كيف يحافظ جسمك على ثبات درجة حرارته؟

سواء أكنت تتنزه في الحديقة، أو تنتظر الحافلة، أو تلعب خارج المنزل، من المهم جدًّا أن تبقى دافئًا.

من حسن حظك أن عملية استقلاب الطعام الداخل إلى جسمك تشكل مدفأة داخلية.

ولكن عندما يكون الطقس باردًا، لا بد من اتّباع بعض الاستراتيجيات التي تساعد على تدفئة الجسم، وتقلل من تبديد الحرارة في الوسط المحيط.

وكلما زاد الفرق بين درجة حرارة الجسم ودرجة حرارة الوسط المحيط به، زادت سرعة فقدانه للحرارة، ما يجعل من المحافظة على حرارة الجسم تحدّيًا حقيقيًّا.

ويمكن لشخصين مختلفَين، لهما نفس درجة حرارة الجسم تمامًا، وموضوعَين في بيئتين متماثلتين، أن يعانيا من ردات فعل مختلفة. فقد يشعر أحدهما بالبرد القارس، في حين يظهر الآخر علامات الراحة.

وبصرف النظر عن هذه التجربة، يعرف العلماء اليوم أن استجابة الجسم الفيزيولوجية -بالإضافة إلى بعض العادات السلوكية، مثل ارتداء الملابس الدافئة- تحافظ على حرارة الجسم ثابتة تقريبًا، حوالي 37 درجة مئوية، ما يجعلك دافئًا.

ما يفعله جسمك:

ينقل الدم المغذيات والأوكسجين إلى كل خلايا جسم الإنسان عبر الأوعية الدموية المختلفة.

ويعمل جهاز الدوران على نقل الحرارة المتولدة في العضلات إلى سطح الجلد حيث تحرّر هناك.

عندما تدخل بيئة منخفضة الحرارة، يُعِيد جسمك توزيعَ الدم، ما يسبب زيادة تدفقه داخل الجذع، ليحافظ على ثبات حرارة الأعضاء الداخلية الأساسية.

في حين تنقبض الأوعية الدموية المجاورة للجلد، لتقلل خسارة الحرارة عن طريق سطح الجلد.

هناك طريقة أخرى لتسخين الجسم، تتمثل بتفعيل عمل العضلات؛ والذي بدوره يزيد من الاستقلاب ويرفع درجة الحرارة.

تذكّر إحدى تلك المرات التي سرت فيها في الشارع، وكان الجو باردًا جدًّا، هل تتذكّر أن أسنانك بدأت بالصرير، ويديك وقدميك بدأتا بالارتعاش؟ ردات الفعل اللاإرادية هذه ما هي إلا أساليب يتّبعها الجسم لزيادة عمل العضلات، وتحفيزها على حرق المزيد من المغذيات.

الاختلافات في وزن الجسم، وكمية الشحوم فيه، ومعدل الاستقلاب العام، قادرة على تفسير اختلاف الاستجابة لانخفاض درجة الحرارة بين الاشخاص المختلفين. مثلًا، الأشخاص النحيلون، قليلو الشحوم، يفقدون الحرارة أسرع من البدينين.

والأشخاص ضخام القامة، الذين يملكون كتلة عضلية كبيرة، قادرون على حرق كميات ضخمة من الطعام، وبالتالي تحرير الكثير من الطاقة الحرارية.

أشياء تستطيع القيام بها:

لتحافظ على حرارة جسمك، يمكنك أن تتحكّم بملابسك، وطعامك، ونشاطك الفيزيائي.

يلجأ الناس عادة إلى ارتداء المعطف، والقبعة، والقفازات. ومن الطبيعي أن زيادة ثخانة الألبسة وزيادة عدد الطبقات تزيد من الدفء.

وظيفة الملابس ليست توليد الحرارة، بل حفظ حرارة الجسم المتولدة داخله.

وخلافًا لما يظنه الناس، فإن الحرارة المفقودة من ناحية الرأس، لا تزيد عن الحرارة المفقودة من أي جزء آخر من الجسم مماثل له بمساحة السطح.

فمثلًا إذا ارتديت قبعة دون معطف، فإن كمية الحرارة المفقودة عن طريق جذعك ستكون أكبر من تلك المفقودة عن طريق رأسك.

وعند تغطيتك للجذع، ستقلل من كمية الحرارة المفقودة عن طريقه، ما يسمح للدم بنشر الحرارة للأطراف.

وإن نشاطك الفيزيائي يسبّب زيادة في حرق عضلات جسمك للمغذيات، وبالتالي إنتاج المزيد من الحرارة.

سيزيد الطعام من توليد جسدك للحرارة، وستزيد عملية حرق الطعام من حرارة الجسم. في بعض الأحيان، يتناول المخيمون وجبة طعام خفيفة قبل النوم من أجل رفع درجة حرارة الجسم خلال الليلة الباردة.

رغم أن كمية الحرارة الناتجة عن استقلاب وجبة طعام خفيفة ليست كبيرة، لكن حدّ الحرارة الفاصل بين حالة التوازن وحالة فقدان الحرارة ضئيل جدًّا.

قد تلاحظ في هذه الحالة أيضًا ميلًا للتبوّل بكثرة، وهذا ما يدعوه العلماء غزارة البول المولَّدة بالبرد-Cold Diuresis.

ويظهر هذا الأمر كأثر جانبي لتقبّض الأوعية الدموية الذي ينتج عنه ارتفاع في ضغط الدم، إذ إنّ كمية الدم نفسها أصبحت تشغل حيّزًا أصغر تسافر عبره إلى الجسم.

وإذا كنت من الناس الذين يحبون ارتداء المعطف، حتى عند شعورهم بالدفء، فعليك أن تفكير مليًّا في هذه العادة، فارتفاع درجة حرارة جسمك ستدفع الدم للوصول إلى سطح الجلد بكميات أكبر، والأسوأ من ذلك، أنك ستبدأ بالتعرق.

وعندما تخرج إلى مكان بارد وأنت هكذا، ستشعر بالبرد أكثر، نتيجة ملامسة الهواء البارد لجلدك وتبخيره لعرقك.

أفضل طريقة لتجنب هذه المشاكل هي بارتداء ملابس مناسبة، سواء أكنت داخل المنزل أو خارجه.


  • ترجمة: عيسى ضومط
  • تدقيق: رزان حميدة
  • تحرير: مازن سفّان
  • المصدر