هل تساءلت يومًا عمّا يأكله لاعبو الأولمبياد؟

تختلف كمية الغذاء التي يتناولها لاعبو الأولمبياد بصورة كلية اعتمادًا على نوع الرّياضة التي يمارسونها، إضافةً إلى شكل أجسامهم ونمط حياتهم خارج الساحة الأولمبية، فاحتياج الرامي الأولمبي من السعرات الحرارية مثلًا يختلف بشكل كبير عن احتياج سباح مثل مايكل فيليبس، هذا ما أوضحته نانسي كلارك خبيرة التغذية الرياضية ومؤلفة (دليل نانسي كلارك للتغذية الرياضية) عندما قالت أنّ حاجة الجسم للسعرات الحرارية تعتمد على حجمه، لاعب جمباز بوزن 45 كغم مثلًا يحتاج سعرات حرارية أقل من مصارع بوزن 90 كغم.

من رفع الأثقال إلى تنس الطاولة، إليك ما يأكله أفضل الرياضيين في العالم لتوفير الطاقة اللازمة لتحقيق إنجازاتهم الرائعة:

الرماية

لا يتصور معظم الناس أنّ الرّماية رياضة شاقة جسديًا، ولكن تبين أن أفضل لاعبي الرماية لا يزالون بحاجة إلى التخطيط بعناية لنظامهم الغذائي.

يُنصح فريق الولايات المتحدة الأمريكية للرّماية باتباع نظام غذائي منخفض الدهون مع مزيج من الكربوهيدرات البسيطة والمعقدة وكمية معتدلة من البروتين، وذلك لمنع التعب الذي يعقب تناول كميات كبيرة من الكربوهيدرات، والذي يمكن أن يتدخل مؤثرًا على تركيز اللاعبين وإدراكهم، كما أنهم مطالبون بتنظيف حياتهم من الكافيين والسجائر والخمر لأن هذه المواد يمكن أن تؤثر على تفكيرهم، وذلك وفقًا للإرشادات الغذائية لاتحاد الرماية في الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن المثالي والواقعي في الرياضة يمكن أن يكونا أمرين مختلفين جدًا.

فقد صرّح الرّامي الحائز على الميدالية الذهبية ثلاث مرات كيم رود لجريدة نيويورك تايمز أن رماة الأولمبياد هم عادة من يتناولون الكافيين والشراب ليكونوا أكثر قدرةً وحماسًا على بلوغ الهدف.

يحرق كلّ هذا التركيز الذهني سعرات حرارية أكثر، يستهلك الدماغ الكثير من السعرات، فعندما يفكر الناس بصورة عميقة فإنهم يفعلون ذلك بقلق وتوتّر يزيدان من احتياجهم للسعرات الحرارية، تقول كلارك، مضيفة أنّ اللاعبين يحتاجون كميات مختلفة من السعرات خلال أيام اللعب مقارنةً مع أيام التدريب.

الجمباز

يطلق لاعبو الجمباز مثل سيمون بايلز وآلي رايزمان أنفسهم في الهواء، حيث يتشقلبون مرتين أو ثلاثة قبل الرجوع إلى الأرض.

قالت لاعبة الجمباز السابقة ومدربة التغذية جينا باولوس لموقع (Bodybuilding.com): «على الرغم من تلك البراعة المذهلة فإن لاعبي الجمباز لا يتناولون الكثير على مائدة العشاء كما نظن، إنما يستفيدون من حجم العضلات الضئيل لتوليد طاقة كافية لأداء عدّة شقلبات متواصلة في الهواء، ذلك أنّ كل أونصة إضافية في وزن الجسم تجعل من الصعب عليهم حمل أنفسهم في الهواء».

وعلى الرغم من أن روتين لاعبي الجمباز يتضمن دقائق من تفجير الطاقات، إلا أنه يتضمن أيضًا الكثير من الوقوف والانتظار لدورهم على معدات الجمباز سواء في التدريب أو في المنافسات، فتمرين جمباز لمدة 4 ساعات يحرق مثلًا 1000 سعرة حرارية فقط ، وهذا أقل بكثير مما تحرقه 4 ساعات من وهي 2400 سعرة حرارية، وذلك وفقًا لكلية الطب بجامعة هارفارد (Harvard Medical School).

نتيجة لذلك حصل لاعبو الجمباز على هذه السمعة بأن لديهم نظامًا غذائيًا صارمًا للغاية وأنهم في بعض الأحيان يعانون من اضطرابات الأكل.

من القاسي أن تمارس رياضة يكون الحكم فيها على أساس المظهر، تقول كلارك، مضيفةً أنّ أجساد لاعبي الجمباز تتطلب الكثير من الجهد للحفاظ عليها.

هذا ما أكّدته أيضًا لاعبة الجمباز السابقة دومينيك موسيانو حين تحدّثت قائلةً أن مدرباتها السابقات وضعن لها حمية غذائية من 900 سعرة حرارية لكل يوم.

أما بايلز فلديها قيود أقل على نظامها الغذائي فهي تستطيع أن تأكل شرائح لحم الخنزير وسندوتشات الدجاج، وأن تتناول المشروبات الغازية.

يجب أن تحتوي الحمية الغذائية المثالية للاعبي الجمباز على ما لا يقل عن 2000 سعرة حرارية في اليوم، وأن تكون منخفضة الدهون ومليئة بالكربوهيدرات المعقدة والألياف، وذلك طبقًا لاتحاد الجمباز في الولايات المتحدة الأمريكية.

بكلمات أخرى، لتوليد الطاقة اللازمة لأداء هذه الحركات البهلوانية التي تتحدى الجاذبية لا يأكل لاعبو الجمباز أكثر من الأشخاص العاديين بكثير، فوفقًا لمركز الوقاية والتحكم في الأمراض يجب ألا تستهلك السيدات العاديات أكثر من 2000 سعرة لكل يوم، بينما يستهلك الرجل العادي حوالي 2400 سعرة حرارية لكل يوم.

العدو وركوب الدراجات والسباحة

يجب أن يتناول العدّاء النموذجي الآلاف من السعرات الحرارية يوم السباق كي يوفر الطاقة اللازمة لمجهوده في السباق، إذ قالت كلارك: «يمكن أن يتناول العدّاء 2500 سعرة لتوليد الطاقة اللازمة لإتمام الأيض الأساسي، بمعنى أن هناك عدّائين يتناولون 5000-6000 سعرة لكل يوم.

كما أن بعض راكبي الدراجات يمكن أن يستهلكوا 8000 سعرة أو أكثر في اليوم لإكمال سباق المسافات الطويلة. إنهم يتسابقون ويأكلون فقط».

وعلى الرغم من أن الحمية المثالية لهم يجب أن تحتوي أقل قدر من الأغذية المصنعة، وأن تكون مليئة بكل أنواع الحبوب والفواكه والخضار، لا يلتزم كل اللاعبين بهذه الأغذية الصحية. فقد قال أسرع رجل في العالم أوسين بولت في كتابه (أسرع من البرق: سيرتي الذاتية) أنه كان يعتاش في دورة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008 بشكل حصري تقريبًا على قطع الدجاج، والبطاطس المقلية، وفطائر التفاح من ماكدونالدز، إذ التهم حوالي 1000 قطعة الدجاج خلال إقامته هناك مدة 10 أيام. بالطبع لا يحصل كل الرياضيين على طاقاتهم من قطع الدجاج، فقد قال كارل لويس الحائز على 9 ميداليات ذهبية أنه حصل على أغلب ميدالياته الأولمبية بينما كان يلتزم بحمية نباتية.

تنس الطاولة

تحريك مضرب صغير لقذف كرة بخفّة الريشة عبر طاولة صغيرة، ما الصعوبة في ذلك!

اتضح أن المستويات العالية في تنس الطاولة تتطلب مجهودًا كبيرًا، يقول مدرب المنتخب الأمريكي لتنس الطاولة ريتشارد مكافي: يمكن أن يحرق اللاعب المحترف خلال التمرين 300-800 سعرة حرارية في الساعة.

