا في الأصل. وهو الآن قيد الإنشاء، بطول 7.5 متر، سيركب في مسرع superKEKB الجديد المعاد تشغيله في تسوكبا، اليابان.

مسرع superKEKB يولد أشعة من الإلكترونات والبيزوترونات (المادة المضادة للإلكترونات) بداخل بعضها بسرعة قريبة من سرعة الضوء، وسيقوم كاشف بيل2 عند عمله بشكل كامل في 2018 بتحليل الحطام الناتج من التصادمات.

يقول توم براودر Tom Browder الفيزيائي في جامعة هاواي وأحد المتحدثين باسم المشروع: “جميع النتائج التجريبية حتى الان تتوافق مع ما يسمى بالنموذج المعياري لفيزياء الجسيمات.” بالرغم من أن النموذج المعياري يسمح ببعض التباين، الا انه لا يفسر عدم التوازن الموجود بين المادة والمادة المضادة. نحن بحاجة الى شي اوسع من النموذج المعياري.

سيبحث كاشف بيل2 عن علامات الفيزياء الجديدة في التحللات النادرة للكواركات السفلية bottom quarks والكواركات الساحرةcharm quarks  وجسيمات تاو tau leptons. الكواركات السفلية أيضاً معروفة بكواركات الجمال beauty quarks والتي يرمز لها بحرف “B” في SuperKEKB، أيضاً اسم (بيلbelle-) يرمز للجمال.

الكواركات السفلية والسحرية اثقل مقارنة مع الكواركات العليا والدنيا والتي تنشئ المادة العادية، بينما جسيمات تاو هي الأقارب الأكثر ثقلاً للإلكترونات. الجزيئات الثلاث جميعها غير مستقرة، تتحل الى جسيمات اصغر. إذا لاحظ العلماء من خلال كاشف بيل2 ان هنالك فرق في تحلل هذه الجسيمات مع نظرائها من المادة المضادة، من الممكن تفسير لماذا انتهى بنا المطاف بكون مليء بالمادة.

إيجاد الجمال هو المستحيل

عندما تصطدم الإلكترونات والبيزوترونات بطاقة منخفضة تتلاشى محولة كل كتلتها إلى أشعة غاما-gamma rays وعند السرعات العالية فإن الطاقة الإضافية تنتج أزواج من جزيئات المادة والمادة المضادة، وهي أكثر ضخامة من الإلكترونات الأصلية.

يقوم مسرع superKEKB بصدم الإلكترونات والبيزوترونات معاً بطاقة مناسبة لإنتاج, ميزونات بي mesons-B (وهي جسيمات مكونة من الكواركات السفلية للمادة وكواركات من نوع اخر للمادة المضادة), و ميزونات بي المضادة anti-mesons-B  (وهي جسيمات مكونة من الكواركات السفلية للمادة المضادة وكواركات من نوع اخر للمادة).

هذه الميزونات تتحول لجسيمات أخرى بطرق معقدة كتحلل الكواركات السفلية والكواركات السفلية المضادة. ستحاولون كواشف بيل2 اكتشاف التحللات والتي إما تكون غير مسموح بها من قبل النوذج المعياري أو تحدث بكثرة أو بقلّة بحيث لا يمكن ملاحظتها، أيّ من هذه الانحرافات يمكن أن تكون علامات على الفيزياء الجديدة.

يستطيع المستكشف أيضاً مساعدة الفيزيائيين لفهم أفضل للجسيمات المكونة من أربع أو خمس كواركات (تيترا كواركات tetraquark و بينتا كواركات pentaquarks) أو الجسيمات المكونة من كواركات ملتصقة ببعضها (molecules).

يقول جيمس فاست James Fast من المكتبة الوطنية التابعة لوزارة الطاقة والذي يرئس مختبر من الولايات المتحدة للمساهمة في تحسين كواشف بيل2 :(البيئة النظيفة في بيل2 قد تسهل دراسة بعض هذه الأقسام ومحاولة فهم التركيب الداخلي للكوارك).

مسرع superKEKB يصدم الإلكترونات والبوزيترونات والتي لا يكونها أي شيء أصغر منها، وبفضل أن الطاقة الداخلة في كل اصطدام معروفة، يستطيع كاشف بيل2 دراسة تحلل الجسيمات الغير مرئية مثل النيوترونات بحساب الطاقة المفقودة التي تحررها. كاشف بيل2 ليس آلة الاستكشاف الوحيدة التي تبحث في انهيار الكواركات السفلية النادرة، التجربة في مصادم الهيدرونات الكبير LHC, LHCb تسعى لنفس الهدف. ينتج مصادم الهيدرونات الكبير تشكيلة أوسع من الجسيمات التي تحوي الكواركات السفلية، الذي يشمل النوع الذي يتحلل إلى اثنين من الميونات (الميون جسيم دون ذري فرعي غير مسقر شبيه بالالكترون بكتلة اكبر ومتوسط حياة 2.2 ميكرو ثانية).

السباق للأسفل

بيل2 سمي بإتقان ليكون وريث بيل وصمم للتعامل مع ما يصل إلى 50 ضعف من عدد الاصدامات في التصميم السابق. إنها جهود ضخمة تضم المئات من الفيزيائيين والمهندسين من 23 دولة في آسيا، أوروبا وأمريكا الشمالية. الجامعات لا تملك الإمكانيات لتشغيل الحواسيب اللازمة لإدارة جميع البيانات القادمة من كاشف بيل2، لذلك سيكون المختبر الوطني مثلPNNL هو المستضيف المثالي، مراكز بيانات بيل2 المماثلة ستعمل في اليابان وأوروبا.

في الوقت الحاضر مسرع superKEKB يخزن الإلكترونات و البوزيترونات معا بنجاح للتحضير للاختبارات التي ستوصلنا للتجارب الجديدة. تجميع كاشف بيل 2 سيتم في العام القادم، يليه االاقلاع الاولي لضمان أن كل شيء يعمل بشكل صحيح، في 2018 ستنجز التجربة الكاملة وتعطي البيانات لاكتشاف سلوك (ميزونات بي-B-mesons) الغريبة.

من السخرية أن تأخذ سنوات لإعادة فعل ما فعله الكون في جزء من الثانية، ولكن هذه هي طبيعة فيزياء الجسيمات، عملية تحطيم الإلكترونات والبوزيترونات معا ليست مماثلة لعملية خلق الكون في وقت مبكر، لكن إذا كانت هنالك فيزياء جديدة تختبئ في تحطم الكواركات السفلية، فهذه هي التجارب التي تستطيع إيجادها، والتي هي – بعد كل شيء- جمال العلم.


 

المصدر