أمرت هيئة المحلفين في ولاية ميسوري الأمريكية شركةَ جونسون آند جونسون Johnson & Johnson بدفع 4.69 مليار دولار كتعويض لاثنتين وعشرين امرأةً يزعمن أنّ منتجات بودرة التالك-Talcum powder تسبّبت بإصابتهنّ بسرطان المبيض.

وصرح محامي تلك السيدات «مارك لانييه»: «بعد مداولات دامت ثماني ساعات، منح المحلّفون النساء تعويضاتٍ بمبلغ 550 مليون دولار و4.14 مليار دولار أخرى كتعويضات جزائية».

وكانت هناك ادّعاءات أنّ شركة الأدوية العملاقة قد باعت منتجات على شكل مساحيق ملوّثة بالأسْبَسْت-Asbestos – ارتبط وجود تلك الملوّثات في بودرة التالك في الماضي بحدوث سرطان الرئة- ورغم ذلك، هناك الكثير من الجدل حول ما إذا كان من الممكن أن يؤدّي مسحوق التالك إلى الإصابة بسرطان المبيض.

وصرّحت شركة جونسون آند جونسون في بيان لها أنّها تشعر «بخيبة أمل عميقة جراء هذا الحكم».

وصرّحت أيضًا: «جونسون آند جونسون لا تزال واثقةً من أنّ منتجاتِها لا تحتوي على مادة الأسبست ولا تسبّب سرطان المبيض، وتعتزم متابعة جميع العلاجات الاستئنافية المتاحة».

وتستكمل الشركة دفاعها: «كلّ حكم ضدّ جونسون آند جونسون في هذه القضية والتي مرّت بعملية الطعون قد تمّ إبطاله، والأخطاء المتعدّدة الموجودة في هذه المحاكمة كانت أسوأ من تلك الموجودة بالمحاكمات السابقة التي تمّ إبطالها».

لعقود من الزمن، استخدِم مسحوق التالك على الأطفال. وتستخدمه النساء أحيانًا، خصوصًا في المناطق التناسلية لامتصاص الرطوبة وتقليل الروائح.

ووفقًا للشكوى المقدَّمة العام الماضي في محكمة دائرة مدينة سانت لويس، استخدمتِ النساء بشكلٍ روتينيٍّ مسحوقَ جونسون المخصّص للأطفال الرضّع واستحمامهم (مسحوق ماصّ للجسم)، ليصبح «مسحوقًا لأغراض النظافة الأنثوية».

وقالوا إنّهن في وقتٍ لاحقٍ أُصِبن بسرطان المبيض.

وفي أعقاب الحكم الذي صدر مؤخّرًا، قال محامي السيّدات إنّ القضية أدّت إلى أول حكم سرطان مبيض بسبب مادة الأسبست في الولايات المتّحدة.

وقال لانييه في البيان الصحفي: «على مدار أكثر من 40 عامًا، قامت شركة جونسون آند جونسون بإخفاء أدلّة وجود الأسبست في منتجاتها».

ويضيف محامي السيدات: «نأمل أن يحظى هذا الحكم باهتمام مجلس إدارة الشركة وأن يدفعهم إلى إعلام المجتمع الطبّي والجمهور بشكلٍ أفضلَ بالعلاقة بين الأسبست والتالك وسرطان المبيض، يجب على الشركة سحب مسحوق التالك من الأسواق قبل التسبّب في مزيد من الألم والضرر والموت الناتج عن ذلك المرض الرهيب».

ويقول لانييه: «تبيع شركة جونسون آند جونسون المساحيق نفسها في مجموعة نشاء الذرة الرائعة المأمونة. إذا أصرّت الشركة على الاستمرار في بيع التالك، فيجب عليها وضع علامة تحذيرٍ جديٍّ على تلك المنتجات».

لكنّ جونسون آند جونسون قالت في بيانها إنّ المحاكمة كانت «عملية غير عادلة في جوهرها»، مشيرةً إلى أنّ معظم النساء لم يكنَّ من ولاية ميسوري حين تمّ الاستماع إلى شهاداتهنّ.

وأضافت الشركة أنّ الحكم «الذي منح المبالغ نفسها بالضبط لجميع المدّعين بغضّ النظر عن وقائعهم الفردية، والاختلافات في القانون المعمول به، يعكس أنّ الأدلّة في القضية كانت مشوّشةً ببساطة بسبب التحيّز والتعصّب في هذا النوع من الإجراءات».

