بوزون المادة المظلمة – المادالا


Screenshot (32)

صورة حاسوبية لمصادم الهدرونات الكبير في سيرن

تنبأت مجموعة علماء تسمى بمجموعة فيزياء الطاقة العالية في جنوب أفريقيا، جوهانسبرغ، وتحديدا في جامعة ويتواترسراند، بوجود جسيم جديد قد يساعدنا على فهم المادة المظلمة في كوننا، وذلك باستعمال نفس البيانات التي استعملت في سلسلة الاختبارات التي قادت إلى اكتشاف ورصد الهيجز بوزون في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) في عام 2012، وأسست المجموعة ما سموه (فرضية المادالا – the Madala hypothesis).

لوصف البوزون الجديد ( جسيم أولي ) ، سمي ببوزون المادالا، كررت التجربة في عامي 2015 و 2016 م بعد سنتين ونصف من إغلاق مصادم الهادرونات الكبير (LHC – Large Hadron Collider) في سيرن، أما البيانات الصادرة عن تجارب مصادم الهادرونات فقد طابقت البيانات التي أطلقت فرضية المادالا سابقا.

يقول البروفيسور بروس ميلادو رئيس فريق مجموعة الفيزياء في نفس الجامعة: «وضعت مجموعة الفيزياء، بالتعاون مع علماء من الهند والسويد، فرضية المادالا، بناءً على عدد من خصائص ومميزات البيانات التي ذكرت في تجارب المصادم وجمعت حتى نهاية عام 2012».

يتكون فريق مشروع المادالا من حوالي 35 عالم شاب من جنوب إفريقيا، بالإضافة إلى طلاب أفارقة وباحثين، مستعينين بأبحاث نظرية وضعها باحثون مثل البروفيسور آلان كورنيل والدكتور موكيش كومار بالإضافة إلى دعم تقني من البروفسور إلياس سيديراس حداد (وجميعهم من جامعة ويتواترسراند) ويشارك في مجموعة الفيزياء طاقم جديد من العلماء لهم باع طويل في العمل في مصادم الهادرونات مثل الدكتور ديباك كار والدكتور كسيفينج روان.

Screenshot (33)

تصادم بروتون – بروتون حيث الذي تم رصد إلكترونين عاليي الطاقة و وميونين عاليي الطاقة، (الميون هو جسيم أولي مشابه للإلكترون). المصدر : سيرن

تقترح الفرضية وجود بوزون وحقل جديدان، مشابهان تماماً لبوزون هيجز، ففي حين أن بوزون هيجز، في نموذج الفيزياء المعياري، يتفاعل فقط مع المادة المعروفة، فإن ما يميز بوزون المادالا هو أنه يتفاعل مع المادة المظلمة، والتي تشكل ما نسبته 27% من الكون، ويقول البروفسور ميلادو في هذا الصدد:

« تقف الفيزياء اليوم عند مفترق طرق مشابه تماماً لما كان أيام أينشتاين وآباء ميكانيكا الكم، فقد فشلت الفيزياء الكلاسيكية بأن تفسر عدداً من الظواهر وكنتيجة لذلك، وجب عليها أن تتطور بمفاهيم جديدة، كالنسبية وفيزياء الكم، مما قادنا خلق الفيزياء الحديثة التي نعرفها اليوم»

يشار إلى النظرية التي تدعم فهم التفاعلات الأساسية في الطبيعية في الفيزياء الحديثة باسم (نموذج الفيزياء المعياري – the Standard Model of Physics)، ومع اكتشاف بوزون هيجز سنة 2012 الذي منح مكتشفه جائزة نوبل في ال 2013، أصبح نموذج الفيزياء المعياري مكتملاً، ولكن، هذا النموذج غير كافٍ لوصف عدة ظواهر ممثلة إحداها بالطاقة المظلمة.

يتألف كوننا من الكتلة والطاقة، أما الكتلة التي نستطيع لمسها، وشمها ورؤيتها والتي يمكن تفسير وجودها من قبل بوزون هيجز، فهي تشكل ما نسبته 4% فقط من مجموع (الكتلة-الطاقة) في الكون، أما باقي الكتلة في الكون فهو لا يزال مجهولاً، علماً بأن هذا المجهول يشكل ما نسبته 27% من الكون!، لذلك تكمن الخطوة الكبيرة التالية لفيزياء الجسيمات في فهم طبيعة المادة المظلمة، ومما تتكون، وكم عدد جسيماتها؟ وما الذي تستطيع إخبارنا به عن تطور الكون؟

جدير بالذكر أن اكتشاف بوزون هيجز في مصادم الهادرونات قد فتح باب السعي إلى اكتشافات رائدة جديدة، كمحاولة رصد بوزونات جديدة مرتبطة بقوى وجسيمات مجهولة، ولربما سوف تفسر الجسيمات الجديدة مصدر المادة المجهولة في الكون.

Screenshot (34)
علماء يعملون داخل منظم درجات الحرارة المنخفضة في الاطلس التابع لسيرن


ترجمة : قصي أبوشامة
تدقيق  بدر الفراك
المصدر