في المملكة المتحدّة، عائلة لديها قصة طويلة عن العنف والصحة السيّئة والخصوصية الطبيّة قد بدأت مراحل دعوى قضائيّة يمكن أن تُغيّر مجال الرعاية الواجبة والتي يُدين الأطباء بها للعامّة بطريقةٍ لا رجعة فيها.

ففي آخر التطورات، فازت امرأة – لم يُذكَر اسمها لأسبابٍ قانونيّة – بحقّ مقاضاة الأطباء المسؤولين عن والدها، وموعد المحاكمة في شهر نوفمبر العام القادم. لكن أصول قصة مرض وموت هذه العائلة غير المحظوظة ترجع إلى أكثر من عقد.

ففي عام 2007، أُدين والد المرأة بالقتل غير العمد مع تقليل المسؤولية (نظرًا لحالته العقليّة) عندما أطلق النار وقتل زوجته.

بعد عامين من إرساله إلى السجن، بدأ الأطباء في التشكيك باحتمالية إصابة الرجل بمرض هنتنغتون، وهو مرض قاتل وتدريجيّ يصيب المخ ويسبب تلفًا جسديًّا وإدراكيًّا مؤديًا إلى جنون وموت مبكّر في معظم الحالات.

وبافتراض أن مرض هنتنغتون لديه الفرصة بنسبة 50٪؜ لينتقل عبر النسل، نصح الأطباء الرجل أن يخبر ابنته- صاحبة الدعوى – وبناته الأُخريات عن حالتهن الوراثيّة المحتملة. لكنه رفض ،قائلًا للأطباء: «أنّه قلقٌ من أن تعلم بناته باحتمالية إصابتهن بمرض هنتنغتون، ويشعر أنّه من الممكن أن يقتلن أنفسهن أو يقمن بالإجهاض».

احترامًا لحقّه في الخصوصيّة، أبقى الأطباء حالته سرًا، بالرغم من وجود دليلٍ بأنّه لم يكن في كامل قواه العقليّة عند اتخاذ هذا القرار. لكن في شهر يونيو من عام 2010، لاحظ أخصائيّ اجتماعيّ أنّه لا يعتقد بأنّ الأب قادرٌ على استيعاب آثار مرضه، السرعة المحتملة لتدهوره، أو تأثيره عليه وعلى عائلته. من خلال هذه النقطة، كان سرّه واحدًا من تأثيراته المرغوبة، فقبل شهرين، في إبريل 2010، أنجبت إحدى بنات الرجل. ولكن بعد ذلك اكتشفت المرأة بالصدفة حالة والدها وقامت بفحص نفسها.

في عام 2013، ظهرت نتائج الفحوصات، وشُخِّصت المرأة بمرض هنتنغتون، ويبيّن هذا التشخيص أنّ ابنتها الصغيرة تحمل خطر الإصابة بالمرض عندما تتقدم في العمر.

قالت المرأة لصحيفة التايمز في عام 2015: «أنا أعيش كلّ يوم وأعلم أنّني أحمل جين المرض. طفلتي أيضًا تحمل فرصة 50٪؜ في وراثة هذا المرض وسوف تُجبَر على العيش بهذا الإرث.. لم أكُن أريد أبدًا أن يلحَق بها هذا يومًا بعد يوم، هي مَنْ تجعل الحياة تستحق العيش، في هذه اللحظة الحياة عظيمة ونحن سُعداء، ولكن المستقبل مخيف».

في ضوء موقفها هذا، قاضت المرأة المستشفى المسؤول عن رعاية والدها، قائلةً بأنّهم كانوا يدينون لها بحقّ الرعاية وأنّهم فشلوا بسبب إهمالهم في نصحها عن حالة والدها الصحيّة، على الرغم من أنّه عبّر عن رغبته في الاحتفاظ بسرّ حالته الصحيّة عن عائلته.

في عام 2015، أسقطت المحكمة قضية المرأة، على أساس أنّها لم تكن مريضة بالمستشفى، وأنّ الأطباء لا يدينون لها بحقّ الرعاية، وليسوا مجبرين أن يقوموا بإعلامها هذه المعلومات؛ لأنّ فعل ذلك سيقلل من علاقة الخصوصيّة بين الطبيب والمريض.

في العام الماضي، في الاستئناف، نظرت محكمة الاستئناف في القرار مرّة أخرى، واضعة في نظرها هذه الظروف الخاصة، وقد يتضرر بعض الأشخاص بسبب فشل إخبارهم عن معلومات المريض الصحيّة، فيجب أن يكون هناك واجب على الأطباء بإخبارهم .

بسبب قرار محكمة الاستئناف، سوف تُسمَع هذه القضية مرّة أخرى في عشيّة العام، وهذا السؤال الصعب عن قانون ، وأخلاقيّات وحقوق المريض سوف يُقرَر.

قالت هذا باحثة الأخلاقيّات والمجتمع آنا ميديلتون من ويللكم جينوم كامبس في جامعة كامبريدج لصحيفة الجارديان: «وهذا بإمكانه حقًا أن يغيّر طريقتنا في الطِّبِّ ، لأنّ هذا كلّه عن واجب الأطباء في إبلاغ أقارب المرضى عن نتائج الفحوصات الجينيّة وإذا كان هذا الواجب سيتم وضعه في صورة قانون».

إذا تمّ الإقرار بتواجد مثل هذا الواجب بالفعل ، فإنّ هذا سيخلق مشكلاتٍ جديدة – ليس فقط التهديد بمبدأ خصوصية المريض، لكنّه سوف يفرض نظامًا والذي بإمكانه إعلام الأشخاص بأنهم يعانون من مرضٍ خطيرٍ لا يعلمون شيئًا عنه ( حتى دون اللجوء إلى نصيحة طبيّة ).

قالت ميديلتون: «من المحتمل أنّ هؤلاء الأقارب لن يكونوا سُعداء بتعقّبهم وإعطائهم معلومات غير مرحّب بها عنهم، على سبيل المثال، أن تخبرهم بامتلاكهم جينًا يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بمرض سرطان الثدي، فأنت لا تستطيع أن تُرجِع مثل هذه المعلومة بمجرد إعطائها لهم».


  • ترجمة: نسمة عادل
  • تدقيق: لبنى حمزة
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر