تطوير وسيلة جديدة في مجال موانع الحمل الذكرية


ولكن ما هي هذه الوسيلة وما العوائق التي تواجهها؟

نوع جديد من موانع الحمل الذكرية القابلة للعكس قد اجتازت أحد أهم العقبات في طريقها مؤخرًا، بعد أن نجحت بالوقاية من الحمل لعام كامل عند أحد أنواع القردة يدعى بـ (المكاك الريسوسي- Rhesus Monkeys).

ويُعرَف هذا المانع الجديد بـ (فازلجيل- Vasalgel)، ويعمل عن طريق اعتراض الأنبوب الذي تتدفق عبره النطاف «الأسهر وهو أحد القنوات الناقلة للنطاف» بواسطة مادة مرنة إسفنجية هلامية. وتسمح هذه المادة بمرور سوائل الجسم المهمة ماعدا النطاف، وبهذا فالرجال لا يزال باستطاعتهم نظريًا القذف ولكن بدون أن يتسببوا بالحمل. ومن المهم معرفة أن التجارب على الحيوانات أثبتت أن هذه الطريقة قابلة للعكس تمامًا، ولا تتطلب من الرجل سوى أخذ حقنة طويلة الأمد.

وقد قام الباحثون في أحدث التجارب على قردة الريسوس بحقن 16 ذكرًا بالغًا بالفازلجيل، ثم تُرِكوا مع 3 إلى 9 إناث بالغات خصبات لموسم تكاثري واحد على الأقل، وبقي سبعة من القرود الذكور لمدة عامين مع الإناث.

 

 

ولم تُسَجَّل أية حالة حمل بعد حقن الفازلجيل، بغض النظر عن حقيقة أنهم تُركوا في بيئة مفتوحة تُوفر لهم عدد غير محدود من الشريكات الجنسيات. وطبقًا لتجارب سابقة على الحيوانات لم تُسَجَّل أية اختلاطات أو مضاعفات لاستخدمه كما لم يتفاعل الجهاز المناعي للقردة معه بشكل سيء.

وفي الواقع فإن هذه التجربة صغيرة جدًا والنتائج لم تُقارن مع مجموعة الـ «Control Group»، لذا لا نستطيع القول على وجه التحديد بأن هذا المنتج يعمل تمامًا لدى القرود. ويناضل الباحثون بانتظام لتكرار النتائج في تجارب الحيوانات على البشر.

ولكن اعتمادًا على هذه النتائج وعلى نتائج سابقة أجريت على الأرانب، فالتحضيرات الآن تُجرَى لإقامة أولى التجارب السريرية وذلك طبقًا للمنظمة غير الربحية التي ترعى هذا المنتج.«Parsemus»

 

 

وتقول المنظمة الراعية أن الهدف كان بأن تتوفر هذه الوسيلة في الأسواق وبأسعار رخيصة ليحصل عليها كل رجل بحلول عام 2018، إلا أن الأمر قد يستغرق وقتًا أكثر.

فأي تقدم في هذا المجال يُشكِّل خطوة مهمة جدًا، فالرجال الآن لا تتوفر لديهم سوى وسيلتي منع حمل؛ الأولى هي الواقي الذكري والذي يحمل نسب فشل عالية تصل حتى 15%، والأخرى هي (الفاسكتومي- vasectomy) «عملية قطع القناة المنوية» وهي عملية غير قابلة للتراجع.

وعوضًا عن ذلك يختار آخرون الاعتماد على شريكاتهم في اتقاء الحمل كالحبوب الهرمونية واللوالب التي تحمل تأثيراتها الجانبية ومضاعفاتها الخاصة.

 

 

وتختبر أبحاث أخرى متعددة في مجال موانع الحمل الذكرية وسائل هرمونية أو كيميائية قد تنجم عنها تأثيرات جانبية غير قابلة للتوقع، فآخر التجارب الواعدة قد أُلغيت بسبب التأثيرات الجانبية الشديدة كالاكتئاب واضطرابات المزاج.

ويستخدم الفازلجيل مقاربة أخرى لمنع الحمل فهو يوقف تدفق النطاف فيزيائيًا بشكل مشابه للواقي أو الحجاب المهبلي، ولكن عوضًا عن الاستخدام المتكرر للواقي يُحقن الفازلجيل في القناة الناقلة ويبقى لفترة طويلة، لم تُحدَّد بدقة هذه الفترة ولهذه الغاية يجب أن تُجرى تجارب طويلة الأمد.

ولكن بما أن هذا النوع من القرود يتفاعل بشكل مشابه للإنسان مع الأدوية والعلاجات الجديدة، فيعتبر الباحثون أن هذه الخطوة إيجابية ومحفزة كخطوة أولى. وقد أثبت الباحثون مسبقًا أن الفازلجيل نجح كوسيلة منع حمل في تجربة استمرت لسنة واحدة على 12 أرنبًا دون تسجيل أي ردة فعل سلبية، وفي تجربة لاحقة وجدوا أن سبعة من الأرانب المحقونة مسبقًا بالفازلجيل عادت لقذف النطاف بشكل طبيعي بعد زوال تأثير الفازلجيل.

 

 

لكن الطريق لا يزال طويلًا أمام هذا المنتج ليثبت فعاليته، إذ أننا نحتاج إلى ثلاث جولات على الأقل من التجارب السريرية على البشر قبل أن يُنظر في الموافقة عليه من قِبَل الجهات المسؤولة. وستكون الخطوة المقبلة للفريق الباحث هو اختبار قابلية العكس لدى القرود والتأكد من عدم وجود أي مضاعفات، وفي حال نجاحه فهذا المنتج له فوائد أخرى لتنظيم النسل في حدائق الحيوانات.


إعداد: دانيا الدخيل
تدقيق: هبة فارس

المصدر