كما أن معظم هؤلاء اللاعبين يخضع عادةً لتدريب بدني إضافي على الأقل مرتين أسبوعيًا تتراوح مدّتها ما بين ساعة وساعة ونصف.

ويضيف: يحرق لاعب تنس الطاولة النموذجي قرابة 3500 سعرة حرارية يوميًا، بينما تحرق اللاعبة النموذجية 2500 سعرة حرارية يوميًا، وفي أيام المباريات، يحرق اللاعب عادة 300- 500 سعرة في كل مباراة، ويلعب مبارتين أو ثلاثة في اليوم.

ولأن المناورة على كل نقطة تستمر فقط من 3-5 ثوانٍ، يعتمد اللاعبون غالبًا على نظام توليد طاقة عالي الكثافة يعرف بـ (The anaerobic alactic energy system) وهو نظام يوفر جرعات هائلة من الطاقة في فترات قصيرة جدًا من الوقت.

وفقًا لدليل التغذية للاتحاد الدولي لتنس الطاولة، يجب أن يتناول اللاعبون من الكربوهيدرات ضعف ما يتناولون من البروتينات والدهون.

السباحة

ثلاث شطائر من البيض المقلي وعجة مكوّنة من 5 بيضات وطبق من الذرة المطحونة وعصيدة الذرة وثلاث شرائح من الخبز الفرنسي المحمص ذو السكر المطحون مع ثلاث فطائر بالشوكولاتة: هذه هي وجبة الإفطار فقط. قد تبدو كأنها وجبة للعديد من الأشخاص إلا أنها وجبة إفطار شخص واحد في يوم التدريب، هذا هو إفطار مايكل فيليبس خلال أولمبياد بيكين 2008، وذلك وفقًا لموقع معجبيه على الإنترنت.

خلال النهار يحصل فيليبس- الحاصل على 22 ميدالية أولمبية- على طاقته  للتدريب من المشروبات عالية الطاقة وكميات كبيرة من الطعام.

فوفقًا لتقاريره الخاصة، تصل حميته الغذائية إلى نحو 12000 سعرة حرارية في اليوم لتزويده بطاقة كافية للقيام بتدريبه الذي يستغرق خمس ساعات في اليوم لستة أيام أسبوعيًا.

وعلقت كلارك: «أنا لا أعتقد أن فيليبس يتناول 12000 سعرة حرارية يوميًا حقًا!». وأضافت: «إذا كان ما يتناوله 6000 أو 12000 سعرة، فمما لا شك فيه أن النشاط المكثف المطلوب في السباحة يحرق الكثير من السعرات، فكما تحتاج الشمعة للأوكسجين لتحترق، يحتاج الجسم للأوكسجين ليحرق السعرات، فإذا كان الشخص يتنفس بعمق ويستهلك الكثير من الأوكسجين فهو بهذا يحرق الكثير من السعرات».

الاختلافات الشخصية

في النهاية فإن الحمية الغذائية للاعبي الأولمبياد لاتتأثر فقط باحتياجات كل رياضة، بل تتعلق بكل أمر في حياة اللاعبين: هل هم ضئيلو الحجم أم ضخامه أم أنّ أحجامهم طبيعية؟ هل يحاولون خسارة وزن ليكونوا ضمن فئة وزن أقل؟

تقول كلارك: «العدّاؤون والرياضيون صارمون فيما يتعلق باستهلاك السعرات، بينما الأشخاص الآخرون يأكلون ويحرقون ما يأكلونه ببساطة».

وتضيف: «إن الرياضيين سيأدون بطريقة أفضل لو أنصتوا لأجسادهم، إذ إن الجسم هو أفضل عداد للسعرات، وهؤلاء المتميزون من الرياضيين هم من ينصتون لأجسادهم».

إعداد: شيرين نزار
تدقيق: هدى جمال عبد الناصر
المصدر