وفقًا لإحدى الدراسات الجديدة، قد يكون الأشخاص الذين تستجيب عقولهم بقوّةٍ للمكافآت أقلّ عرضةً لبعض الآثار السلبيّة مثل الحرمان من النوم، وكذلك ترتبط قلّة النوم بالاكتئاب؛ إذ أنّه يُعتبر عرَضًا لها وعاملَ خطرٍ لاضطراب الصحّة العقليّة.

ولكن قالتِ الدراسة التي نُشرت في الثامن عشر من أيلول الماضي في مجلّة علم الأعصاب إنّ كلُّ شخصٍ يعاني من مشاكل النوم لا يعاني بالضرورة من أعراض الاكتئاب.

وبدلًا من ذلك، ووفقًا لما ذكره كبير الباحثين في الدراسة (أحمد الحريري)، أستاذ علم النفس وعلم الأعصاب بجامعة ديوكيبدو، فإنّ الاختلافاتِ في كيفيّة استجابة الناس للتجارب الإيجابيّة «تؤدّي دورًا وقائيًّا صغيرًا ولكنّه ملحوظٌ» في وقف أعراض الاكتئاب المصاحبة لمشاكل النوم.

 

بمعنى أنّ هؤلاء الذين لا ينامون جيّدًا ونشاطاتهم الدماغيّةَ أكثر استجابةً للمكافآت يكونون أقلَّ عرضةً للاكتئاب من أولئك الذين – أيضًا – لا ينامون جيّدًا ولكنّ نشاطاتِهم الدماغيّةَ أقلُّ استجابةً للمكافآت.

وقال (الحريري) لموقع «لايف ساينس»: «إنّ مدى امتلاكك لدماغٍ حسّاسٍ للمكافآت والاستجابة لها يحُول دونَ الربط بين قلّة النوم والاكتئاب».

ولدراسة دور استجابة الدماغ للمكافآت في الصلة بين قلّة النوم والاكتئاب، أجرى الباحثون مسحًا دماغيًّا على أكثرَ من 1100 طالبٍ جامعيٍّ.

وقبل أن يتمَّ مسحُ أدمغتهم، ملأ الطلاب بعضَ الاستبيانات حول مزاجهم ونومهم في الليل.

 

طلب الباحثون من الطلاب خلال المسح أن يلعبوا لعبةً بسيطةً بحيث يمكن للباحثين قياسُ النشاط في منطقةٍ من الدماغ في «المخطّط البطنيّ-Ventral Striatum» المسؤول عن المكافآت.

وتابع (الحريري): «إنّ المخطّط البطنيَّ هو بمثابة «محور تعلّم المكافأة»؛ وهو مصمّمٌ لمعرفة السلوكيّات التي تؤدّي إلى المكافآت وتعزيزها».

وفي هذه اللعبة – التي استغرقت حوالي 6 دقائق – طلب الباحثون من الطلاب أن يخمّنوا ما إذا كان الرقم على بطاقة اللعب أكبرَ أو أصغرَ من 5، وكلما كان التخمين صحيحًا حصلوا على المزيد من المال.

حينها يأتي دور الباحثين، فإن حصل الطالب على ردود فعلٍ إيجابيّةٍ – «مهلًا، تخمينك كان على حقّ!» – يلاحظ الباحثون كيف استجاب المخطّط البطنيّ.

(وبالمثل عند الإجابات الخاطئة، إذا حصل الطلاب على ردود فعلٍ سلبيّةٍ).

 

وخلُص الباحثون مثلما قال (الحريري)، إلى أنّه كلّما ازدادت استجابة دماغ الشخص لمكافأةٍ (أو لإخبارهم أنّهم حصلوا على الجواب الصحيح)، قلّ احتمال أن يُظهِرَ الشخص علاقةً بين قلّة النوم وأعراض الاكتئاب.

وقد أظهرت دراساتٌ أخرى أنّ المخطّطَ البطنيَّ يلعب دورًا هامًّا في مجموعةٍ من أعراض الاكتئاب تسمّى «أنهيدونيا-Anhedonia»، وقال (الحريري) في صدد هذا إنّ الأنهيدونيا هي في الأساس «كلمةٌ تعني فقد المتعة»، وأيضًا أشار إلى أعراضٍ مثل عدم حبّ الأنشطة التي كانت تُعامَل كمكافأةٍ ممتعةٍ، وعدم وجود حافزٍ للمشاركة في الأنشطة عامّةً.

وتابع: «النشاط في هذا المجال من الدماغ مرتبطٌ بجميع أعراض الاكتئاب، لا أعراض نقص الشهيّة فقط».

ومع ذلك، فقد أشارت الدراسة إلى بعض القيود، فقد قال الباحثون: «ما لا نملكه هو ترتيب كيفيّة حدوث الأمور».

وتابعوا: «إنّه من غير الواضح في الدراسة ما إذا كان النوم السيّئ للشخص قد جاء قبل أعراض الاكتئاب أم بعدها.

 

وكذلك نحن بحاجةٍ إلى دراساتٍ طويلة الأمد لتأكيد تلك النتائج».

وأمّا القيد الأكبر فهو أنّ البحوثَ قد أُجريَت فقط عند الشباب الأصحّاء نسبيًّا، لذلك فمن غير الواضح ما إذا كانت تنطبق على كبار السنّ وغير الأصحّاء أم لا.


  • ترجمة: فؤاد ياسر عامر
  • تدقيق: اسماعيل اليازجي
  • تحرير: ياسمين عمر
  • المصدر