الترانزستورات مفاتيح كهربائية صغيرة تعالج الإشارات والبيانات، وتشكّل قوة الدماغ لكل جهاز الكتروني ابتداءً من أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية إلى منظم الحرارة الرّقمي.

مع استمرارِ تقلّص حجم الترانزستورات أصبحت الحواسيب أصغرَ حجمًا وأكثرَ قوة وانتشارًا وأصبحنا نطمح لبناء آلاتٍ صديقة للإنسان ذاتُ شكل ومظهر قريب من الكائنات الحيّة، ولذلك نحن بحاجة إلى مواد أخرى غير تلك الصّلبة المستخدمة لإنشاء الدّارات الكهربائية.

بحثَ المهندسان الميكانيكيان كرمل ماجيدي «Carmel Majidi» وجيمس ويسمان«James Wissman» من مختبر الآلات القابلة للثني««Soft Machines Labفي جامعة كارنيجي ميلون«Carnegie Mellon» عن طرق جديدة لإنشاء اِلكترونيات ليست فقط فعّالة رقميًا ولكن أيضًا ليّنة وقابلة للثني، فبدلًا من صنع دارات كهربائية من المعادن الصّلبة كالنّحاس أو الفضّة استخدما سبيكة معدنية خاصة وسائلة في درجة حرارة الغرفة، هذه السبائك مصنوعة من خليط من الإنديوم«indium» والگاليوم«gallium» وهي بديل غير سام للزئبق ويمكن أن توضع في المطاط لجعل الدّارات الكهربائية مرنة كالجلد الطبيعي.

اكتشف كرمل وجيمس بالتعاون مع مايكل ديكي «Michael Dickey»منجامعة ولاية كارولينا الشمالية، أنَّاِلكترونيات المعدن السّائل ليست مفيدة فقط لتوصيل أسلاك الدّارات الكهربائية ولكن يمكن أيضًا أن تُستخدم لصناعة المفاتيح الكهربائية «electrical switches».

تعمل الترانزستورات السائلةعن طريق فتح وإغلاق الاتصال بين اثنتين من القطرات المعدنية السائلة، وعندما يتم تطبيق انخفاض الجهد في اتجاه واحد تتحرك القطرات نحو بعضها وتتجمع لتشكيل جسر معدني لتوصيل الكهرباء، وعندما يتم تطبيق الجهد في اتجاه مختلفتتفرق القطراتفتتشكل دارة مفتوحة، واستطاع الباحثون محاكاة خصائص الترانزستور التقليدية،عن طريق التناوب بسرعة بين حالات الدارة الكهربائية مفتوحة ومغلقة ومفتوحةمع كمية صغيرة فقط من الجهد، وتوصل الفريق إلى هذه النتيجة عن طريق استغلال ظاهرة عدم الاستقرار الشعري.

يقول ماجيدي: «نحن نرى عدم الاستقرار الشعري دائمًا ، فإذا فتحت صنبورًا بمعدل تدفق منخفض جدًا سترى الانتقال من دفق مستمر إلى قطرات فردية، وهذا ما يسمى بظاهرة عدم استقرار لرايلي».

وجبَ على الباحثين حثُ حالة عدم الاستقرار في المعدن السّائل ليستطيعوا بسهولة فصلَ قطرةٍ  واحدة إلى قطرتين، وبعدَ إجراء سلسلةٍ من الاختبارات لقطراتٍ داخل مغطس من هيدروكسيد الصوديوم، أدركوا أن عدم الاستقرار كان مدفوعًا بالاقتران بين الجهد المطبق والتفاعل الكهروكيميائي،مما سبب تدرّجًا في الأكسدة السّطحية، وانحدار التوتر السّطحي، وتمَّ فصل القطرتين أخيرًا .

يُطلق الفريق عليه اسم: ترانزستور المعدن السّائل لأنه يملك نفس الخصائص الموجودة في ترانزستور الدّارة التقليدية.

يقول ماجيدي: «تتشابه هاتان القطرتان مع أقطاب المصدر ومجاري التيار في الترانزستور ذو تأثير الحقل، وباستخدام البرمجة يمكننا تغيير شكل المعدن السائل لفتح الدارة وإغلاقها،ولإنشاء دارات قابلة لإعادة التشكيل فيزيائيًا».

إن تطبيقات هذا النوع من المواد القابلة للبرمجة لا حصر لها، فإذا كان بالإمكان برمجة المواد لتغيير شكلها، فيمكن تغيير وظيفتها اعتمادًا على إعداداتها، أو حتىإعادة ضبطها كي لا تتضرر في البيئات القاسية.

يقول ماجيدي: «يمكنُ أن تطبق هذه الترانزستوراتعلى هيكلٍ يخضع لبعض التشوّهات الفيزيائية الكبيرة، كروبوت يحاكي خصائص الطيور،فعندما ينشر جناحيه نريد للدّارات على الأجنحة أن تتشكلويُعادَضبطها لتبقى تعمل وتدعم نوعًا جديدًا من الوظائف الكهربائية».

ويمكن أن تشمل التطبيقات الأخرى للترانزستورات السّائلةالحواسيب السّائلة واستخداماتها في تكنولوجيا المستقبل.

تخيل أجهزة كمبيوتر مصغرة تتفاعل مع المواد البيولوجية لمراقبة المرض في الجسم أو استعادة وظيفة الدماغ لناجٍ من سكتةدماغية، أو روبوتات بحث وإنقاذ تستطيع تجميع أجزائها ذاتيًا عندما تتضرر.

بالرغم من أن ذلك يبدو خيالًا علميًا، لكن الحوسبة السائلة قد تصبح يومًا ما شائعة كأجهزة الكمبيوتر المحمولة اليوم.

الگاليوم«gallium»:

هو عنصر كيميائي له رمز Ga والعدد الذري 31. هو في المجموعة 13 من الجدول الدوري، وبالتالي لديه أوجه التشابه مع المعادن الأخرى من المجموعة كالألومنيوم والانديوم، والثاليوم.

الگاليوم العنصري هو معدن أزرق ناعم فضي في درجة الحرارة والضغط القياسية، صلب وهش في درجات حرارة منخفضة، وسائل عند درجات حرارة أكبر من 29.76 درجة مئوية .

الإنديوم«indium»:

هو عنصر كيميائي له رمز In والعدد الذري 49. هو في المجموعة 13 من الجدول الدوري .

الإنديوم عنصر ثانوي في خامات كبريتيد الزنك ويتم إنتاجه كمنتج ثانوي لصقل الزنك.

ويستخدم على الأخص في صناعة أشباه الموصلات، يتواجد كسبائك معدنية ذات درجة ذوبان منخفضة.

ظاهرة عدم الاستقرار لرايلي«Rayleigh instability»:

توضح كيف ولماذا ينقسم تيار من السوائل لحزم أصغر مع نفس الحجم وبمساحة سطح أقل بسبب توترها السطحي، ويرتبط ذلك بظاهرة عدم استقرار رايلي تايلور«Rayleigh–Taylor instability» وهي جزء من فرع أكبر في ديناميكية السوائل وتفككها.

فيديو توضيحي:


  • ترجمة : دلال مطر.
  • تدقيق: اسمى شعبان.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر