قد تؤثر الإضافات الغذائية الشائعة على فلورا الأمعاء وتسبب زيادة معدلات القلق توجد المستحلبات في العديد من المنتجات الغذائية، تتساءل دراسة جديدة ما إذا كانت هذه المواد الكيميائية تؤثر علينا. وظيفيًا ونفسيًا، قد تحوي الكثير من أنواع الطعام هذه المستحلبات، وقد تبين في دراسة جديدة أجريت على الفئران أن هذه المكونات قد تسبب تغيرات وظيفية ونفسية.لقد حازت الإضافات الغذائية دائمًا على الاهتمام العلمي بسبب شيوع استخدامها، لذلك كان لا بد من البحث في تأثيراتها المتنوعة على صحتنا. يستخدم المصنعون هذه المواد الكيميائية لتغيير مذاق وقوام الطعام ولإطالة مدة صلاحيته؛ فيضيفون هذه المستحلبات إلى العديد من الأغذية من ضمنها بعض أنواع الخبز، والشوكولا، والزبدة النباتية، واللحوم المعالجة وغيرها.

أظهرت دراسات سابقة في هذا المجال أن هذه المستحلبات يمكنها أن تغير البيئة الجرثومية لأمعاء الفئران مسببة درجة بسيطة من الالتهاب إضافة إلى ارتفاع خطر البدانة واضطرابات الأيض. أما في دراسة أجريت على البشر، فقد تبين أن بكتيريا الأمعاء قد تتأثر مباشرة بهذه الإضافات الغذائية شائعة الاستعمال والتي تؤدي إلى الالتهابات المعوية. حديثًا، انتقل باحثون من جامعة ولاية جورجيا في أتلانتا (Georgea State University In Atlanta) إلى مستوى أعلى في هذا المجال؛ فوضعوا أسسًا لدراسة جديدة تتناول تأثير المستحلبات الشائعة مثل كاربوكسي ميتيل السللوز (CMC) (carboxymethylcellulose) وبولي سوربات 80 (polysorbate_80) (P80) على التكوين العقلي للإنسان.

الإضافات الغذائية

الإضافات الغذائية ، المستحلبات

صحة الأمعاء، الصحة النفسية

على الرغم من أن الانتقال من صحة الأمعاء إلى الصحة النفسية قد يبدو وكأنه قفزة، فإن العلماء كانوا قد وصفوا علاقة ثنائية واضحة بين الدماغ والأمعاء.
أظهرت الدراسات أنه قد يكون لصحة الأمعاء والفلورا المعوية تأثير مهم على تكويننا العقلي، كمثال؛ في دراسة أجريت عام 2011 وُجد أن علاج الفئران بالعصيات اللبنية -وهي نوع من الجراثيم المفيدة- قد يسبب نتائج ملموسة في الدماغ، خافضًا السلوك القلق. أظهرت دراسة أخرى أن الفئران التي لا تحوي فلورا في أمعائها كانت تظهر مستويات أعلى من التصرفات القلقة عندما قورنت مع مجموعة التحكم. أما في دراسة أحدث في هذا المجال، تبين أن استخدام المضادات الحيوية على الفئران في مرحلة عمرية مبكرة قد يغير بشكل كبير البيئة الجرثومية ومستويات القلق والتصرفات الاجتماعية على المدى الطويل.

كانت قد بحثت الدراسة الأحدث في هذا المجال يما إذا كانت المادتان p80 وCMC تغيران الحالة العقلية للفئران، ونشر الباحثون استنتاجاتهم في مجلة التقارير العلمية Scientific Report. أضاف الباحثون CMC و P80 إلى مياه شرب الفئران لمدة 12 أسبوعًا، ثم قاسوا التغيرات السلوكية وتغيرات البيئة الجرثومية والتغيرات الوظيفية الأخرى. شرح الباحث المساعد في الدراسة غريت دو فري Greet De Vries عملهم باختصار: «لقد طرحنا السؤال التالي: هل يمكن للمستحلبات الغذائية أن تؤثر على الحالة الالتهابية الجهازية العامة للجسم، وهل تمتد لتؤثر على الدماغ والسلوك؟ وكان الجواب نعم!».

تأثير المستحلبات الغذائية

أظهر العلماء أن المستحلبات قد أثرت على فلورا الأمعاء ولكن بطريقة مختلفة بالنسبة للذكور منها عند إناث الفئران، كذلك كانت التغيرات السلوكية مختلفة بين الجنسين. لاحظ العلماء ارتفاعًا في سلوك القلق خاصة عند ذكور الفئران، وحدث تراجع عند الإناث في السلوك الاجتماعي. إن التأثيرات الدقيقة للمستحلبات الغذائية على السلوك غير معروفة بدقة، لكن هناك بعض النظريات عن هذا الموضوع. يقول البروفيسور غريت: «إننا نعرف أن الالتهاب يحفز الخلايا المناعية المحلية لإنتاج جزيئات إشارة والتي تؤثر على الأنسجة في مختلف الأعضاء بما فيها الدماغ، وإن الأمعاء تحوي أيضًا فروعًا للعصب الحائر والذي يشكل سبيلًا مباشرًا للمعلومات إلى الدماغ». إن التغيرات الملاحظة بين الجنسين صعبة الشرح، من ناحية أخرى يؤكد العلماء أن هناك اختلافات بطريقة عمل جهاز المناعة بين الجنسين، وهنا قد يكمن حل اللغز! خطط الباحثون لمتابعة سير البحث، فكان الانتقال من الفئران إلى حيوانات أرقى ضرورة ملحة.
وفقًا الباحثين، فإن انعكاس الدراسات التي أجريت على الفئران على الإنسان سيكون صعب التحديد خاصة في مجال التغيرات السلوكية.

يقول الباحث المساعد بينويت شاسينغ Benoit Chassaing: «ندرس الآن الآليات التي تؤثر بها المستحلبات الغذائية على البيئة الجرثومية وكذلك انعكاس هذه الاكتشافات على الإنسان». ذلك كان من الملاحظ أنه من بين اختبارات القلق الأربعة، كانت ذكور الفئران التي غذيت بالإضافات الوحيدة التي أظهرت تغيرات ملموسة، كان الاختبار ذا مجال مفتوح، ووفقًا للكتّاب فإن البحث يكون حساسًا لقياس حالات القلق الطبيعية أكثر من اضطرابات القلق. خلال السنوات الأخيرة، لاحظ العديد من المتابعين أن معدلات القلق في المجتمعات الغربية في ازدياد، وارتفعت كذلك معدلات حدوث أمراض المعي الالتهابية بشكل ملحوظ، وهنا يتساءل الباحثون ما إذا كان للإضافات الغذائية دور في هذه التغيرات. يقترح الباحثون الآن أنه علينا تقييم الإضافات الغذائية من أجل تأثيرها على فلورا الأمعاء. أظهر العلم الآن ودون شك دور الفلورا المهم في صحة الإنسان، ربما قوانين السلامة الغذائية بحاجة إلى أن تأخذ دورها هنا.

ترجمة: علا سليمان   تدقيق: بيتر روماني

المصدر

اقرأ أيضًا:

هل يمكن أن يعزز حساء العظم صحة القلب ؟

هل تتخذ بكتيريا الأمعاء من دماغنا بيتًا ثانيًا؟

هل يسبب التدخين أمراضًا في الأمعاء؟