ذكرت «لوري ماغينلي» من صحيفة واشنطن بوست أنّ هناك جدلًا حول احتمالية قدرة بودرة التالك على التسبّب بسرطان المبيض، مع اعتقاد العديد من الخبراء، بما في ذلك الباحثون الحكوميون، أنّ الأدلّة ضعيفة.

التالك هو معدن يُستخدَم في مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية، وفقًا لما ذكرت ماكغينلي.

ووفقًا لجمعية السرطان الأمريكية، قد يحتوي التالك في شكله الطبيعي على مادة الأسبست، والتي قد تتسبّب عند استنشاقها الإصابةَ بسرطان الرئتين. ومع ذلك، هناك تساؤلات حول ما إذا كان التالك الخالي من الأسبست، وهو الشكل المستخدم في المنتجات الحديثة، يشكّل مخاطرَ مماثلةً، وفقًا للجمعية.

وفيما يتعلق بسرطان المبيض، على وجه الخصوص، ذكرت جمعية السرطان الأمريكية أنّ الدراسات قد أظهرت نتائج مختلطة، «بعض الدراسات يشير إلى زيادة طفيفة في المخاطر وبعضها لا يُبلغ عن أيّ زيادة».

وصرّحت الجمعية: «بالنسبة لأيّ امرأة، إذا كان هناك خطر متزايد فمن المرجّح أن تكون الزيادة الإجمالية صغيرةً للغاية».

وينصّ المعهد الوطني للسرطان على أنّ «وزن الأدلة لا يدعم الارتباط بين تعرّض المناطق التناسلية للمرأة للتالك وزيادة خطر الإصابة بسرطان المبيض».

وتشرح «لوري ماكغينلي»: بدأ الجدل حول التالك منذ عقود. في أوائل السبعينيات، اكتشف العلماء جزيئات التالك في أورام المبيض، وفي عام 1982، ذكر الباحث في جامعة هارفارد «دانيال كرامر» وجود صلة بين مسحوق التالك والإصابة بسرطان المبيض.

وقد تبعت دراسته عدّة حالات أخرى توصّلت إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان المبيض بين المستخدمين المنتظمين لبودرة التالك.

وقد أصبح كرامر، الذي نصح جونسون آند جونسون في إحدى المراحل بوضع تحذير على منتجاتها، شاهدًا خبيرًا متكرّرًا للنساء اللواتي يقاضين الشركة.

استخدمت أبحاثه وكثيرون آخرون دراسة الحالات والشواهد-Case-control approach: طُلب من مجموعة من النساء اللواتي شُخِّصن بسرطان المبيض ومجموعة أخرى سليمة أن يتذكّرن نظامهنّ الغذائي السابق وأنشطتهنّ، وتمّت مقارنة النتائج بين المجموعتين بعد ذلك.

يقول النُقّاد إنّ هذا النوع من الدراسات لها عيوب خطيرة، ولا سيما «تحيّز الاستذكار»، فقد تنسى النساء ما فعلْن أو، إذا شُخِّصن بالسرطان، قد يبالغن عن غير قصد في تقدير استخدامهنّ للمادة المشبوهة. قد يكون الأشخاص الذين ليس لديهم مرض خطير أقلّ حماسًا لتذكّر التفاصيل.

ثلاث دراسات أخرى – استخدمت الدراسات الحَشْدية-Cohort – لم تجد أيّ رابط إجمالي بين التالك وسرطان المبيض.

وخلافًا لدراسات الحالات والشواهد، بدأت هذه الجهود مع مجموعة كبيرة من النساء اللواتي لم يكن لديهنّ سرطان وتمّت متابعة سير صحتهنّ، مع تسجيل المشاركين ما كانوا يفعلون في الوقت الحقيقي.

ويقول معظم العلماء إنّ نتائج هذا النهج أقوى لأنّها لا تخضع لتقلّبات الذاكرة. وأكّدوا على أنّنا بحاجة إلى المزيد من الأبحاث والدراسات في هذا المجال.


  • ترجمة: علي أبو الروس
  • تدقيق: إسماعيل اليازجي
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر