مِن المثير للدهشة أنّنا نسيءُ فهمَ شيءٍ جوهريّ في حياتنا مثل عملية النوم، وإلى زمنٍ قريبٍ لم نكن قادرين حتى على الإجابة الشافية على سؤال »لماذا ننام؟ .«

مؤخرًا، قام (ماثيو واكر-Matthew Walker)، أستاذ علم النفس والأعصاب في جامعة كاليفورنيا، بنشرِ كتابه المعنون: »لماذا ننام: فهمٌ أوفى لقوّة النوم والأحلام«.

أمّا الآن، لدينا إجاباتٌ أوضح للسؤال أعلاه، فنحن ننام لننشط جهاز المناعة في أجسامنا، ولضبطِ مستويات الهرمونات، وخفض ضغط الدم، وتنظيف الدماغ مِن السموم…إلخ.

ورغم معارفنا المتراكمة عن موضوع النوم، فما يزال هناك الكثير مِن الخرافات المرتبطة به؛ منها ما شاعَ بسبب قصورٍ عن فهم الأهمية الكبرى للنوم؛ ومنها ما تم ترويجه بواسطة جهاتٍ تجاريةٍ لبيعِ منتجاتِها (المساعِدة) على نومٍ أعمق ليلًا.

إليك أهمّ الخرافات، والحقيقة العلميّة التي تنقضُها:

1. بإمكان أيّ أحدٍ أن يتحوّل إلى شخصٍ يستيقظُ باكرًا:

لربما مرّ بكُم الكثير مِن الادعاءات الصارخة بهذا الخصوص، وبأنّكم إذا استيقظتم في الرابعة صباحًا ستجمعون المجد مِن أطرافه.

ولكنَّ الحقيقة ليست بهذا التبسيط، فهناك الكثير مِن العوامل التي تؤثّر على طبيعةِ نوم الشخص؛ إذا ما كان من الذين ينهضون باكرًا، أو مِمّن يسهرون ليلًا، أو وسطًا بينهما، فالساعة البيولوجية الخاصة بكلّ شخصٍ تتغيّر مع مرور الأيّام، وتتأثّر بعواملَ مِنها ضوء النهار والمورّثات.

ويقول بعضُ الباحثين إنّ معظم الناس يستطيعون تنظيمَ ساعتهم البيولوجية إلى حدٍ ما، ولكن ليس بمقدور الجميع أن يفرضوا على أجسامِهم النهوض باكرًا بنجاح.

2. يكفي أحدنا أقلّ مِن سبعِ ساعاتِ نومٍ كلّ ليلة:

إذا احتجتَ إلى فنجان القهوة ليُبقيكَ مستيقظًا في الصباح، فهذا يعني أنّك لم تنل القسطَ الكافي مِن النوم.

ويرى بعضُ العلماء، ومنهم البروفيسور واكر، بأنّكم إذا رغِبتُم في قياسِ كمية ساعات النوم التي تحتاجونها فِعلًا، فكل ما عليكُم فِعلُه هو الخلود للنوم كلّما شعرتُم بالتعب، والاستيقاظ عفويًا دونما منبّه، وعلى مدار أسبوعٍ كامل.

وتُثبتُ نتائج بعض الأبحاث أنّ غالبية البشر يحتاجون مِن سبعِ إلى تسعِ ساعاتٍ من النوم كلّ ليلة -ولأسبابٍ بيولوجية- هُناك مَن يحتاجون لأكثر مِن ذلك من الوقت، وهناكَ مَن يكفيهم أقلّ.

3. أقصى ضررٍ يُمكن أنْ يُحدِثه عدم النوم لوقتٍ كافٍ هو التعب:

إنَّ عدم الحصول على القسط الكافي مِن النوم يُسبّب قائمةً طويلةً مِن المشاكل الصحيّة، بما فيها مشاكل الذاكرة، ومخاطر الإصابة بالسرطان، والاكتئاب والقلق، وأمراض القلب، والزهايمر.

4. ليس هناك أثرٌ سلبيٌّ للشخير سوى أنه مُزعِج:

يمكن للشخيرِ أنْ يكونَ مؤشرًا على الإصابة بمرض »انقطاع النفس النوميّ«، وهو اضطرابٌ قد يؤدي لمشاكلَ صحية أكبر بمرور الوقت.

وفقًا لعيادة كليفلاند: » ما يسبب الشخير انخفاضُ تدفق الهواء، الأمر الذي قد يُجهِد القلب ويسبب مشاكلَ مرتبطة بالأوعية الدموية، ويرتبط كذلك بزيادة الوزن«.

لحسن الحظ، هذا الاضطراب قابلٌ للعلاج، لذا يُنصَح بمراجعة الطبيب المختص.

5. بإمكانك تعويض ما فاتك مِن النوم خلال العطلة:

لو أنّك أمضيتَ أسبوعًا دون نومٍ كافٍ، قد تظنّ أنّك تستطيع تعويض ما فاتَك في أيام العطلة.

لسوء الحظ، يشرحُ عالم الأحياء الزمنية (تيل رونيبيرج -Till Roenneberg ) في كتابه »الزمن الداخلي«، بأنّه مِن الأفضل في هذه الحالة أن نتركَ أجسامنا على النمط الذي تعوّدته، مالم يستبدّ بنا الشعور بالحرمان مِن النوم؛ عندها بإمكاننا النوم لعدة ساعات.

