معظم منتجات المتاجر الصحيّة لا تعبر عنها حقيقة فالمُفارقةُ أن هنالكَ عددًا قليلًا جدًا من منتجاتِها تكونُ صحيّةً فعلًا، ابتِدءًا من المنتجات العُشبيّة مجهولة النقاوة والفائدة الغذائيّة وصولًا إلى المُكمّلات الغذائيّة، وعادة ما يستفيد مالكوا هذه المتاجر من ميُول الناس لفقدان الوزن أو الزيادة في نموِّ الشعر.

مؤخرًا نشرت دراستين بحثيتين تضمنتا موضوعًا بغاية الأهمية بالنسبة لسوق المنتجات الصحيّة، وهو المكمّلات البروتينية، والتي تباع عادة على شكل مسحوق من الأحماض الأمينية والبروتينات ممزوجةً مع المكوّن الأساسي -هرمون الذكورة (التستوستيرون)- وهذه المساحيق تسوق بعدة أسماء تجارية مثل (Muscle Max 500) و (Mega Monster Mass).

مبيعات منتجات كهذه تتصدر السوق مع أن نسبة متزايدة جدًا من الأبحاث تقول أنّك لا تحتاج لهذه المكمّلات إلّا إن كنت رياضيًا محترفًا وتمارس تمارين شديدة ولأوقات طويلة ومكثّفة أو في حال كنت تعاني من نقص شديد بالمغذيات كأن تعاني من المجاعة، وفي كلتا الحالتين إن الحاجة لهذه المكملات ستكون آنية فقط.

تقول الدراسات الجديدة أن أفضل ما يمكن أن تقوم به هذه المكملات هو هدرها لأموالك.

فالنفع الصغير الذي قد تجنيه من تناولها سيترافق مع مشاكل صحيّة كأمراض الكلى والعظام والقلب.

الحساب بسيط…

فعلى الرغم من كم الدراسات التي تحذّر من تناول هذه المكملات بالنسبة للأشخاص العاديين إلا أن العديد من المدربين الرياضيين الذين لا يزالون يدفعون بالمتدربين لديهم بتناولها، لأنهم لايملكون حلولًا أفضل.

من المؤكد أنّك ستحتاج لكميات أكبر من البروتين عند ممارسة التمارين الرياضية، خاصةً عندما يكون هدفك من التمارين هو اكتساب بنية عضلية وذلك من خلال تمارين رفع الأثقال أو من خلال الأنواع الأخرى من تمارين المقاومة، فعملية بناء العضلات نفسها تبدأ من الضرر الذي تسببه التمارين للألياف العضلي التي تتمزق ومن ثم تبني نفسها من جديد، الأمر الذي يحتاج كميات إضافية من البروتين.

وما لم تكن تنوي الترشح لمنافسة بطل العالم لكمال الأجسام، فإن الوجبات اليومية تمدّ جسمك بما يحتاجه من البروتين.

إليك كيف ستتمكن الرياضيات من مساعدتنا هنا وببساطة، عندما تقوم بالتمرين فإن جسمك سيحتاج نصف غرام من البروتين عن كل باوند من وزنك.

بهذا سيحتاج رياضي يزن 180 رطلًأ 90 غرامًا من البروتين يوميًا، وسيتكفل كوب من الحليب أو اللبن على الفطور، علبة من سمك التونا على الغداء (40 غرامًا منها) وست أوقيّات من شرائح اللحم على العشاء (42 غرام) بتأمين تلك الكمية من البروتين لك.

وعلى الرغم من أنّ اللحوم تعدّ مصدرًا غنيًا جدًا بالبروتين، فكل أونصة من اللحم الأحمر تحوي من 6-10 غرام من البروتين، إلّا أنه حتى النباتيون سيتمكنون من الحصول على ما تحتاجه أجسامهم –حتى في حالات التمرين الكثيف- من البروتينات عبر غذائهم.

نشرت مجلة التغذية الشهر الماضي دراسة تتبّعت أكثر من 1000 شخصٍ بالغٍ من خمسين صالة رياضية تجارية وقد نتج عن هذه الدراسة أنه حوالي نصف هؤلاء الرجال يتناولون المكملات الغذائية بشكل خاص مساحيق البروتين دون أي إشراف.

وقد أكدت الدراسة أنّ أيًّا من الرياضيين السابقين لم يكن يحتاج مطلقًا إلى تلك المكملات.

وبشكل مشابه استقصت رسالة بحثية أعدّت لنيل درجة الماجستير من قبل الباحث (مارتن فريشيت- Martin Fréchette) من جامعة مونتريال للأنظمة الغذائية لعدد من النخبة الرياضيين حيث كانت هذه الدراسة جزءًا من الدراسات الغذائية للمركز الرياضي الكندي.

وقد وجدت هذه الدراسة أن 90 بالمئة من الرياضيين كانوا يتبعون نصائح مدربيهم أو حتى أصدقائهم بتناول المكملات الغذائية وفقط 25% منهم استطاعوا شرح السبب وراء تناولهم لهذه المكملات، على الرغم من أن 80% من أولئك الذين يتناولون المكملات الغذائية يتبعون نظام غذائي جيد يؤمن لهم حاجاتهم من البروتين.

وما يثير القلق حقًا هو انتشار هذه العادة بين الشباب في سنٍّ مبكّرةٍ.

فقد وثقت دراسة أجريت عام 2008 نشرت في مجلة (بحوث القوة والتكييف- Journal of Strength and Conditioning Research) كيف أن المكملات البروتينية شائعة بين الرياضيين في المدارس الثانوية، الذين يتناولون هذه المكملات بناء على نصائح زملائهم أو مدربيهم بحجّة أن البروتين هو القوّة.

الوقود المزيف

يعاني نسبة ضئيلة جدًا من الأمريكيين من نقص البروتين، فالبالغ غير الرياضي يحتاج بالمتوسط لـ 60 غرامًا فقط من البروتين لذلك فالناس الذين يضيفون بودرة مصل اللبن أو الصويا لطعامهم، في الواقع لا يضيفون أي قيمة غذائية فلن يحصل ازدياد في البنية العضلية لديهم عكس عداد السعرات الحرارية الذي سيبدأ بالارتفاع.

وعلى الرغم من أنه لا توجد أي دراسة بحثية تؤكد وجود مخاطر قصير الأمد ناتجة عن تناول المكملات البروتينية إلا أنه عادة ما يترافق تناولها مع مشاكل صحية متمثّلة بالقصور الكلوي، وهشاشة العظام، وأمراض القلب.

والسبب في ذلك هو أن الفائض من الأحماض الأمينية المتناولة سيتواجد في الدوران العام وسيتم استقلابها إلى البولة ومستقلبات حمضية.

وهذه المستقلبات تشكّل عبئًا على الكلى كونها تطرح عبرها، بالإضافة إلى أنها تقوم بتخريب العظام كونها تعمل على سحب الكالسيوم منها.

هذا وقد شرحت بعض الدراسات الحديثة كيف أن البروتين الزائد من الممكن أن يتسبب بالالتهابات وزيادة مخاطر انسداد الشرايين.

بعض أنواع مساحيق المكملات البروتينية تحتوي على أكثر من 100 غرام من البروتين في الحصة الواحدة، هذا بحدّ ذاته يشكل 400 سعرة حرارية، غير أن المواد الإضافية الموجودة ضمن هذه الحصة قد ترفع عدد السعرات إلى قرابة الـ 1000 سعرة حرارية.

يرى بعض لاعبي كمال الاجسام أنهم بحاجة الى غرام من البروتين لكل رطل من وزن الجسم، اعتمادًا على شدة التدريب.

إن كنت من مستخدمي المكملات الغذائية فحاول تناولها أثناء أو بعد التمرين مباشرة حيث أن تلف العضلات حينها سيحتاج لهذه البروتينات لعملية الإصلاح.

نهاية الأمر يجب أن ننوه إلى أنّه على الرغم من استخدام كلمة (وقود) أثناء التسويق لهذه المكمّلات، إلا أنّ هذا التعبير لا يمتّ للصحة بصلة، فالجسم لا يستخدم البروتين كمصدر للطاقة إلا إن كان في حالة مجاعة، وأنت بالذات لن تكون تعاني من مجاعة أو نقص الغذاء إذا كانت لديك الرفاهية الكافية للذهاب إلى الصالة الرياضية.


  • ترجمة: حلا مخللاتي
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • تحرير: جورج موسى
  • المصدر