حبوب منع الحمل الفمويّة غيّرت العالم حرفيًا، إذ سُمِح للمرأة بالتحكُّم بخياراتها الإنجابيّة، وهذا ما أدّى إلى ثورةٍ ثقافيّة.

لكنّ شيئًا مُصمّمًا لتعطيلِ هرمونات الجسم لن يعملَ بنفس الطريقة مع جميع النساء، وربما لا يعمل على الإطلاق بالنسبة إلى بعضهن.

تقول ديبورا باتسون؛ وهي طبيبةٌ ممارسة، وأخصائيّةٌ في أمراض النساء، والمديرةُ الطبيّة لتنظيم الأسرة في نيو ساوث ويلز: «بمرور الوقت قد تتغيَّرُ الاستجابة حتى عند المريضة ذاتها».

وتضيف باتسون: «ليس هناك نوعٌ مثاليٌّ من موانع الحمل لتستخدمها السيدة طيلة حياتها الإنجابيّة، فما يناسبها بعمر 18 عامًا سيختلف عن المناسب في عشرينيّات العمر أو بعد إنجابها لطفلٍ أو عندما تقترب من سن انقطاع الطمث».

تريدين البدء في تناول حبوب منع الحمل؟ أو تأخذين حبوب منع الحمل وتريدين معرفة المزيد عنها؟

إليكِ بعض المعلومات التي يمكنك التزوُّد بها قبل الذهاب لطبيبك:

كيف تعمل؟

تتقلّب الهرمونات على مدار الدورة الشهرية، فتبدأ بمستوياتٍ منخفضةٍ نسبيًا من الإستروجين والبروجسترون، ثم ترتفعُ مستويات هرمون الإستروجين، وتبلغُ ذروتها عندما يطلق المبيض بويضةً.

بمجرّد إطلاق البويضة، يتحوّل جريب البويضة إلى الجسم الأصفر، الذي يحرر البروجسترون.

وبعد الإباضة، يتناقص الإستروجين قبل أن يرتفع مرة أخرى قليلًا.

هذان الهرمونان يساعدان بطانة الرحم على زيادة سماكتها.

إذا بقيت البويضة غير ملقحة، يتوقف الجسم الأصفر عن إنتاج البروجسترون، وتنخفض مستويات هرمون الإستروجين مرّةً أخرى، فتتساقط بطانة الرحم في فترة حيضٍ أخرى.

انخفاض هرمون الإستروجين عادةً ما يحرّض الوطاء لإنتاج هرموناتٍ تؤدي إلى نضج الجريب لإطلاق بويضة.

ما تقوم به موانع الحمل الفموية المشتركة هو الحفاظ على مستوياتٍ ثابتة من الإستروجين والبروجسترون، والتي تمنع الإباضة في نفس الوقت من خلال تحييد محرّضاتها الهرمونية، وتكثيف مخاط عنق الرحم لتمنع الحيوانات المنوية من الوصول إلى الرحم.

لكنها تفعل بعض الأشياء الأخرى أيضًا، وهنا نجد الاختلاف بين السيدات.

الأساطير ليست كلّها أساطير

هناك العديدُ من الشائعات والمفاهيم الخاطئة حول حبوب منع الحمل وما عانته بعض النساء من آثارٍ جانبية.

واحدة من تلك الأساطير هي أن حبوب منع الحمل تسبب زيادةً في الوزن، ورغم عدم وجود فرق في الوزن بين مجموعات النساء اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل والنساء اللواتي لا يتناولنها، فالأمر قد يكون أكثر تعقيدًا من ذلك.

تقول باتسون: «لا توجدُ علاقةً واضحةً بين حبوب منع الحمل وزيادة الوزن، فالسيدة قد يزداد وزنها مع أو دون استخدام حبوب منع الحمل، ولكن ننصح السّيدة بمراجعة طبيبها في حال عانت من شيء مع استخدامها لحبوب منع الحمل ولم تكن تعاني منه سابقًا».

الإشاعة الثانية هي الاكتئاب – وفي الواقع أظهرت الدراسات أن حبوب منع الحمل قد ترتبط بانخفاض المزاج، وانخفاض جودة الحياة.

تقول باتسون: «لا توجد علاقةٌ سببيّةٌ، ولا نعتقدُ أنّ تناول حبوب منع الحمل يسبب الاكتئاب، ولكن إذا كانت إحداهنّ لديها تقلباتٍ مزاجية، أو تعاني من الاكتئاب، وكانت تتناول حبوب منع الحمل، فيُرجى إخبارنا بذلك».

هناك مخاطرُ صحّيّة:

ورقة المعلومات التي تأتي مع حبوبك مكتوبٌ بها الآثار الجانبية.

قد يختفي النزيف الفوريّ والغثيان والتقرّح الحادّ مع تكيّف الجسم مع الهرمونات الجديدة.

وقد تختفي مشاكلُ أخرى، مثل الصداع والرّغبة الجنسيّة المنخفضة، إذا استبدلتِ الحبوب التي تستخدميها.

مع ذلك، هناك مخاطرُ صحيّة فعليّة ترتبط بتناول حبوب منع الحمل، وبالتالي لا ينبغي وصفها على الإطلاق بوجود هذه المخاطر.

توضح باتسون: «الخطرُ الرئيسيُّ للحبوب هو مانسمّيه (خثارُ الأوردةِ العميقة DVT)، إذ يوجد خطرٌ متزايدٌ قليلًا بالنسبة للنساء اللواتي يتناولنَ حبوب منع الحمل، أما الخطر المطلق على النساء منخفضٌ للغاية، لكنّ عملي كطبيبة هو التأكُّد من عدم وصف حبوب منع الحمل لأي مريضةٍ لديها خطرٌ أعلى للإصابة بتخثّر الدم».

هناك أيضًا خطرٌ منخفضٌ للإصابة بالسكتة الدماغية.

تشمل عواملُ خطر الإصابة بالجلطات الدموية والسكتة الدماغية: التدخين، البدانة، الذئبة الحمامية الجهازية، العمر فوق 35 عامًا، ارتفاع ضغط الدم، والنساء اللواتي يعانين من الشقيقة مع طور نسمة.

نحن نعرف أنّ حبوب منع الحمل تزيد من تخثر الدم، لكن لماذا تفعل ذلك؟ لغزٌ كامل.

ومع ذلك، وفقًا لبيتسون، تحاول شركات الأدوية تطويرَ حبوبٍ تقلل من خطر الجلطات الدموية.

يمكنك الحمل – ولا يوجد خطر على جنينك.

حتى عندما تُستخدم الحبوب تمامًا كما تقول التعليمات، فإنّها ليست فعّالة بنسبة 100٪.

لا توجد وسائلُ منع حمل متاحة لديها هذه النسبة من الفعالية.

مع الاستخدام الأمثل، تصل لنسبة فعاليّة 99.7% في منع الحمل.

بالطبع، لا أحد يُعتبر شخصًا مثاليًّا، فالاستخدام الحقيقي لهذه الحبوب يعطي فعالية 91% فقط، وهذا يعني أن 9 من كل 100 سيدة تستخدم حبوب منع الحمل سيحدث لديها حمل.

تقول باتسون: «توجد بياناتٌ جيدةٌ جدًّا من الدنمارك.. حيث كانوا قادرين على تتبع النساء اللواتي استمرّوا بأخذ حبوب منع الحمل ولم يعلمن بحملهن لفترةٍ قصيرةٍ من الزمن، لم يكن هناك أيّ زيادة في نسب تشوّهات الجنين عن السيدات اللواتي حملن دون أخذ حبوب منع الحمل».

وهذا يعني أيضًا أنه إذا كنت تفكرين بإيقاف حبوب منع الحمل لإنجاب طفل، فلن تحتاجي للانتظار ويمكنك إيقافها على الفور.

خياراتٌ أخرى متاحة

إذا كنت لا ترغبين في تناول حبوب منع الحمل أو لا يمكنك استخدامها، فهناك وسائلُ أخرى لمنع الحمل يمكنك سؤال طبيبك عنها.

وتشمل هذه الوسائل اللولب (إمّا النحاسي أو الهرموني)، أو غرسات منع الحمل أو حُقَنْ Depo Provera، وغيرها.

أهمُّ شيء، كما تقول باتسون، هو التأكّد من معرفة إيجابيات وسلبيات كلٍّ منها، وأنك تجيبين على أسئلة طبيبك بأمانةٍ ووضوحٍ قدر المستطاع حتى يتأكد أنّه لا يقدم لك وسائلَ منع الحمل الخطيرة عليكِ.

يمكنك أيضًا تصفّح الإنترنت للحصول على خياراتٍ متعددةٍ ومحاولة تضييق خياراتك ومعرفة ما قد يناسبك أكثر، قبل موعدك مع الطبيب.

وتقول باتسون: «بعض النساء يجدن حبوبًا تناسبهنّ مباشرةً، بينما تستغرق أخريات وقتًا أطول ليجدن صنف الحبوب التي تناسبهن».

اكتبي قائمة بالأسئلة قبل موعد طبيبك، وهذا سيكون مفيدًا حقًا، فهذه الحبوب ليست بحجمٍ واحد يناسب الجميع.


  • ترجمة: كنان مرعي
  • تدقيق: ماجدة زيدان
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر