ما هي الأخلاقيات التي تتبع التعديل الجيني للأطفال ؟ ادعاء العالم الصيني المذهل بأنه أول من طور طفلًا معدلًا جينيًا في العالم جعل فجأةً الجدال الدائم حول الأخلاقيات والقدرات العلمية المستجدة حقيقيًا وعصيبًا. هل يجب على كل شيء ممكن تقنيًا أن ينفذ في الحقيقة؟ بالنسبة لمعظم الأخلاقيين الإجابة هي لا، ولكن الجزء الصعب هو: «هل يمكن منعه؟». قالت (سينثيا فلوري – Cynthia Fleury) العضو بلجنة الأخلاقيات الفرنسية: «من الواضح أن كل شيء يمكن تنفيذه تقنيًا؛ ليس مرغوبًا به أخلاقيًا»، وأضافت: «ولكنه معد هيكليًا للفشل لمواجهة ذلك في سياق المنافسة العلمية المتحررة». ولكن ما هي التوابع الأخلاقية أمام التعديل الوراثي للإنسان.

هذا سؤال قديم مثل العلم: «هل الأخلاقيات معارضة باستمرار أعقاب التقدم الذي انفتح بقوة واتخذ الأسبقية؟». من المؤكد أن هذه القضية في الصين قد جعلت النقاش في المقدمة. أصدرت اللجنة الوطنية الصحية في الصين قرارًا للتحقيق في التعديل الجيني للأطفال الذي أعلنه (هي جيانكوي – He Jiankui)، والذي ادعى فيه تغيير (الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين – DNA) لفتاتين ولدتا مؤخرًا لوقايتهما من العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسبة المسبب لمرض الإيدز.

التعديل الجيني للأطفال الأخلاقيات

التعديل الجيني للأطفال

قالت الحكومة الصينية أنها عارضت التجربة، بينما انفجر العالم العلمي في ضجة. لكن هذا الاكتشاف المزعوم لم يُتحقَق منه. وبعد رد الفعل العنيف، قال (هي جيانكوي) أن تجربته أُوقفَت واختفى من الرأي العام. قالت الدكتورة (سارة تشان – Sarah Chan) من جامعة إدنبرة: «لا يتعلق العلم الجيد فقط بتوليد المعرفة في الفراغ. السياق والعواقب ذوي أهمية حيوية، والعواقب التابعة للسماح ب التعديل الجيني للأطفال غير المسؤول قد تكون رهيبةً حقًا».

مع ذلك بالنسبة لجميع الإدانات، من المهم أن نلاحظ أن الكثير من الاعتراضات لم تكن حول مبدأ التعديل الوراثي للإنسان ، ولكن على الطريقة التي نفذت بها التجربة. على سبيل المثال: لقد نفذت خارج المؤسسات التقليدية، عن طريق عالم واحد يتصرف بطريقة يراها الكثيرون قبل أوانها بالنسبة للتكنولوجيا المستخدمة. وقد قال أنه استعمل تقنية (CRISPR)، وهي تقنية تسمح للعلماء بمسح وتبديل ألياف الحمض النووي بدقة شديدة.

لكن عواقب هذه التقنية ليست معلومةً تمامًا حتى الآن، لا سيما إذا كانت تقطيعًا جينيًا وتقسيمًا مثل الذي يُنقل من جيل إلى جيل، مع تأثيرات لا يمكن توقعها. الخوف من أن التطبيق الخاطئ لتقنية (CRISPR) قد تصنع وحوشًا. يُظهر انتهاك أخلاقي آخر في أن الهدف من تجربته كان حماية الأطفال من مرض الإيدز ولم يحاول أن يعالجهم من مرض مهدد للحياة.

في محاولة لتطوير التكنولوجيا:

مخاوف المجتمع العلمي هي إذا تم تجاوز الخطوط الأخلاقية الحمراء المؤكدة، فإن الشكوك العامة الناتجة قد تسحق مجالًا من الأبحاث الواعدة. بينما قد تؤجج تقنية (CRISPR) القلق حول مستقبل البشرية كرواية لألدوس هكسلي مباشرةً، فهي أيضًا تحمل آمالًا هائلةً في استطاعتنا معالجة الأمراض الوراثية.

التعديل الجيني للأطفال التعديل الوراثي للإنسان

التعديل الجيني للأطفال

حذرت الدكتورة (كاثي نياكان – Kathy Niakan) عالمة الأحياء في معهد فرانسيس كريك بلندن: «محاولة تطوير التكنولوجيا تخطو خطوات علمية وأخلاقية مهمة وحيوية قد تنهي الأمر بنا إلى بالعودة إلى الخلف». مع ذلك، تُظهر النظرة في حد ذاتها إلى أي مدى تطورت الأخلاقيات إلى وتيرة التغيير العلمية.

لكثير من العقود، الفكرة من تعديل جينات الإنسان كانت مهجورةً. الآن، هناك عديد من المنظمات العلمية الدولية تصور أنها ممكنة في إطار صارم. قالت (آن كامبون تومسن -Anne Cambon ) المتخصصة في علم المناعة والأخلاقيات الصحية، ورئيسة البحوث الفخرية في المركز الوطني للبحوث العلمية التابع للمجلس الوطني الفرنسي للبحث العلمي: «لا يمكنك فقط أن تقول أن شيئًا ما محظور، وهذا ما لا يمكن أن تفكر فيه مرةً أخرى».

(آن كامبون) عضوة من مجموعة أوروبية لأخلاقيات العلوم والتكنولوجيات الجديدة التي تقدم المساعدة إلى الاتحاد الأوروبي، وقالت: «من أهم النقاط في إنسانيتنا هي القدرة على التفاعل من خلال التفكير فيما يمكن تحقيقه أو من خلال ما هو ممكن من قدراتنا الفنية». قد شوهد تغير في نسبة القبول. على سبيل المثال، في مجال زراعة الأعضاء.

ومع ذلك، لا يزال الاستنساخ البشري في الوقت الحالي افتراضًا لا يمكن تحمله. وفقًا لكامبون- تومسن، هذا بسبب: «إننا نواجه صعوبةً في إظهار ميزة (طبية) في الاستنساخ». يدعو العلماء بعد العاصفة التي أحدثها تصريح هي جيانكوي إلى معاهدة دولية حول تعديل الجينات.

كما رأى (تييري ماجنين -Thierry Magnin ) رئيس الجامعة في جامعة ليون الكاثوليكية: «الموافقة على التنظيم العالمي ليس سهلًا لأن الثقافات مختلفة، ولا نفكر في البشر بنفس الطريقة في الصين كما في الغرب»، وقال ماجنين العالم الديني والفيزيائي: «يجب أن تكون الأخلاق موحدةً منذ البداية عندما تتطور التكنولوجيا، وألا ينتهي وجودها».

اقرأ أيضًا:

ترجمة: يوسف ياسر.
تدقيق: علي فرغلي.

المصدر