رصد العلماء جزيئات عضوية كبيرة غنية بالكاربون تخرج من الشقوق على السطح الجليدي لقمر إنسيلادوس، باستخدام بيانات قياس الطيف الكتلي من مركبة الفضاء كاسيني التابعة لوكالة ناسا.

ويعتقد علماء معهد أبحاث ساوث ويست أن التفاعلات الكيميائية بين الجسم الصخري للقمر والمياء الدافئة للمحيط تحت سطحه مرتبطة مع هذه الجزيئات المعقدة.

وقال الدكتور كريستوفر غلين المتخصص في كيمياء الفضاء الخارجي: «بُعثنا إلى الحياة من جديد بواسطة القمر إنسيلادوس.

وكنا سابقًا نرصد أبسط الجزيئات العضوية التي تحتوي على عدد قليل من ذرات الكربون فحسب، ولكن حتى ذلك كان مثيرًا للاهتمام.

أما اليوم، فقد وجدنا جزيئات عضوية ذات كتل تزيد عن 200 وحدة ذرية، وهي أثقل من الميثان بعشر مرات.

وبوجود الجزيئات العضوية المعقدة المنبثقة من المحيط المائي السائل لقمر إنسيلادوس، فهذا القمر هو الجرم الوحيد مع الأرض، الذي نعرف أنه يحقق كل المتطلبات الأساسية للحياة كما نعرفها.»

وأخذت مركبة الفضاء كاسيني قبل مغادرة المدار في سبتمبر عام 2017، عينات من المادة المنبعثة من باطن سطح القمر إنسيلادوس، وحلل علماء معهد أبحاث ساوث ويست الغبار الكوني، وأجروا قياسات بمطياف الكتلة الأيونية والمحايدة داخل كل من الغبار والحلقة E التابعة لزحل، والتي تكونت من الحبيبات الجليدية الهاربة من جاذبية إنسيلادوس.

وأضاف غلين: «تواصل مركبة الفضاء كاسيني حتى بعد نهاية رحلتها تعليمنا عن أهمية إنسيلادوس في تقدم مجال علم الأحياء الفضائية في عالم المحيطات.

وتوضح هذه الورقة البحثية قيمة العمل الجماعي في علم الكواكب، إذ تعاون فريق تحليل الغبار الكوني CDA، وفريق مطياف الكتلة الأيونية والمحايدة INMS، للوصول إلى فهم أعمق للكيمياء العضوية للمحيطات تحت سطح القمر إنسيلادوس بصورة أفضل من مجموعة بيانات واحدة فحسب.»

وأثناء تحليق كاسيني قرب إنسيلادوس في أكتوبر 2015، اكتشف مطياف الكتلة الأيونية والمحايدة الهيدروجين الجزيئي عند تحليق المركبة الفضائية عبر عمود الغبار.

وقدمت التحليقات السابقة دليلًا على وجود المحيط تحت سطح القمر الذي يحيط بباطن صخري.

ويُعتقد أن الهيدروجين الجزيئي في عمود الغبار مكون من التفاعل الجيوكيميائي بين الماء والصخور في البيئات الحرارية المائية.

وقال الدكتور هنتر ويت، أحد الباحثين الرئيسيين في معهد أبحاث ساوث ويست: «يوفر الهيدروجين مصدرًا للطاقة الكيميائية التي تدعم الميكروبات التي تعيش في محيطات الأرض قرب الفتحات الحرارية المائية.

وبمجرد تحديد مصدر غذاء محتمل للميكروبات، فالسؤال الذي يجب أن نطرحه هو: ما هي طبيعة الكائنات العضوية المعقدة في المحيط؟ وتمثل هذه الورقة الخطوة الأولى في فهم تعقيد الكيمياء العضوية بصورة تفوق توقعاتنا!»

وأضاف غلين: «لنتائج الورقة البحثية أهمية كبيرة للاستكشاف المستقبلي.

ومن الممكن أن تحلق مركبة فضائية في المستقبل عبر عمود غبار إنسيلادوس، وتحلل تلك الجزيئات العضوية المعقدة باستخدام مطياف الكتلة عالي الدقة لمساعدتنا على فهم تكوينها.»


  • ترجمة سرمد يحي.
  • تدقيق: جورج نعوس.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر