ليسا كوكبين ولا نجمين!

قد يكون الخط الفاصِل بين الكوكب والنجم أدق ممّا نعتقد.

الأقزام البنية هي أجسام سماوية أكثر ضخامة من الكوكب، لكنّها ليست ضخمة بما يكفي لتكون نجومًا.

اكتشف علماء الفلك قزمين بنييّن هائلين يتحديان فهمنا للتطوّر النجمي، ويُطلقون عليهما -Epsilon Indi B and C- ، هذا وبحسب التقديرات الجديدة التّي تُصنِّفهما بأنّهما أضخم 70 مرة من كتلة المشتري، فهما يقتربان حقًا من إمكانية أن يُصبحا نجمين.

لكنّ لمعانهما الخافِت يشير إلى أنّهما بالتأكيد ليسا نجمين حتى الآن، ما أجبر الفلكيين على إعادة النظر في مِقدار ثِقَل الجسم بالضبط حتى يلمع عند الاندماج النووي.

تتميز الأقزام البنية غالبًا بكونها نجومًا باهتة، ليس بإمكانها امتلاك المواد اللازمة للجاذبية لتسليط ضغط خارجي كبير على ذرات الهيدروجين وإشعال فرن نووي.

حاليًا، يُعتقد بأنَّ الأقزام البنية لها حد أعلى من الوزن يبلغ حوالي 70 مرة كتلة المُشتري. كما وأنّ هناك فرصًا عديدة في أن تبدأ في اللمعان.

لكنّ هذا الاكتشاف يقترح بأنّه قد لا تكون هذه هي القضية.

نظام Epsilon Indus– الذّي اكتُشِف عام 2003 داخل كوكبة -Indus-  والذّي يبعُد حوالي 12 سنة ضوئية، يتكون من نجم تابِع رئيسي صغير يبلغ حوالي ثلاثة أرباع كتلة شمسنا، وزوج من الأقزام البنية.

كما وتمّ مؤخرًا اكتشاف جسم في حجم المُشتري يدور حول ذلك النجم، والذي يُصنَّف حاليًا بكونه الكوكب الخارجي الأقرب من نظامنا الشمسي من نوعه.

كان الفلكيون قد حَسبوا في السابق كُتَل أكبر ثلاثة أجسام والتّي تُكوِّن النظام بناءً على كمية الضوء المنبعثة منها.

كما وتنبأت عمليات الرصد الأولية المبنية على التصوير بالأشعة تحت الحمراء والمنظار الطيفي منخفض الدقة، أنّ كتل الأقزام البنية ستكون حوالي 47 و28 مرة كتلة المُشتري، (بهامش خطأ 25٪؜).

لكنّ باحثي معهد (كارنجي – Carnegie) للعلوم في واشنطن سلكوا هذه المرة نهجًا مختلفًا بعض الشيء، إذ أنّهم راقبوا الاهتزازات بدلًا من ذلك.

في هذه المحاولة الجديدة، استخدم الباحثون بيانات من دراستين طويلتي الأمد وهُما (البحث عن كواكب فلكية في معهد كارنجي – Carnegie Astrometric Plant Search) وبحث مرصد كرو تولولو في تشيلي Cerro Tololo Inter-American Observatory باستخدام التزيّح (التخاطل)  Parallax  من قبل اتحاد أبحاث النجوم القريبة Research Consortium of Nearby Stars.

بالإضافة إلى ذلك كان باستطاعتهم الوصول إلى قياس أكثر دقة لكتلة كل من القزمين البينيين عن طريق الرسم التفصيلي لأقل الحركات للجسمين خلال خلفيتها الكونية. وكما يبدو فإنّ التوقُّعات الأولية كانت غير صحيحة إلى حدٍّ ما.

يُعتقد الآن أن -Epsilon Indi B- يبلغ حوالي 75 ضعف كتلة كوكب المشتري.

تُعد هذه الكتل، بالطبع، فوق ذلك الحد البالغ 70 مرة كتلة المُشتري الذي يضعه العُلماء عامةً لتصنيف الأقزام البنية.

إنّ وضع رقم دقيق لهذا الحد الخيالي ليس أمرًا بسيطًا. ففي العام الماضي تمّ إعادة تصنيف جسم ضخم والذّي يبلغ حوالي 90 مرة كتلة المشتري من نجم قزم أحمر بارد نسبيًا إلى قزم بني دافئ.

السؤال المهم هنا هو ما إذا كان هذا الجسم النادر يُمثل حدًا فعليًا أو أنّه حالة شاذة ما. كما كان الحال من قبل.

نشأ -goliath SDSSJ0104+1535- هائل الحجم أيضًا من مزيجه الأصلي من الهيدروجين والهيليوم.

الطبيعة ليست مرتبة ومُنظَّمة، لذا فإنّ أيّ نموذج مفيد في تطور النجوم سيتطلَّب مشاهدات وافرة لتشكيل صورة واضحة، مع أخذ تطورها وتكوينها بعين الاعتبار.

يقول الكاتب الأول للدراسة، سيرجي ديتريش: «بجمع المعلومات معًا، فإنّ نتائجنا تُشير إلى أنّ النماذج الموجودة حاليًا بحاجة إلى المُراجعة».

بالإضافة إلى دراسة كُتلتي القزمين البنيين، اقترح الباحثون سيناريوهات مختلفة تشرح حياة تِلك الأجسام النجمية الفرعية الهائلة على أمل صنع نماذج أفضل للتنبؤ بتطورها.

مع هذه الاكتشافات الجديدة، يُصبح الهامش المحيط بنقطة التحول أضعف من أيّ وقت مضى.

كما ويضيف ديتريش: «لقد أدركنا أنّ أثقل الأقزام البنية وأخَف النجوم قد تمتلك اختلافات طفيفة في الكتلة فحسب، لكنّ بالرغم من ذلك، مُقدَّر لكلٍ منها حياة مختلفة – حيثُ يسير إحداهما نحو الخفوت والبرودة، بينما تلمع الأخرى لمليارات السنين».

هناك صعوبة بالغة تكمن في الكشف عن الأقزام البنية والتعرُّف عليها، تمامًا مثل الفحم المشتعل بالأمس في ميدان النيران المشتعلة.

رغم ذلك، بإمكان معرفتنا لمدى انتشار هذه الأنواع من الأنظمة الشمسية المظلمة أن تخبرنا بقدر كبير عن إمكانية الحياة في الكون.

تقول إحدى الباحثات المشاركات، أليشيا واينبرجر: «نحن مهتمون بما إذا كانت النجوم والأقزام البنية موجودة دائمًا بنفس النسبة في مناطق تشكُّل النجوم، الأمر الذّي بإمكانه أن يُساعدنا في فهم صلاحية مجرتنا لاستضافة حياة بشكل عام».

كانت لدينا حقًا آمال كبيرة في تِلك الشموس الضعيفة. لقد اقتربت كثيرًا، لكن لا يزال أمامها الكثير للمرور به.


  • ترجمة: بسام محمد عبد الفتاح
  • تدقيق: آية فحماوي
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر