في شهر شباط الماضي قدم لنا الفيزيائيون أحد أكثر الاكتشافات إثارة لهذا القرن – أول دليل مباشر على الأمواج الثقالية. هذه الأمواج هي مثل التجعدات التي تتوسع بعد حدث كبير في الفضاء، مثل اندماج ثقبين أسودين أو انفجار نجم ضخم.
الاكتشاف أعطانا طريقة جديدة كليّاً للنظر إلى الكون، وهذا ما استفاد منه فيزيائيان في إسبانيا، باختبار فرضية علمية أخرى: نظرية الأوتار. وإذا كانت أفكارهم صحيحة، فإنه يمكنها تغيير تفكيرنا بشكل جذري حول طبيعة الكون.
أولاً، من المهم معرفة كيفية عمل الأمواج الثقالية. في بداية الكون كان كل شيء أكثف بكثير مما هو عليه الآن، مما أسفر عن مقدار ضخم من تبعثر الضوء. إشارات الفوتون هذه يمكن أن تكون مشكلة كبيرة فيما يتعلق بالنظر عميقًا في ماضي الكون، لأن هناك الكثير من الضجيج في الخلفية يجب أخذه بعين الاعتبار.

ما يجعل الأمواج الثقالية مميزة هو أن تحركاتها على ما يبدو لا تتأثر بالالكترونات والبروتونات المتداخلة. في الحقيقة، الأمواج الثقالية يمكن أن تسمح لنا بمراقبة الأشياء والأحداث التي لا تشع الضوء أبدًا، بما في ذلك الأوتار الكونية التي تشكل أساس فرضية نظرية الأوتار.
تهدف نظرية الأوتار لتأمين طريقة موحدة لفهم البنية الأساسية للكون. فهي تقترح أن الأوتار الكونية – وهي عيوب رفيعة وطويلة بشكل كبير موجودة في انحناءات المكان والزمان – تشكلت مباشرة بعد الانفجار الكبير. لسوء الحظ، هذه الأوتار الكونية يعتقد أنها قد طمست منذ دهور سابقة، لذا لإيجاد عدد كبير منهم، يجب أن نذهب إلى اللحظات الأولى لنشوء الكون.
وهذا ما يعود بنا إلى الأمواج الثقالية. الفيزيائيان إيزابيل فرنانديز نونيز Isabel Fernandez-Nunez و أوليغ بولاشينكو Oleg Bulashenko من جامعة برشلونة يعتقدان أن أحدهما يمكن أن يقودنا إلى الآخر – الأمواج الثقالية يمكن أن تساعدنا على إيجاد الأوتار الكونية.
يقترحان تَصَور الوتر على أنه تجعد حاد في المكان-زمان، بعدها حسبوا كيف تمر الموجة الثقالية عبر هذا التجعد. إذا أمكننا إيجاد تجعدات توافق هذه الحسابات عندها قد يكون بإمكاننا امتلاك دليل على الوتر الكوني.
هناك عوائق يجب التغلب عليها قبل أن يمكننا اختبار فرضيتهم، لأنه وفي الوقت الحالي ليس لدينا ذلك النوع من التكنولوجيا لقياس الأمواج الثقالية بالطريقة التي تتطلبها فرضيتهما. بالإضافة إلى أننا يجب أن نكون محظوظين لإيجاد نمط بالكثافة الصحيحة تمامًا من موقعنا على الأرض.
ولكن ما زلنا في أيام مبكرة بالنسبة لعلم الفلك الخاص بالأمواج الثقالية، لذلك فإن العلماء مازالو يتبادلون الأفكار لمعرفة افضل ما يمكننا فعله بهذا الاكتشاف.
ورقة الباحثين متوفرة على موقع ماقبل الطباعة arXiv.org، ولكن يجب أولا أن تتم مراجعتها من قبل علماء فلك آخرين، لذا وقبل أن نتحمس كثيرا يجب علينا الانتظار و رؤية ماذا يصنع المجتمع من فرضيتهم. ليست هذه أول مرة يتأمل فيها العلماء بأن الأمواج الثقالية يمكن أن تقودنا إلى الأوتار الكونية.
B.S. Sathyaprakash من جامعة كارديف في المملكة المتحدة ، والذي عمل في المرصد حيث تم قياس الأمواج الثقالية لأول مرة، يعتقد بأن كثيرًا من هذه الاكتشافات الجديدة يمكن أن تكون قريبة جدًا. “أنا واثق جدًا بأنه وخلال السنوات الثلاث أو الأربع القادمة سنحقق اكتشافات جديدة واحدًا تلو الآخر” هذا ما أخبر به صحيفة الغارديان.

إعداد: آلاء صعيدي
تدقيق منتظر حيدر
المصدر