لدراسة تاريخ الكمبيوتر يجب تعريف بعض المصطلحات الأساسية أولًا مثل:
الكمبيوتر: آلة قابلة للبرمجة للقيام بأربع عمليات أساسية وهي إدخال البيانات، ومعالجتها، وإخراج المعلومات، وحفظها.
البرمجة: وسيلة التواصل مع الكمبيوتر عن طريق «لغة الآلة- machine language» التي تطورت مؤخرًا إلى عشرات اللغات الأسهل.
معالجة البيانات: تقتصر معالجة البيانات في الكمبيوتر على أبسط العمليات الحسابية التي تكون أساس لأعقد المشاكل وأكثر ما يميز الكمبيوتر هو سرعته الخارقة في حلّها، حيثُ يستطيع القيام بملايين العمليات الحسابية في ثانية واحدة.

كحالِ مُعظم التَّقنيات العلميّة الثورية كان الهدف الأساسيّ لاختراع الكمبيوتر هو الاستخدام الحربي، أثناء الحرب العالمية الثانية كلّف الجيش الأمريكي الدكتور «جون ماكلي-John mauchly» من جامعة «بنسلفانيا-Pennsylvania» بتصميم جهاز يساعد الجيش في حساب مسارات الصواريخ التي تكلّف الجيش عشرات الساعات والعديد من الخبراء، استعان الدكتور ماكلي بطالب حديث التخرج يدعى «J.Presper» لبناء «ENIAC» (أول آلة قابلة للبرمجة للقيام بمهام مختلفة)، استطاع «ENIAC» إنجاز عمليات حسابية كانت تستغرق من متخصصي الجيش الأمريكي 40 ساعة في 30 ثانية فقط ولكن للأسف قد تم التخلص منه بعد الحرب.
يمثل ENIAC المرحلة الأولى من تطور الكمبيوتر بكلّ معاناتها، حيثُ اعتمد بشكلٍ أساسيّ على «الأنابيب المفرغة-Vacuum tubes» (وهي أجهزة تستخدم للتحكم في تدفق الإلكترونات) بحجمها الكبير الذي أدى إلى ضخامة الكمبيوتر وارتفاع حرارتها بعد مدة تشغيل قصيرة وعدم قدرة «ENIAC» على حفظ البرامج، حيث كان يجب إعادة برمجته بالكامل بعد إغلاقه أو عند أي عملية حسابية جديدة.

الانابيب المفرغة

«الأنابيب المفرغة-Vacuum tubes»

ENIAC

«ENIAC»

اقتصر استخدام الكمبيوتر على الجيش والعلماء المتخصصين فقط، ولم يفكر أحدٌ باستخدامه لأغراضَ تجارية حتى العام 1951م حين جاء الدكتور ماكلي ومعه صديقه «بريسبر إيكرت-presper Eckert»، ولم يكن المشروع سهلًا للصديقين حيث واجهوا عدم التقدير من الجامعة والحكومة، حينها لجأوا إلى صاحب شركة آلات الحلاقة الكهربائية «Remington Rand» لتنفيذ مشروعهم «UNIVAC»، بعددٍ أقلّ من الأنابيب المفرغة وتقنية جديدة في مجال حفظ البرامج تدعى (Stored-program concept) وكذلك تقنية البطاقات المختومة (punched cards) -هي قطعة من الورق المقوى تحتوي على معلومات رقمية، يمثلها وجود وغياب ثقوب في أماكن محددة مسبقًا- أكتسب «UNIVAC» صيتًا جماهيريًا واسعًا خاصّة بعد توقعه الصحيح للانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 1952.

البطاقات المختومة

«البطاقات المختومة-Punched card»

UNIVAC

«UNIVAC»

في المرحلة الثانية سنحاول التغلب على مشاكل «UNIVAC» وهي حاجتنا إلى الأنابيب المفرغة ولغة الآلة التي لا يتقنها إلا عدد قليل من الخبراء.
حلَّ «الترانزستور-Transistor» مكان الأنابيب المفرغة، وبالتالي حصلنا على حجم أصغر، وقدرة هائلة لتوفير الطاقة وحرارة المنخفضة، فأصبح الكمبيوتر بفضل الترانزستور أصغر وأسرع.
ومع تطوير لغات برمجة أسهل مثل: «COBOL» و «FORTAN» أصبح بإمكان فئة أوسع من الناس التعامل مع الكمبيوتر، يعتبر IBM» «1401 ممثلًا لهذه المرحلة.

الفرق في الحجم بين الانابيب المفرغة والترانزستور

الفرق فى الحجم بين الأنابيب المفرغة والترانزستور

CPU

«وحدة المعالجة المركزية-CPU» لـ «IBM 1401»

في المرحلة الثالثة ظهرت تقنية غيرت من شكل الكمبيوتر تسمى بـ «الدوائر المتكاملة-Integrated circuit» (وهي شريحة صغيرة من السيليكون تحتوي على عدد كبير من الأجهزة الكهربائية بحجم مصغر) بإمكان الشريحة الواحدة تحمّل أكثر من 5000 من الترانزستورات. ثم تقنية «المشاركة الزمنية-Time sharing» (تمكن الكمبيوتر من تشغيل أكثر من برنامج في وقت واحد) هكذا أصبح الكمبيوتر أصغر وأرخص وأكثر فاعلية بمراحل.
وكان الظهور الأول لـ «الكومبيوتر الصغير-«Mini computer من شركة «Digital Electronic Computer» بحجمٍ وسعرٍ لا يقارنان بحجم وسعر الكمبيوتر كبير الحجم «Mainframe».

mini computer

«Mini computer»

وصلنا إلى المرحلة الرابعة المتمثلة بوقتنا الحالي، والسؤال الآن هو:
كيف أصبح الكمبيوتر هذا الجهاز الصغير الموجود في كل منزل حول العالم؟
بدأ ظهور مفهوم «الكومبيوتر المكتبي-microcomputer» خاصّة بعد إنشاء شركة «Intel» أوّل معالج صغير Microprocessor»» حيث تمّ جمعُ وحدة التحكم والمعالجة المنطقية في الكمبيوتر في دائرة متكاملة واحدة «Integrated circuit».

microprocessor

Microprocessor

ورغم هذا كلّه ظلّ الكومبيوتر المكتبي لعبة أطفال بنظر الشركات الكبرى حتى قام الصديقان «ستيف جوبز-Steve Jobs» و«ستيف وزنياك-«Steve Wozniak بتأسيس شركتهم «Apple»، بعد بيع سيارة الفولكس فاغن لتوفير السيولة و مقر الشركة (الجراج). أنشأ الصديقان جهاز Apple1»» ثمّ Apple2»» الذي مع احتوائه على لوحة مفاتيح، وطابعة ونظام تشغيل حقق نجاحاً باهراً.
فهمت IBM»» أخيرًا أنّ هذا المجال واعدٌ تجاريًا، فاستعانت بشركة Microsoft»» لتصميم نظام تشغيل شبيه بمثيله في Apple2»» لكنّه يعمل على أجهزة IBM»».

مع وجوب إتقان البرمجة للتعامل مع الكمبيوتر بشكل جيد، كانت الحاجة ملحّة لواجهة تسهّل للمستخدم البسيط تشغيل برامج الكمبيوتر Graphical user interface»»، كانت الأسبقية لشركة تدعى «Xerox PARC» في إنشاء أول واجهة في عام 1971 وأول فارة لتسهيل اختيار البرامج.
استلهمت شركة «Apple» الكثير من شركة «Xerox PARC» في جهازها الجديد «ماكنتوش-Macintosh» ظلّت أسواق الكمبيوتر المكتبي حكرًا لـ «Apple» حتى أنشأت «Microsoft» نظام التشغيل المزود بواجهة للمستخدم التي أطلقت عليه «Windows» للعمل على أجهزة «IBM» التي كانت أرخص من«Macintosh».
مع مرور السنوات زاد عدد المنافسين حتى أتيح للمشتري الاختيار بين العديد من الأجهزة بمميزات وأسعار مختلفة.

Steve Jobs& Steve Wozniak

«Steve Jobs& Steve Wozniak»

macintosh

«Macintosh»

إعداد: أحمد فوزي

تدقيق: عبدالسلام الطائي

المصدر : كتاب«Computers in your Future, Chapter two»
للكاتب «Bryan Pfaffenberger»