دخل قطاع الطاقة الشمسية، في السنوات الأخيرة الماضية، عصرًا جديدًا من الازدهار، ففي العام 2016 شهد هذا القطاع انتعاشًا كبيرًا، تجلّى بانخفاض أسعار الألواح الشمسية، وظهور الأسقف المبتكرة من الطاقة الشمسية للمنازل والسيارات، بالإضافة إلى إنارة الطرق وتغذية جزيرةٍ بأكملها بالكهرباء وذلك باستخدام الطاقة الشمسية.

وهذا ليس كل شيء، إذ يرى تيري لوبيرك-Thierry Lepercq رئيس قسم البحوث والتكنولوجيا والابتكار في شركة الطاقة الفرنسية Engie SA أنه في غضون السنوات القليلة القادمة سنشهد ثورةً في قطاع الطاقة الشمسية.

وأضاف لوبيرك، في مقابلةٍ له مع مجلة Bloomberg، أن الحصول على طاقةٍ مجانيةٍ شبه لانهائية بات في متناول الأيدي.

مع العلم أنه لا يستند في حديثه هذا إلى أي قلق بيئي، بل إنه يتحدث من منظور مادي فقط.

وقال لوبيرك إن المنحني البياني للطاقة الشمسية، وبطاريات التخزين، والسيارات الكهربائية وكذلك السيارات التي تعمل بالهيدروجين، بالإضافة إلى الأجهزة المحمولة، يُنبِئُ بارتفاعٍ كبيرٍ في الاعتماد على كُلٍّ منها.

وأضاف أن الهيدروجين يبقى الحلقة المفقودة في نظام يعتمد 100% على الطاقة المتجددة، إلا أنه لدينا اللبنة الأساسية من التكنولوجيا التي ستساعدنا على الوصول لهدفنا من إستخدامه قريبًا.

ويعتقد لوبيرك أنه من المحتمل أن تنخفض أسعار الطاقة الشمسية إلى ما دون 10 دولار لكل ميغا واط ساعي ( حوالي سنت أمريكي واحد لكل كيلو واط ساعي)، وذلك في الأماكن المشمسة من العالم. في حين أنه من المتوقع انخفاض أسعار النفط كنتيجةٍ لازدهار الطاقات المتجددة، إذ قال لوبيرك إنه حتى لو استمر الطلب على النفط في الصعود حتى عام 2025، فإنه من المحتمل أن ينخفض سعره إلى 10 دولار أمريكي، وذلك في حال تنبأت الأسواق بانخفاضٍ كبير في الطلب على النفط.

وأضاف أنه مع طرح الشركات المزيد من السيارات الكهربائية، أخذت محطات الشحن الكهربائية تزداد تدريجيًّا، وازداد عدد المدن التي تمنع السيارات التي تعمل بالبنزين أو الديزل، وهذا يؤكد أن تحولًا هائلا سيحدث تدريجيًّا.

وقال إن الأيام التي كان ينظر فيها الناس إلى مصادر الطاقة المتجددة على أنها مكلفة للغاية باتت طيّ النسيان. بل إننا أصبحنا نتجنب مصادر الطاقة التقليدية التي تعتمد الفحم، والتي من الممكن أن تصبح أكثر تكلفةً في المستقبل.

وفي الحقيقة، فإن لوبيرك ليس وحده من يتنبأ بالأسعار المحتملة للطاقات المتجددة، والطاقة الشمسية على وجه الخصوص، إذ نشر المنتدى الاقتصادي العالمي مؤخرًا تقريرًا يوضّح فيه الكلفة المنخفضة للطاقة الشمسية مقارنةً بكلفة الوقود الأحفوري.

وجاء في هذا التقرير ما يلي:

《في السنوات الأخيرة، أحرزت الطاقات المتجددة-بالأخص الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تقدمًا هائلًا في الكفاءة، يكفي لضمان التنافس الاقتصادي، وفي الكثير من الحالات المتزايدة تحقيق التكافؤ في الشبكة (أي التساوي في التكلفة، بحيث يوجد طاقة بديلة تكون تكلفتها مساويةً أو أقل من تكلفة الطاقة الكهربائية)، وعلى سبيل المثال، فإن متوسط تكلفة الكهرباء لإحدى محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، والتي لم يكن مرغوبًا بها، ولم تكن أيضًا قادرة على التنافس إلى حدٍ كبير قبل خمس سنوات فقط، قد انخفضت بنسبة 20% للمعدل السنوي المركب، الأمر الذي لم يجعلها فقط قابلة للتطبيق، بل أصبح الإقبال عليها أكبر من الفحم في الكثير من بلدان العالم.》

وكما ذكرنا سابقًا، فإن هذا كُلًّه يعود إلى الاستخدام المتزايد للطاقة الشمسية، بالإضافة إلى الجهود المبذولة من الدول والهيئات الخاصة على حدٍّ سواء، إذ نشهد اليوم تشييد البنى التحتية للطاقة الشمسية على نطاقٍ واسع من العالم، فأصبح لدينا مزرعة تستخدم الطاقة الشمسية ومياه البحر لزراعة المحاصيل، وقد أنشأنا أكبر محطة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية، كما تمكّنا من استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل حواسيب خارقة (supercomputers) ، وفي غضون السنوات القليلة المقبلة، ستزداد الطرق التي يتم فيها على الاعتماد على الطاقة الشمسية بشكل أفضل.

نحن الآن نسير بخطى ثابتة نحو مستقبلٍ تتوفر فيه طاقة شبه لانهائية مجانًا.


  • ترجمة : محمد غيث بغدادي
  • تدقيق: م. قيس شعبية
  • تحرير: بشار الحجي
  • المصدر