هل يمكن لقرصٍ من الأسبرين يوميًا أن يعالج ألزهايمر؟ هل الأمر بهذه البساطة؟

فقد اقترحت دراسةٌ جديدةٌ أنه يوجد بعض الأمل في أن يساعد الأسبرين -الذي يُعد واحدًا من الأدوية الأكثر استخدامًا في العالم- في علاج بعض جوانب المرض المدمر للدماغ (ألزهايمر).

لقد اكتشف العلماء أن الأسبرين يعمل بآليةٍ دون ذريّة معينةٍ في المخ تمنع تكوّن (لويحات أميلويد – Amyloid plaque) و(سائل دبق – sticky blobs) من البروتينات حول خلايا الدماغ، والتي يُعتقد أنّها السبب الأوّلي لمرض ألزهايمر طبقًا للدراسة الحديثة التي أُجريت على الفئران.

كشفت التجارب على الفئران في الدراسة أن الأسبرين يحفز قدرة الليزوزومات (التي تُعدّ نوعًا ما مشابهةً للخلايا التي تعالج مخلفات الخلية وتُعيد تدويرها) على إزالة لويحات أميلويد أو منعها من التشكل في المقام الأول.

وقال الباحثون الذين نشروا نتائجهم في الثاني من يوليو لهذا العام في دورية neuroscience: «يجب على الأسبرين أن يكون له نفس التأثير على ألزهايمر الذي يصيب البشر كما على الفئران».

مرض ألزهايمر هو أكثر أنواع الخرف انتشارًا، وهو مرضٌ مخّي مُتَرَقٍّ (تصاعديّ) يصيب ستة ملايين أمريكي تقريبًا، وهو سادس الأمراض التي تؤدي إلى الوفاة بين جميع البالغين في الولايات المتحدة، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

لا يوجد علاجٌ له، وإن الأدوية أيضًا لم تحقق سوى نجاح محدود جدًا في إبطاء تقدّم المرض.

الأسبرين المعروف أيضًا بـ (أستيل حمض السالسيليك) دواءٌ معقول الثمن، وله تاريخ استخدامٍ آمن بجرعاتٍ منخفضةٍ طوال قرنٍ من الزمن بصرف النظر عن تهيجٍ محتمل للمعدة وخطرٍ ضئيل لنزيف باطنيّ.

كثيرٌ من البالغين يتناولون جرعةً صغيرةً من الأسبرين يوميًا كمذيبٍ خفيفٍ للدم لمنع النوبات القلبية.

حقيقةً، في دراسةٍ واسعةٍ أُجريت على العديد من المواطنين عن الأسبرين وصحة القلب وُجد أنّه يمكن للأسبرين أيضًا أن يُخفض خطر الإصابة بألزهايمر ولو بشكلٍ معتدل.

وقد نشر باحثون صينيّون في مارس لهذا العام تحليل ميتا الإحصائيّ (تحليلُ نتيجة بحثٍ عن طريق دمج نتائج عدد من الأبحاث المُستقلّة) في جريدة frontiers in aging neuroscience عن طريق مراجعة 18 دراسة على مستوى السكان، ووجدوا أن الاستخدام المنتظم لـ (مضادات الالتهابات الاستيروئيديّة – NSAIDs) بما فيها الأسبرين مرتبطٌ بمخاطر أقل لتطور مرض ألزهايمر بنسبة عشرين بالمئة في المتوسط.

بناءً على العلاقة المحتملة بين الأسبرين والوقاية من مرض ألزهايمر -والتي لوحظت للمرة الأولى منذ عقدٍ أو يزيد- فإن الباحثين في المركز الطبي لجامعة راش بشيكاغو أعدّوا تجارب استلزمت إعطاء الأسبرين لفئران مصابة بألزهايمر، وتطبيق الأسبرين مباشرة على خلايا مخ الفئران التي نمت في المختبر.

يقول كاليبادا باهان، مؤلف الدراسة الرائدة وأستاذ العلوم العصبية بجامعة راش: «اتضح أنّ كلا النهجين -سواء داخل الجسم أو في المختبر- يمنع أو يعكس العلامات البيولوجية لمرض ألزهايمر».

يشرح باهان: «يُنشط الأسبرين مستقبلًا خلويًا يُسمى PPARα، والذي بدوره يضبط بروتين (TFEB – المُنظم الرئيسي للنشاط الليزوزومي)».

باختصار، فإن الأسبرين يُساعد الخلايا في محو الحُطام الخلوي والذي يشمل البروتينات المُكوّنة للويحات أميلويد.

وقد أضاف باهان لمجلة :Live Science «نتوقع أن نرى نفس النتائج في خلايا المخ البشري».

في الواقع، تضبط أدويةٌ أخرى مثل gemfibrozil الذي يخفض الدهون الثلاثية في الدم (والمعروف تجاريًّا باسم Lopid) بروتين TFEB أيضًا، لكن الأسبرين آمنٌ بما فيه الكفاية ليكون متاحًا دون وصفةٍ طبيّةٍ وله آثارٌ جانبيةٌ أقل.

قالت راجيني راو، الأستاذة الجامعية بقسم الفيزيولوجي بجامعة Johns Hopkins بمدينة بالتيمور والتي لم تكن مشاركة في البحث: «تُقدم الدراسة الحديثة تفسيرًا ميكانيكيًّا عظيمًا للتأثيرات الوقائية للأسبرين على المستوى الخلوي والنماذج الحيوانية».

ومع ذلك، فقد لاحظت أنّه لم يكن واضحًا من الدراسة ما إذا كانت درجة التحسّن في إزالة الأميلويد سوف تُترجم إلى وظيفةٍ أفضل للمخ.

إن نتائج الدراسات الوبائية عن استخدام الأسبرين للخرف متباينةٌ بحق كما قالت راو لمجلة Live Science، فبينما هناك مؤشراتٌ للحماية إلا أن بعض الدراسات فشلت في تأكيد ذلك.

لسوء الحظ، هذا هو الحال بالنسبة لكل دواءٍ يُستخدم في تجارب مرض ألزهايمر، فأكثر من 99% بالمئة فشلت في التطبيق، هذا السبب في أنّ كل أبحاث مرض ألزهايمر تُعدّ تحديًّا خاصًّا.

وقال باهان: «على الرغم من أن الأسبرين آمنٌ نسبيًا، إلا أنّه ينطوي تحت بعض المخاطر عندما يُستخدم يوميًا، ويجب ألا يستخدم عَرضًا (بطريقة غير منتظمة) كطريقة غير مُثبتة لعلاج ألزهايمر أو منعه»، وأضاف أنه يمكن للأسبرين أيضًا تحفيز النشاط الليزوزومي.

لابد من وجود مُستقبلات PPARα، وبالتالي فإن الأسبرين لن يؤثر في أيِّ مُصابٍ يفتقر إلى ما يكفي من مستقبلات PPARα، ما يشرح النتائج المتضاربة للدراسة على مستوى السكان.


  • ترجمة: أسماء علي داوود
  • تدقيق وتحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر