مهلًا، حتى لا تُخطئ الفهم، نحن نُحب فيلم «الجاذبية-Gravity».

لكن لابد لنا أن نقدم على الأقل بعض النقد العلمي للفيلم.

نبذة عن الفيلم

فيلم Gravity أو الجاذبية، هو فيلم فضائي استكشافي أمريكي من إخراج ألفونسو كوارون.

قُدّم هذا الفيلم بتقنية الأبعاد الثلاثة.

الفيلم من بطولة ساندرا بولوك وجورج كلوني.

وتدور أحداثه حول الدكتورة راين ستون التي تجسدها ساندرا بولوك، والتي تُرسَل في أوّل مهمّة مكوك فضاء لها برفقة رائد الفضاء مات كاوسكي الذي يجسده جورج كلوني، الذي يقود مهمّته الأخيرة.

تتطور الأحداث بارتطام حطام قمر صناعي بمكوكهم ما يؤدي إلى تدميره تقريبًا، فتُترك الشخصيتان الرئيسيتان في الفيلم خارجًا في الفضاء مع كمية محدودة من الهواء.

وسيتحتم عليهما العمل معًا للنجاة، وذلك دون وسائل اتصال بالأرض.

دون مزيد من الضجة، إليك الصواب والخطأ الذي ارتكبه المخرج ألفونسو كوارون في الفيلم.

تلك القائمة بالطبع لا تحوي كل شيء، ولكنّها قائمة بأهمّ الأشياء الواجب نقدها في الفيلم.

1- شخصية كلوني متهورة جدًّا لدرجة تصل إلى السذاجة (أسوأ رائد فضاء على الإطلاق).

نحن نفهم الحاجة إلى تلك الشخصيات في فيلم كهذا، ولكنّ شخصية كلوني في بعض الأحيان تخرج عن الحدود.

في البداية كان كلوني يُحلق حول مكوك الفضاء وسرعته غير معروفة، يتكلم عن أشياء عشوائية ويعمل عمومًا بطريقة خطيرة جدًّا مع وجود انعدام تامّ للكفاءة المهنية التي لا تتناسب مع أي رائد فضاء، لن يقوم أيّ رائد فضاء بمثل ما فعل.

حسنا، باستثناء رائد الفضاء الهندي الغبي الذي ألقى نفسه إلى نهاية مجاله، التي كان من المحتمل أن تقطعه إلى نصفين.

من المفترض أن يكون روّاد الفضاء مهنيين ومدربين تدريبًا عاليًا على العمل معًا لعدة أشهر.

2- كيف لرواد الفضاء ألا يعلموا شيئا عن بعضهم البعض

«مهلًا، أنا أعلم أنّنا نعمل معًا لمدة شهور ولكنّني في الحقيقة لا أستطيع تذكر أي شيء حولك آسف» اقتباس من الفيلم.

عندما يكتشف رواد الفضاء الشخصيات التي ستعمل معهم في الفضاء، فإنّهم يشرعون في التدريب معهم على أساس يوميّ لعدة أشهر.

فلماذا لم يعرف كلوني وبولوك شيئا عن بعضهما البعض؟

لم يعرف كلوني حتى منشأ صديقته! في الفيلم قد تخطّى المخرج جزء التدريب معًا لأشهر، وأخذ كلوني في سرد القصص حول نفسه في الفضاء.

3- جميع تلك الاتصالات كانت لتكون على ما يرام

أخبر هيوستن روّاد الفضاء أنّ الروسيين قد أوقعوا بقمر صناعي في مدار أرضي منخفض (LEO)، ما يعني أنّهم على وشك حدوث تعتيم للاتصالات، ولكن لماذا؟

تدور الأقمار الصناعية في مدارات ثابتة بالنسبة للأرض وتفصلها مسافات مرتفعة جدًّا عن بعضها البعض حتى تكون أعلى نفس النقطة فوق الكرة الأرضية دائمًا، على سبيل المثال تفصلهم مسافة رأسيّة تُقدّر بخمسة وثلاثين ألف كيلومتر.

لذا فإنّ سيناريو انفجار القمر الصناعي لا يصح.

4- كانت ساندرا بولوك لتتحطم في وقت مبكر جدًّا

عندما قامت ساندرا بولوك المتمثلة في شخصية دكتورة رايان ستون بالتقاذف بعيدًا بطريقة عشوائية نتيجة تأثير الحطام الفضائي، كانت تبدو كأنّها تتحرك بسرعة مرتفعة جدًّا بطريقة مرعبة.

وما هي إلا خمس أو عشر دقائق حتى أتى كلوني ليلتقطها.

هل كان ليجدها لوحده، ويلحق بها؟ على الأغلب لا، هذا السيناريو غير قابل للتصديق هو الآخر.

5- من المستحيل أن تتحرك من التليسكوب الفضائي هابل إلى المحطة الفضائية الدولية بسهولة، خاصّة بطائرة نفاثة

نعم، تلك المعضلة التي يتحدث عنها الجميع.

إنّ تليسكوب هابل الفضائي يدور على مسافة عمودية تبلغ 559 كيلومترًا، بينما توجد المحطة الفضائية الدولية على مسافة عمودية تبلغ 424 كيلومترًا.

من الممكن ألّا يكون هذا الفرق واضحًا جدًّا؛ لكنّ تلك المسافتين مختلفتان تمامًا.

فلا توجد طريقة ملائمة للتحرك من المدار المرتفع لتليسكوب هابل إلى المدار المنخفض للمحطة الفضائية الدولية، خاصّة أنّ هذا لا يحدث بواسطة نفاثة فضائية مثلما فعل كلوني.

على الرغم من ذلك نحن نميل للظن بأنّ وكالة ناسا في المستقبل من شأنها أن تحاول تحريك أشياء مثل هابل والمحطة الفضائية الدولية أقرب معًا، لكنّه أمرٌ مستبعد الحدوث.

6- لا تتوقع أن تنجو بعد أن تصطدم بأشياء في الفضاء

في الفيلم، يوجد كمٌّ هائل من التصادمات بأشياء مختلفة.

في البداية كان هناك رائد الفضاء الهندي الهالك الذي قذف نفسه إلى نهاية مجاله.

وهناك أيضًا كلوني وهو يصطدم بساندر بولوك وهي بداخل النفاثة الفضائية الخاصة بها، وبعدها يصطدم الاثنان بالمحطة الفضائية الدولية.

بعد ذلك تُقْدِم ساندرا على ما نسمّيه محاولة انتحار، حينما تحاول القفز داخل المحطة الفضائية الصينية، وغير ذلك من التصادمات في الفيلم.

تكسر تلك التصادمات العظام حرفيًّا، لأنّك إذا صَدمت جسدك بشيء صلب في المدار الأرضي فإنّك هالك لا محالة وذلك بفضل الفراغ وانعدام الاحتكاك في الفضاء ولاسيما انعدام الوزن.

ولكنّنا نعتقد أنّ تلك المعضلة قد هُمِّشت لأنّه لن يرغب أحدٌ بمشاهدة فيلم عن هلاك ساندرا بولوك في الفضاء.

7- خروج ساندرا بولوك من بذلة الفضاء لتكون متألقة!

باختصار، تلك البطلة التي نجهل عمرها، لو كانت مرّت بالفعل بتلك المشكلات العصيبة التي ظهرت بالفيلم، كان ليكون مشهد خروجها من البذلة الفضائية كارثيًّا.

اقتباسًا من بعض رواد الفضاء فإنّهم يرتدون الحفاضات المخصصة للبالغين في الفضاء وحالتهم الجسدية كانت لتكون كارثية مع الكثير من العرق والتصادمات، ولكنّ هوليوود تفاجئنا بمظهر استثنائي لساندرا بولوك بعد كل ما مرّت به وبعد خروجها من بذلتها الفضائية.

8- لماذا ظلّ كلوني يتحدث إلى ساندرا بولوك بالرغم من علمه التامّ بافتقارها إلى الأُكسجين

عند انجراف كلوني وساندرا بولوك من تليسكوب هابل إلى محطة الفضاء الدولية، والذي أوضحنا سابقًا بأنّه شيء غير قابل للتصديق، في هذه الأثناء أخبرت ساندرا كلوني بأنّه لم يبقَ لها من الأوكسجين سوى نسبة 2% فقط.

إذن، لماذا بقي كلوني يتحدث معها ويحثّها على الكلام؟ هل أراد لها الموت؟ هذا الأمر غير مقبول في الفيلم مطلقًا.

9- لم يكن ضروريًّا لشخصية كلوني أن تموت

(ذلك المشهد كارثي في حق العلم)

ما هو الخطأ هنا؟ حسنًا، عندما كانت ساندرا تتمسك بكلوني، كان الاثنان ثابتين ولهما نفس الزخم الزاوي.

ولكنّ كلوني أخبرها في نقطة ما بأنّ عليها تركه حتى لا تلقى نفس مصيره البائس لأنّه بطريقة ما تعرض لقوى خفية ستجرفه بعيدًا في الفضاء.

حتى لو لم يكونا ثابتين، لماذا لم تسحبه تجاهها ببساطة؟ كان لينجرف رجوعًا ببساطة وكان سيتمكن من الإمساك بالحبل.

أو كان بإمكانها الدوران حوله والإمساك بمزيد من الحبال والعودة لالتقاطه.

أو حتى إذا فشلت كل تلك المحاولات لماذا لم تلتقطه ببساطة كما فعل هو معها في بداية الفيلم؟ حسنًا، من الجيد حدوث ذلك، فقد تخلصنا من أسوأ رائد فضاء على الإطلاق.

10- يُعتبر ذلك الشيء الذي يستغرق تسعين دقيقة نوعًا ما صحيحًا، ولكنّ معظمه هراء

في الفيلم يذكر كلوني أنّ الحطام الفضائي الناتج إثر الاصطدام سيدور ويأتي لنفس النقطة كل تسعين دقيقة، لذلك أخبر ساندرا بأنّ تضبط ساعتها لتستعد حين وقوع الكارثة.

هنا ننتبه، إنّ محطة الفضاء الدولية تدور حول الأرض كل 92.91 دقيقة تحديدًا، لذلك تفترض هوليوود بأنّ رواد الفضاء في الفيلم سوف يلتقون بالحطام تقريبًا بعد هذه المدة.

حسنًا، إنّهم مخطئون.

بالنسبة للشخص، فإنّ الحطام في نفس السطح المداري وهو ليس بثابت، لذلك فهم لن يهرولوا إليه في كل مرة يُكملون فيها المدار.

في الحقيقة، على الأرجح أنّهم لن يروه أبدًا، لإنّ مدار الأرض مكان ضخم للغاية.

حتى إن كان الحطام يتجه صوبهم، فإنّه لن يكرر الشيء ذاته كل تسعين دقيقة بانتظام.

كانت تلك من الأخطاء الكارثية أيضًا في الفيلم.

11- لا تطفو الدموع في الفضاء

هذا ما تبدو عليه الدموع عندما تبكي في الفضاء

إنّ التوتر السطحي في الفضاء أمر مُتقلب.

هل تتذكر عندما بكت ساندرا بولوك في السفينة الفضائية واتجهت تلك الدموع نحوك بتقنية الأبعاد الثلاثة الرائعة.

في الواقع تلك الدموع كانت لتلتصق بوجهها فقط لو كانت بالفعل في الفضاء، ولكنّنا نفهم أنّ ذلك كان ضروريًّا من أجل إبهارك فقط.

لكنّ التغاضي عن تأثير التوتر السطحي في الفضاء هو أمر آخر يُخطئ الفيلم به.

12- الوصول للمحطة الفضائية تيانجونج-1 من المحطة الفضائية الدولية شيء غير قابل للحدوث

في الفيلم، يبدو أنّ الوكالات الفضائية في المستقبل تسعى لتقريب الأشياء في الفضاء إلى بعضها البعض.

في يومنا الحاضر من المستحيل أن ترى المحطة الفضائية الدولية من خلال المحطة الفضائية تيانجونج-1، لاسيما أن يُترك رائد الفضاء متجولًا بينهما.

ولكن سوف نعذر هوليوود مرّة أخرى في ذلك الأمر السخيف الذي يُفيد أنّه يمكنهم تحريك تلك المعدات الحساسة قريبًا من بعضها البعض.

13- ما هذا الأمر السخيف الذي جعل ساندرا بولوك تفكر أنّ بإمكانها أن تقفز بواسطة مطفأة الحريق

كيف حدث في الفيلم أن تفكر ساندرا بولوك في القفز داخل المحطة الفضائية تيانجونج-1 بواسطة مطفأة الحريق.

اصطدام آخر؟ اصطدام في الفضاء أمر كارثي شبيه بما ذكرناه في النقطة السادسة.

14- إعادة التكيف مع جاذبية الأرض ليس بالأمر الهين

كيف حدث أن تسبح ساندرا بولوك خروجًا من الكبسولة الفضائية الطافية بعد تواجدها كل تلك المدة في الفضاء.

إعادة التكيف مع جاذبية الأرض ليس بالأمر الهين.

إنّ الفرص التي تُمكن ساندرا بولوك من السباحة خارج الكبسولة الطافية هي في الحقيقة معدومة.

في الواقع عند وجودك فترة في الفضاء فإنّ عظامك وعضلاتك سوف تتعرض للتلف الجزئي بفضل انعدام الوزن في الفضاء.

15- كيف يعقل ألّا يستطيع رائد فضاء مُدرب لأشهر أن يختار البذلة الفضائية الصحيحة

ذلك الأمر الأكبر من بين كل تلك الأخطاء.

عندما خرجت ساندرا بولوك من السفينة الفضائية لتنتقل إلى المحطة الفضائية تيانجونج-1 كان من الواضح جدًّا أنّها ترتدي بذلة الفضاء من النوع «Sokol» المُصَمّمة فقط للارتداء داخل السفن الفضائية، بينما كان يجب عليها ارتداء البذلة من النوع «Orlan» المُصَمّمة للتنقل خارج السفن الفضائية.

هل يُغتفر ذلك الخطأ، أم أنّه مجرد مرجع سيء ذلك الذي استُخدم في صناعة هذا الفيلم الفضائي.

16- العودة من التجول في الفضاء ليس بتلك السهولة

في الفيلم وفي أكثر من مناسبة، تدخل ساندرا بولوك السفينة أو المحطة الفضائية وتخلع بذلتها الفضائية وتكون في الحال على ما يُرام.

في الواقع، هي تحتاج عدة ساعات لتنفس الأوكسجين والنيتروجين حتى تتجنب المعاناة من المهمّات المقبلة قبل أن تبدأ بفعل أي شيء مفيد.


  • إعداد: مريم خالد.
  • تدقيق: عبد السلام الطائي.
  • تحرير: سهى يازجي.

المصدر الأول / المصدر الثاني / المصدر الثالث