كيف يتم ترميم النسيج العصبي بعد الأذية؟وماهو دور الخلايا النجمية؟


درس باحثون من جامعة كوبي الآلية الكامنة وراء ترميم الأنسجة الدماغية بعد الإصابة من قبل الخلايا النجمية Astrocytes، مما قد يؤدي إلى علاجات جديدة تحرّض التجدّد في الأنسجة عن طريق تقليل الأضرار التي تلحق بالخلايا العصبية نتيجةً لإصابتها أو انخفاض ترويتها الدموية.

عند يتلف الدماغ عن طريق أذى أو نقص في الإمداد الدموي، تهاجم الخلايا المناعية من بينها البالعات الكبيرة والخلايا اللمفاوية المنطقة، وتقوم بالتخلّص من الخلايا التالفة، قد تكون الإستجابة الالتهابية لهذه الخلايا شديدة بحيث تؤذي الخلايا العصبية السليمة.
ما هي الخلايا النجمية التي ذكرت في المقدمة!

 

حسنًا، إنها نوع من الخلايا الدبقية*، تعتبر الخلية الأكثر عددًا في قشرتنا المخية، بالإضافة إلى دورها في تأمين المواد الغذائية اللازمة للخلايا العصبية، فقد أظهرت الدراسات دورها في التنظيم المباشر للأنشطة العصبية.

في الآونة الأخيرة أصبح دور الخلايا النجمية في ترميم الأنسجة الدماغية جليّ وواضح، فبينما لا تتكاثر هذه الخلايا في النسيج الدماغي السليم، فإنها تتحرّض وتبدأ بالتكاثر وزيادة عددها في الأنسجة المصابة، محيطةً بالخلايا العصبية التالفة والخلايا النجمية الأخرى والخلايا الالتهابية التي دخلت المنطقة، مقلّلةً من شدة الاستجابة الالتهابية، ولكن وحتى الآن الآلية التي تحرّضها للتكاثر غير معروفة.

 

وركز فريق البحث على حقيقة أنّ الخلايا النجمية التي تتكاثر في المناطق المحيطة بالإصابة تكتسب خصائص مشابهة للخلايا الجذعية العصبية، إذ يتم التعبير عن مستقبلات على سطح الخلية النجمية هي مستقبلات التيروزين كيناز Ror2، يُعبَّر عن جين Ror2 بدرجة عالية في الخلايا الجذعية العصبية في الأدمغة النامية، ثمّ يتوقّف التعبير عن هذه الجين في أدمغة البالغين، ولكن يبدو أنّ بعض الخلايا النجمية تعبّر من جديد عن هذا الجين ويظهر المستقبل على سطحها عند تعرّض الأنسجة الدماغية للأذى.

 

Ror2 هو بروتين هام على سطح الخلية ينظم تكاثر الخلايا الجذعية العصبية، لذلك اقترح الباحثون أن Ror2 هو المسؤول عن تنظيم تكاثر الخلايا النجمية في أماكن الإصابة أيضًا، قاموا بدراسة ذلك على فئران لم تعبّر عن الجينRor2 على شكل بروتين على سطح الخلايا النجمية، فلاحظوا أنّ أعداد الخلايا النجمية المتكاثرة حول منطقة الإصابة انخفض وقلّت كثافة هذه الخلايا.
وباستخدام خلايا نجمية مزروعة تمّ دراسة آلية تفعيل الجينRor2، وتبيّن أنّ عامل نمو الخلايا الليفية الأساسي((BFGF يمكنه أن يشغّل هذا الجين عند بعض الخلايا النجمية دافعًا الخلايا للتعبير عن المستقبل السطحي تيروزين كيناز Ror2 المنظّم لعملية التكاثر.

وقد كشفت الدراسة أن الخلايا النجمية التي تعبّر بشكل عالي المستوى عن Ror2 هي المسؤولة في المقام الأول عن بدء تكاثر وانتشار الخلايا النجمية في منطقة الأذية، يتم إنتاج bFGF من قبل أنواع مختلفة من الخلايا منها الخلايا العصبية والخلايا النجمية التي لم تتضرر نتيجة الإصابة، عندما تتعرّض الخلايا النجمية لـ BFGFفإنّ بعضها يعبّر عن الجين بينما بعضها الآخر لا يفعل، مع التقدّم في العمر فإنّ إصابة الدماغ يقلل عدد الخلايا النجمية المتكاثرة، وهذا يدلّنا أن الخلايا النجمية القادرة على التعبير عن Ror2 تقل على ما يبدو مع التقدّم في العمر، ممّا قد يسبّب زيادة احتمال خرف الشيخوخة.

 

يعمل الباحثون الآن على معرفة الآلية التي تتميّز بها مجموعات معيّنة من الخلايا النجمية تجعلها تتأثّر فتعبّر عن الجين Ror2 وتقوم بعملية التكاثر الخلوي، فمعرفة ذلك قد يتيح لنا التحكّم بتكاثر هذه الخلايا، وبالتالي نقلّل الضرر الذي يلحق العصبونات عند الإصابات الدماغية، وربما وضع علاج جديد لترميم مناطق الدماغ المتأذّية، وبالتالي علينا التركيز على هذه الخلايا الصغيرة فقد تكون المفتاح وبداية الطريق نحو علاج الكثير من الأمراض التي تهدّد حياتنا.

* الخلايا الدبقية: الخلايا غير العصبية التي تنتمي إلى الجهاز العصبي، تدعم الخلايا العصبية وتقوم بأدوار مختلفة.


ترجمة: رغد سليمان
تدقيق: أسمى شعبان
المصدر