6. بإمكان حبوب النوم حلّ المشكلة:

من السهل جدًا التسليمُ لإغراء حبوب النوم بالنسبة لشخصٍ يصارعُ الأرق، ولكنَّ خبراء النوم يحذّرون أنّ ما يمرُّ به الذين يأخذون تلك الحبوب، ليس نومًا طبيعيًا.

ويشرح البروفيسور واكر في كتابه أنّ الذين يأخذون الحبوب المنوّمة ليسوا في حالةِ نومٍ، بل في حالةٍ مخدرة.

بالإضافة إلى ذلك كلّه، متى توقّف الشخصُ عن تناول تلك الحبوب، سيعود إلى دورةِ الأرَق السابقة، ممّا سيدفعُه إلى تلك الحبوب مرةً أخرى.

7. النهوضُ باكرًا والقيام بالتمارين أفضل بكثيرٍ مِن التأخر في النوم:

ما مِن شكٍّ أنّ التمارين الرياضية ذاتُ أثرٍ إيجابيٍّ على الصحة، بل تساعدُ على النوم بشكلٍ أفضل.

ولكنَّ الخبراءُ يحذّرون من إجبار الجِسم على تركِ النوم للقيام بالتمارين الرياضية، فالنوم بحدّ ذاتِه عمليةٌ لترميم الجسم.

حتى إنّ العضلات لها ساعتها البيولوجية كذلك؛ فإِن لم تكُن متيقظًا، فالأمر نفسه ينطبق على عضلات جسمك.

8. يبتلعُ الشخصُ عدّة عناكبَ سنويًا خلال النوم!

هذا الأمر شبه مستحيل، فنحن نُصدِرُ أصواتًا خلال نومنا، وتهتزُ أجسامنا كذلك، وهو الأمر الذي سيُخيف أيّ عناكب في الجوار!، ويذكر بعضُ الخبراءُ أنّ هذا مثالٌ آخرُ عن مدى تصديق البعض بسذاجةٍ لأي شيءٍ يشيعُ كحقيقة.

9. يتمثّل الأرقُ في عدم القدرة على النوم فحسب:

وفقًا للمؤسسة الوطنية الأمريكية للنوم، فالأرق لا ينحصرُ في عدم القدرة على النوم، فهناك بعضُ المظاهر الأخرى للأرق، كعدم القدرة على النوم بعد الاستيقاظ باكرًا، ومنها الاستيقاظ عدة مراتٍ خلال الليلة الواحدة، ومنها الاستيقاظ بشعورٍ غير مُريح.

10. إذا استيقظت ليلًا، يُستحسن بقاؤك في السرير:

يقول الخبراءُ إنّ هذا الأمرَ يصحّ إذا كنتَ مرتاحًا، وقد يساعدُك البقاءُ في السرير على العودة إلى النوم.

أما في حالِ شعرتَ بالضيقِ والتملمُل، فينصحُك الخبراءُ أن تفعلَ شيئًا آخر متجنبًا أي نشاطٍ قد يحفّز استجاباتٍ عاطفية (كشاشة الكومبيوتر، أو الهاتف الجوّال، أو التلفاز).

وينصحون أيضًا بقراءة كتابٍ أو شربِ كوبٍ مِن الشاي.

11. لا ضرر في مشروبٍ كحوليٍّ قبل النوم:

يعود تاريخُ هذه الفكرة الخاطئة إلى أيّام إساءة فهْم النوم، وتُثبِتُ الأبحاث أنّ بعض الكحول قبل النوم قد يسهّل في عملية الخلود إلى النوم، لكنه سيحرمكَ مِن الراحة باقي الليلة.

12. تساعُد المكمّلات الغذائية التي تحتوي الميلاتونين على النوم:

أليس الميلاتونين هرمونًا طبيعيًا ينظّم عملية النعاس والنوم؟

إذن، لا بُدّ وأنّ المكمّلات الغذائية التي تحتوي الميلاتونين ستفيد في النوم، ولكن للأسفِ فإنّ الأبحاث المُجراة على هذه المكمّلات ليست مشجّعة.

13. لا ضيرَ في استخدام الجوّال بعد حجب الضوء الأزرق المنبعث منه:

لابد وأن الجميع قد سمِع عن الضوء الأزرق المنبعث مِن شاشات الجوّال، والذي قد يُبقينا مستيقظين كونه يحجب فرز هرمون الميلانين الذي يدفعنا إلى النوم.

وقد أدّى ذلك إلى موجةٍ عارِمةٍ مِن التطبيقات وشاشات الحماية والنظارات التي تقي مِن ذلك الضوء الأزرق.

قد يكون في ذلك شيءٌ مِن الصحّة، ولكن الخبراءَ يحذّرون من أنّ استخدام الجهاز المحمول ذاتَه قبل النوم يسبب ضررًا يرتبطُ بمشاكل النوم.

14. لا يحلمُ البعض:

لربما لا يتذكرُ البعضُ أحلامَهم، ولكن الأمر المؤكّد هو أنّ الجميع يحلمون.

لا تقتصر الأحلام بالضرورة على مرحلة (حركة العين السريعة)، رغم أنها المرحلة التي تشهدُ أكثرَ أحلامِنا وضوحًا، وذلك وفقًا للبروفيسور واكر.

ولقد ذكر واكر أيضًا أنّنا عندما نحلم، نقوم بمعالجةِ العواطف والتجارب التي مررنا بها خلال اليوم، وهو أمرٌ مهمٌ للصحة العاطفية والعقلية، لأنَّ الأحلام مرتبطةٌ كذلك بحلّ المشكلاتِ والإبداع البشريّ.


  • ترجمة: رامي أبو زرد
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر